تمهيدا للانتخابات المزعومة القادمة في العراق طلع علينا احد الاعلاميين ليقدم توقعاته بفوز حزب الدعوة باي انتخابات ، مقدما اسبابا بعيدة كل البعد عن الواقع السياسي العراقي وواقع حزب الدعوة وهو يروج له بدعاية انتخابية مبكرة ورخيصة ، ودعونا نستعرض المسيرة السياسية في العراق منذ الاحتلال الامريكي والى يومنا الحاضر ودور حزب الدعوة المخرب فيه ، حتى يتبين لنا اي وهم هذا الذي يريد ان يسقطنا به هذا الاعلامي
لايخفى على كل متتبع لاوضاع العراق من ان الوضع الخدمي والاجتماعي
خلال فترة الحصار الامريكي على العراق كان افضل بكثير من وضع العراق الان . رغم ان الحصار الجائر على الشعب العراقي قد امتد لاكثر من عشر سنين . وقد كنا نأمل بعد كل هذه السنين ان تحل حكومة وطنية تراعي مصالح الشعب العراقي وتحقق مزيدا من الخدمات والاستقرار وتبعده عن هوس الحروب المستمرة . محل نظام الحكم السابق
الا اننا صدمنا بعد الاحتلال الامريكي للعراق بمجلس الحكم الهزيل الذي اعتمد على التقسيم الطائفي تارة والقومي تارة اخرى والذي اصبح فيما بعد سمة اساسية من سمات العملية السياسية المستحدثة عام 2003 . والاكثر من ذلك ان هذا التقسيم قد تحول الى محاصصة بين الاحزاب والكتل المشاركة في العملية السياسية بعد استلام حزب الدعوة لدفة الحكم عام 2005 وسرعان ما تحولت المؤسسات العامة الى اقطاعيات لتقسيم موارد الدولة وميزانيتها على قيادات هذه الاحزاب والموالين لها وعلى رأسها حزب الدعوة . فاصبح الشعب خارج نطاق هذه القسمة . وشرع الفساد الاداري حتى شمل الرئاسات الثلاث . كما شمل في بعض مفاصله القضاء ايضا نستثني من ذلك القضاة النزيهين النجباء الذين عانوا الامرين تحت نفوذ مجلس القضاء الاعلى والقادة السياسيين الفاسدين ، وتهديداتهم
وكان من نتيجة هذا كله ان اهل الجنوب قد عانوا من الفقر والجهل وانعدام الخدمات العامة وشيوع النزاعات العشائرية والمناطقية
اما مدن الوسط فقد ابتلوا بالتهجير وتخريب بيوتهم ومحافظاتهم بذريعة محاربة الارهاب
وقد شمل الوضع الشاذ هذا شمال العراق ايضا ، نتيجة سوء العلاقة
بين الحكومة الاتحادية و اقليم كردستان والتي توجت بالتقاطع بين الطرفين على اثر الاستفتاء المشؤوم . وقد ساءت العلاقة بينهما بعدفترة من التحالف بين حزب الدعوة برئاسة نوري المالكي والاحزاب الكردية على تقاسم السلطة والثروة والذي انتهى الى مالا تحمد عقباه بعد افلاس الدولة وقلة الموارد الكافية لتقاسمها ، والصراع على السلطة والثروة النفطية
وهذا كله من افرازات العملية السياسية البائسة التي خطط لها مجلس الحكم وعرابه الصهيوني بريمر وتوارثه حزب الدعوة مع الكتل والاحزاب المشاركة في الحكم الى يومنا الحاضر ولازال البعض يتباكى عليها باعتبارها مكسبا من مكاسب الاحتلال الامريكي للعراق . . في حين انها كانت السبب الرئيس
لتدمير البنى التحتية لكل الخدمات من الماء والمجاري والكهرباء والتعليم الاساسي والجامعي . والعزوف عن تجديد الخدمات البلدية في كل مناطق ونواحي العراق بلا استثناء نتيجة الفساد السياسي والاداري . كما حاولوا تمزيق وحدة الشعب العراقي بطرق شتى ، الا اننا نكبر حقا بعموم الشعب العراقي من الشمال الى الجنوب الذي رفض هذه النوازع التقسيمية . ونشهد الان امتناعا واصرارا من قطاعات واسعة من الشعب من استغلالهم ، او المضي قدما في تسخيرهم لتحقيق اهداف مشبوهة من خلال ديموقراطية وهمية وانتخابات مزيفة
ان هنالك مخططا معد مسبقا لكل الذي جرى ويجري الان على رؤوس
العراقيين . . فليس عفويا ابدا هذا الذي يحدث في العراق . من تخريب ممنهج للدولة والمجتمع والتفريط بارض الوطن وكرامة الشعب ايضا
ان الحكومات المتعاقبة برئاسة حزب الدعوة منذ الاحتلال الامريكي والى يومنا الحاضر قد مارست ادوارا غير مشرفة بل مهينة للشعب العراقي جميعه وليس لطائفة او قومية فقط رغم ادعاءها انها جاءت لنصرة طائفة معينة ، ولو كانت كذلك لتدلنا على اي مرفق خدمي او اقتصادي مهم قامت به في اي مدينة عراقية من الجنوب الى الشمال . . هل ادلكم على البصرة وفيها الميناء العراقي الوحيد وصاحبة اكبر آبار نفط وتعتبر العاصمة الاقتصادية للعراق ليس فيها شارع مستو يمكن السير به وحرمانها من الماء الصالح للشرب والكهرباء والمجاري والتعليم
وما ذكرناه انفا يكاد ينطبق على كل المدن العراقية
حتى بغداد العاصمة التي كانت عروس المدن في الستينات من القرن الماضي . انظروا ماذا حل بها وكأنها تعرضت الى زلزال عنيف او قصفت للتو بقنبلة ذرية وبدلا من العمل على تأسيس دولة حديثة نراهم قد
ملئوا جبوبهم بملايين الدولارات . واكثر من ذلك انهم استثمروها في دبي وعواصم العالم الاخرى ولم يستثمرونها في بلادهم على الاقل . هذا الذي اقوله تعرفونه جيدا ولكنني اذكركم به فقط حتى تدركوا حجم المؤامرات التي حيكت عليكم والنهب المستمر لاموالكم وحتى لاتخدعوا مرة اخرى باقوال كتاب مأجورين يدعون بان حزب الدعوة والاحزاب والكتل المشاركة له هم من مناصريكم
الان وبعد ان اوصلوا العراق الى مستوى الدولة الفاشلة . وظهور النزاعات العشائرية والمناطقية وانتشار السلاح خارج نطاق الدولة وضعف السلطة وغياب القانون والارتجالية في القرارات البعيدة عن النهج العلمي السليم والنهب المنظم لموارد الدولة من قبل المافيات المتحالفة مع احزاب السلطة
يحاولون اعادة انتاج انفسهم ، بنفس الحزب وبنفس التحالفات المشبوهة لاستكمال تنفيذ سياساتهم الهدامة في تفتيت وتقسيم العراق وشعبه
ان استمرار حزب الدعوة بالحكم مع التحالفات والتخندقات المشبوهة على وفق هذا النهج التخريبي سيؤدي الى الاجهاز على آخر ماتبقى من دولة وشعب عريق ساهم بحضارات عظيمة على مر العصور . فاحذروهم لان مستقبلكم ومستقبل اولادكم في خطر مابعده من خطر ولاتلتفتوا الى اولئك المروجين لاحزاب الخراب والفساد . والمرء العاقل لايلدغ من جحر مرتين