* مقارنة مع حزب البعث
كنا الى وقت قريب قبيل السقوط نشتم صدام حسين وحزب البعث ليل نهار وننعته بابشع النعوت والصفات ولانقوم او نقعد الا بلعنهم ولعن اتباعهم ومبادئهم, وكنا ندعوا الله في مجالسنا وبعيد صلواتنا وبعد قراءة دعاء كميل كل ليلة جمعة بدعاء (اللهم انا نرغب اليك بدولة كريمة تعز بها الاسلام واهله وتذل بها النفاق والله وتجعلنا فيها من الدعاة الى طاعتك والقادة الى سبيلك)..الخ ونعود الى بيوتنا مرتاحي البال من اننا حتما من اتباع الحجة المنتظر الذي سيملأ الرض قسطا وعدلا بعد ان ملئها صدام ظلما وجورا.
وكنا كثيرا ما نردد مقولة الشهيد الصدر .. لم تعرض علينا دنيا هارون الرشيد فزهدنا عنها وابيناها.. ولم يك احدا منا يشك اننا سنكون افضل من صدام حسين وحزبه الشوفيني المقيت ومن اننا سنقيم دولة العدل الالهي سائرين على درب علي بن ابي طالب (ع) ولن يظلم احد في دولتنا الالهية!! ولكن ماذا جرى يا ترى بعد 2003؟؟
ليس تجنيا على احد اذا قلت ان اكبر انجاز لحزب الدعوة انه استطاع في ظرف سبعة سنوات من حكمه ابتداءا من حكم الجعفري في الحكومة المؤقتة الى يومنا هذا ان يتحول الى نسخة سيئة من حزب البعث! فقد استغرق حزب البعث اكثر من اربعة عقود ليستلم السلطة ويحكم ويصل الى الهاوية التي انتهت باعدام القائد الضرورة صدام حسين بعد ان اسقطت الدبابات الامريكية نظام حكم البعث الصدامي في 9نيسان عام 2003, الان ان حزب الدعوة جاء برقم قياسي جديد.
ولكي اكون موضوعيا في طرحي هذا ساشير الى نقاط التشابه والاختلاف بين الحزبين مستندا على معطيات الواقع العملي وليس التنظيري او النظام الداخلي الوردي المعدل لحزب الدعوة مع الاشارة الى الابعاد الايديلوجية للحزبين والتي انعكست احيانا على سلوك ومنهجي كل منهما.
الولاء للحزب:
رغم ان الاحزاب هي وسائل لتحقيق مباديء اسمى للمجتمع كونها تجمعاتلافراد تحكمهم اليات تنظيمية تستند الى افكار ومبادي معينة يتبناها مؤسسوا هذا الحزب او ذاك فان الاحزاب التي تصنع الطغاة تتحول بسرعة فائقة من الولاء لمباديء الحزب وافكاره الى الولاء للحزب نفسه, وهكذا رأينا ابان حكم حزب البعث كيف انه من لاينتمي للحزب تصبح حياته محفوفة بالمخاطر ويسبتعد من اية مناصب حتى لو كان كفؤاً لها ويطبق مباديء الحزب بممارساته فيتعرض للتضييق والمحاربة على كافة الاصعدة ويكون ضمن دائرة المشبوهين والمتهمين بالخيانة, ذلك ان الاحزاب الدكتاتورية لاتؤمن بمبدأ الاختلاف وانما مبدأ اما معنا او ضدنا, وعلى قاعدة (ولا يجرمنكم شناَن قوم على ان لا تعدلوا) اقول ان حزب البعث كانت له استثناءات في مواقع عديدة لبعض الكفاءات واذكر ان رئيس قسمنا للهندسة الكهربائية في جامعة بغداد في الثمانينات كان مستقلا وقد حاول حزب البعث جاهدا دفعه الى الانتماء ولكن الرجل صمد وبقي في منصبه كونه كان الاكفأ ولكنه كان فعلا مستقلا ومحايدا في حين ان استاذا اخرا وكان يحمل درجة دكتوراه ايضا من بريطانيا كان معروفا بانتقاده لسلوكيات المتحزبين في الجامعات ويرفض قطع الحصص الدراسية للخروج في مظاهرت التأييد للقائد الضرورة تم اغتياله في منزله وتصفيته واُظهر الامر على انه انتحاراً.. وللامانة ايضا فان الضغوط من قبل البعث على المواطنين للانتماء بلغت ذروتها بعد اعلان الحرب على ايران فكانت البلاد في حالة حرب ولا تحتمل التهاون في المجال الامني.
ولكن ماذا عن حزب الدعوة؟ ما ان تسلق حزب الدعوة الى السلطة عن طريق الدبابات الاميركية والتملق لبول بريمر من خلال دعوات مآدب الفسنجون(اكلة ايرانية) للجعفري كما يذكر بريمر في كتابه,والتوافقات والتحالفات والمحاصصة الطائفية والولاءات لايران وغيرها حتى تحول الولاء للحزب الى غاية للحزب بدلا من كونه وسيلة لتحقيق اهداف سامية, فعلى كافة الاصعدة وفي المؤسسات التي تسلم ادارتها من ادنى مديرية الى اعلى منصب وهو رئاسة الوزراء اصبح الولاء للحزب شرطا اساسيا في اية تعيينات او تقييمات او تكليف بادارة اية ملف من ملفات الدولة واصبح البريد الداخلي للحزب المرسل الى اعضائه يؤكد على هذا الموضوع بشكل اساسي ويقدم الولاء على الكفاءة في محاولة لملئ المواقع الشاغرة في الدولة باعضاء الحزب لتكوين شبكة يعتمد عليها الحزب ليس لاجل ضمان ادارة مثلى للدولة بل لضمان فوز الحزب في اية انتخابات قادمة ولاحكام قبضة الحزب على مفاصل الدولة, وقد تعدى هذا الامر ليصل الى مفوضية الانتخابات التي حاول حزب الدعوة جاهدا محاربة رئيسها السيد فرج الحيدري كونه مستقلا ولا يتجاوب مع ضغوط الدعوة, والصاق تهمة اساءة استخدام مبلغ 180 الف دينار (160 دولار) قدمها كمكافأة لاحد اعضاء المفوضية, في حين تم اطلاق سراح فلاح السوداني وزير التجارة بكفالة 50 مليون دينار رغم ان التهم الموجهة اليه باختلاس المال العام تصل الى مليارات الدولارات. الادلة والشواهد كثيرة على تحول الولاء لحزب الدعوة الى قاعدة اساسية في عمل الدولة والمؤسسات التي تديرها الدعوة باستثناء وزارات المحاصصة فكل حزب يخول وزيره بحشر اتباعه في الوزارة وتوزيع التعيينات لتجيير الوزارة باسم ذلك الحزب وتعتبر هذه الحالة من اكبر انجازات الحزب في المرحلة الاولى من حكم حزب الدعوة.
يتبع الحلقة الثانية الشخصنة