لا أُبالغ اذا ما قلت أنَّ أرض العراق ذات طبيعة مأساوية منذ تشكلها ، فهي اول أو أقدم جزء من الأرض حلت به اقدم كارثة وقعت على وجه الأرض ممثلة بطوفان نوح (ع) الذي ذكرته الكتب السماوية وهي التوراة والأنجيل والقرآن الكريم 0
ومن هنا يمكن القول من أنّ كوارث العراق ومآسيه المدمرة لها جذور تمتد في عمق الوجود الأنساني الموغل في القدم والمسمى بعصور ما قبل التاريخ وقد كانت بدايتها مع طوفان نوح (ع) كما ذكرتُ وصولا الى حرب الـ (8) سنوات ومروراُ بكارثة الأحتلال في العام 2003م والتي الى اليوم تخيم مآسيها التي لا تنقطع على اهل العراق وارض العراق 0
اتواصل معها بكارثة حريق الحمدانية الذي حدث مساء يوم الاربعاء الموافق 27/9/2023م، واودُّ أن اقول أنَّ منطقة الحمدانية هي من اعمال محافظة الموصل والتي تقع ضمن حدودها الأدارية منطقة قرقوش أو بغديدا التي وقع فيها الحادث وهي بلدة يقطنها المكون المسيحي منذ القدم ويقال أنَّ سكانها يتحدثون لهجة حديثة من الآرامية، لغة السيد المسيح بن مريم عليه وعلى أمه السلام ، وقد زارها البابا فرنسيس في آذار/مارس 2021 خلال جولته التاريخية في العراق 0
ولقد تم استهداف المكون المسيحي في العراق من قبل عصابات القاعدة الأرهابية ومن بعد من قبل عصابات داعش من العام 2006م وهو بداية ظهور الأرهاب في العراق على يد الأردني ابي مصعب الزرقاوي الى يوم الناس هذا ، فالعراق لم يتعافَ من الأعمال الأرهابية فهي متواصلة على ارضه ولكن بشكل متقطع0
وبسبب تواصل الأعمال الأرهابية ضد المسيحيين بشكل خاص اضطرت الكثير من الأُسَرِ (العوائل) المسيحية الى مغادرة العراق الى دول اخرى ، وبصراحة يساورني شكٌّ أن حادث الحريق المروِّع والذي أدى الى وفات أكثر من120مسيحيا من الرجال والنساء والاطفال وكما أدى الى اصابة ما يقرب من (300) وهي ليست حصيلة نهائيةً واظنُّ اضافة الى شكِّي ان هذا الحادث مدبر ويشكلُّ عودة لأستهداف المسيحيين المقصود 0
لذلك أقول وأنا متأكد كلّ التأكد من أنَّ كارثة قاعة ابن الهيثم في منطقة قرقوش وهي قاعة للمناسبات المفرحة ( الأعراس وغيرها ) والتي تحولت الى مأساة محزنة إن هذه المأساة ارى أنها بفعل فاعل مع سبق الأصرار والترصد والتعمد وأنّها تقف وراءها جهات مجهولة لا استطيع تحديد هويتها الأنتمائية ولكني استطيع أن اقول أنَّ هذه الجهات معادية لمكونات التركيبة السكانية العراقية وتستهدف باعمالها الأجرامية ايَّ مكوَّن سكَّاني عراقي ، فالهدف هو إلحاق الضرر باهل العراق ونشر الرعب والخوف بين صفوف مكوناتهم بمختلف مشاربها الأنتمائية 0
وعليه فإن إلقاء اللوم على مكون من مكونات المواد الإنشائية لبناء القاعة وهو مادة الأيكوبوند فيه درجة من الصحة ولكن ليس من المعقول أن الأشتعال السريع سرعة عالية جدا في داخل بناية مغلقة ليس فيها رياح تساعد على انتشاره بهذ السرعة 0
يكون من مسؤولية هذه المادة القابلة للإشتعال بسرعة والذي أدَّى الى انتقال الحريق في ارجاء القاعة بشكل خاطف كانتقال النار في الهشيم وكذلك ما خلفه الحريق المذهل في حجم ضحايا الحادث المؤلم على مستوى الأموات والأصابات الأخرى كلها تشكل ادلَّة دامغة على أنَّ هذا الحريق قد حصل بفعل فاعل ولم يكن عشوائيا ولا عفويًّا ولا غير اراديٍّ 0
إنَّ انقلاب حدث مليئ بالسعادة والأفراح والحبور يحضره عدد غفير من المدعوين من الأقارب والأصدقاء والحبائب الى كارثة تبتلع نيرانها ضحايا يزيد عددهم على ( 400 ) ضحية ما بين قتيل ومصاب بحروق0
ولم يتمكن الناس من الهروب رغم رؤيتهم للنار وهي تقترب من كل واحد منهم لتلتهمه لا بد وان رافق هذا الحريق مواد مخدرة القيت في القاعة على الحضور دون ان يشعر بها احد وذلك من اجل تثبيط ردة فعل الناس وتخدير اجسامهم لكي تنهار الأجسام وتنشل حركتها ولا تقوى على الحركة لمغادرة مكان الحادث والهروب من الحريق 0
ولقد ذكرت مديرية الدفاع المدني في الموصل في بيان لها أن فرق الإطفاء والإنقاذ سارعت بإخراج وإنقاذ العوائل من داخل قاعة الأعراس هذه المغلفة بألواح الأيكوبوند سريع الأشتعال والمخالفة لتعليمات السلامة، ومحالة إلى القضاء حسب قانون الدفاع المدني رقم 44 لسنة 2013 لافتقارها إلى متطلبات السلامة من منظومات الأنذار المبكر ومنظومات الأطفاء الرطبة0
ومن هنا يتوجب على المحكمة الأتحادية العراقية أن تسارع الى اصدار حكم يمنع استخدام هذه المادة في الأماكن الحساسة وتعميم هذا الحكم على جميع محافظات العراق والتشديد على تطبيقه في الممتلكات العامة والخاصة 0
وعليه اقول ان مأساة الحمدانية (كارثة متعمدة ) يشترك في تحمل مسؤوليتها اصحاب القاعة والأجهزة الأمنية …