لا يختلف إثنان على حقيقة إن حُرية التعبير في وسائل الإعلام المُختلفة في العراق , هي إحدى إنعكاسات التحول (الإيجابي) الذي شهدته الساحة العِراقية بعد زوال الحكم الصدامي في عام 2003 , إلا إن هذه الحُرية الوليدة حالها كحال أي سلوك بشري لا بد لها من أن تؤطر في أطرٌ أخلاقية وقانونية تضمن صوابية مزاولتها والحد من أي إنحرافات أو إستغلالات تشهده ساحاتِها المتباينة على يد الذين يرون فيها أسهل وسيلةٍ لبلوغ أقصى غاية , آلا وهي الإساءة والتسقيط والتشويه, لمن يختلف عنهم في آي من موارد الخلاف والإختلاف , سياسية كانت أو دينية أو حتى شخصية .
ولا بد لـِنتاجات التعبير عن الرأي (المدروسة والسديدة) أن تكون متوافقة وما في الشارع المستهدف من أخلاقيات وعادات ومواقف , وإلا فإن هذا التعبير سيكون محلاً لكثير من الصدامات الشعبية والسياسية بل وحتى الرسمية , الأمر الذي يستدعي على أصحاب الرأي أن يكونوا على قدر من تحمل المسؤولية في إبداء رأيهم وتحمل ردود الأفعال والمواقف الناتجة عن إعلان هذا الرأي . خصوصاً إن كان هذا الرأي يتناول شخصية تـُعتبر عند الكثيرين من الواقعين تحت دائرة إستهداف أصحاب الرأي , رمزاً وقائداً وملهماً ومرجعاً وموجهاً .
فإدراك أصحاب الرأي بماهية الشخصية المستهدفة عند الواقع عليهم الرأي , ومضيهّم قـُدماً في تبني هذا الرأي وصوابية إبدائه لا آراه أكثر مـِن (جهلٍ مُركب) تبنى عليه الكثير من النتائج السلبية والتي من المتوقع وقوعها على متبنيه , وهذه نتيجة متوقعة بل تعتبر تحصيلاً حاصلاً وأمراً مفروغاً منه . وهذا ما كان في ما نشرته صحيفة (الصباح الجديد) والتي تناولت في إحدى أعدادها رسماً مسيئاً لشخص سماحة آية الله القائد علي الخامنئي (دام تسديده) وما نتج عن هذا الفعل من غضب شعبي وسياسي ملفت , لما لشخص السيد الخامنئي (دام تسديده) من حبٍ وودٍ وإحترام في نفوس الكثيرين من أبناء الشعب العراقي . الحقيقة التي يتغاضى عن الإعتراف بحصولها من في نفسه بغض وعداء لمسيرة الجمهورية الإسلامية الإيرانية وثورتها المباركة والتي صنعت محوراً موازياً لمحور الإستعمار العسكري الغربي والهيمنة السياسية الصهيونية والتي تربعت على عرش المشهد العربي والإسلامي منذ عقود طِوال .
إن تجربة (الصباح الجديد) القصيرة زمناً والطويلة أثراً , وبغض النظر عن التبريرات التي تشبثت بها إدارة الصحيفة , تُبين وللجميع ضرورة إصابة (المسؤولية المـُلزمة) عند إبداء الرأي وإعلان الموقف , وإقتضاء الإدراك بنتائج هذا الإبداء والإعلان . وضرورة أن يكون للدولة كلمة تحد فيها من وقوع تجارب وحوادث مماثلة قد تؤدي إلى نتائج سلبية على الصعيدين الإعلامي والشعبي لا سيما في ساحة متوترة ومتشنجة كالساحة العراقية والتي باتت وبشكل صريح حلبة للتصفيات وغرفة بـ(ثلاث جدران) بعدما هوى جدارها الغربي بفعل السموم العاتية والتي لا تجد محل لها إلا في صدور أصحاب (الجَهل المـُركب) والذين بدورهم يخوضون حرباً بالنيابة , تجاه قوى المقاومة وقياداتها في المنطقة بشكل عام .