بعد التغيرات السياسية التي حدثت في الالفية الثالثة كالربيع العربي استأنفت شرارة حروب الانابة(Proxy Wars ) حيث بدات الدول المتنامية العظمة كتركيا وروسيا وغيرها بحصد فوائد سقوط الانظمة الديكتاورية والعسكريتات التي كانت سائدة في الدول المجاورة لها ذات الثقافات الشبيهة مثل ليبيا واوكرانيا وغيرها من الدول .
والدول المتنامية العظمة هي الدولة التي بدأت تزداد قوة ونفوذ خاصة بمقتبل الالفية الثالثة واصبح لها دور اكبر في السياسة الدولية نتيجة ضعف وتدهور بعض القوى العظمى التي عهدناها وسقوط الديكتاتوريات
أما حروب الانابة ليست بجديدة فقد سمعنا بها مثلا في النصف الاخير من الالفية الثانية في الحرب الامريكية-الفيتنامية حيث كان الشيوعيون الفتيتناميون يقاتلون الامريكيين نيابة عن الاتحاد السوفياتي السابق. جديدها في الالفية الثالثة هو انها اصبحت اكثر تطورا واصبحت ليست بين الدول العظمى بل بين الدول المتنامية العظمة وتدار على اراضي الدول المجاورة عادة. وبدأت تنشط في اوقات الازمات والكوارث كالاوبئة وهذه الاخيرة (الاوبئة)بدورها بدأت تقود الى التنمر السياسي ومحاولة نسف المألوف كما حدث في كوريا الشمالية التي الغت اثناء جائحة الكورونا المنطقة المحايدة بين الكورتين وقيام الصين بالتلاعب بالنظام السياسي في هونك كونك وقيام البرلمان الروسي بتمديد فترة رئاسة الدولة.
وتقع هذه الحروب عموما اما بسبب الفراغ السياسي الذي احدثته التغيرات السياسية اوبسبب تسابق هذه الدول االمتنامية العظمة للحصول على المكاسب وربما هناك سبب ثالث الا وهو مواقعها الجغرافية الاستراتيجية كقربها من المحيطات والخلجان وكبر رقعاتها الجغرافية وتاريخها الامبراطوري.
بالاضافة الى ما سبق يرجح المحللون تفوق هذه الدول المتنامية العظمة ايضا الى كون كل واحدة منها ذات امة واحدة تقريبا (National State ) كالعثمانين والروس. ويرى البعض الاخر من المحللين ان تفوق هذه الدول يعود الى ضعف القوى العظمى وخاصة امريكا وانهيار الاتحاد السوفياتي وظهور الكوارث الطبيعية والبشرية وظهور العملاق الصيني الذي يمثل الخصم الجديد لامريكا والمساند للدول المتنامية العظمة.
والاهم من كل هذا وذاك هناك سبب مهم الا وهو التقدم الاليكتروني وتطور وسائل التواصل الاجتماعي وظهور الجيوش الاليكترونية وانتشار الاوبئة على نطاق عالمي. وكذلك بدء العد العكسي لتدهور عظمة العملاق الامريكي.
تدار حرب الانابة عن طريق تشكيل مليشيات عسكرية موالية كليا للدولة المتنامية العظمة تتقاتل مع الدولة وتخلق لادولة حيث يتم استغلال سلطات الدولة بشكل يخدم مليشات الدول المتنامية العظمة وتكون النتيجة انهيار مؤسسة الدولة . هذه المليشيات ممولة وموجهة من قبل الدولة المتنامية العظمة عادة ما تكون الدولة الجارة ومجهزة بأحدث معدات القتال وتقاد من قبل قادة كبار من الدولة المتنامية
واهداف الدولة المتنامية العظمة من حرب الانابة اما ابعاد الاعداء عنها وتكوين عمق ستراتيجي او تكوين مناطق نفوذ او حماية لمصالحها السياسية او الدينية او كلاهما او استغلال الموارد الاقتصادية لدول الجوار عادة والعمل سرا من اجل تقوية قدراتها على جميع الاصعدة. وتهذف ايضا ومن دون شك الى احياء الامجاد الماضية لاممها.
الحقيقة المرة هنا هي ان هذا النوع من الحروب قد انتشر بقدر تنامي هذه الدول القوية حاليا وحصول تكافؤ نسبي بين الدول المتحاربة في قدارتها ونفوذها.
اننا نعتقد انه ليس هناك نهاية قريبة لهذه الحروب في القريب العاجل مادامت هذه الدول آخذة في التنامي والدول العظمى بدأت تفقد سيطرتها على زمام الامور عموما وخاصة بفعل الامور السبيرانية والاوبئة.