يشغل الرأي العام اليوم قضية حرق القران الكريم والعلم العراقيّ، وما يهمنيّ في هذا المقال هو أن أبين مدى أهمية وتأثيرات حرق السفارة السويدية في بغداد على الامتين العربية والإسلامية، وليس الدوافع وراء حرق القرآن وما يُخطّط له القوم.
يثير بعض خصوم السيّد مُقْتَدى الصَّدر مِنْ مُدّعي ((الوطنية))، بأن حادثة حرق السفارة السويدية مثلبةٌ من مثالب السيّد الصَّدر، ومن سوء تصرفه وتدبيره للأمور، ومنافٍ لأبجديات المزايا الدبلوماسية المتعارف عليها.
ويتلخص هذا بدافعين هما:
الأول: ياما من اجل رصدهم من قبل الإعلام وذلك من منطلق خالف تُعرف.
الثاني: أو لحقدٍ وبغضٍ دفينين للسيّد مقتدى الصَّدر.
وفي مقاليّ هذا لستُ بصدّد الدفاع عن السيّد الصَّدر، وإنما بصدّد إبراز اهميته ولولاه كيف كان حال الأمتين العربية والإسلامية، في ظلِّ المنزلقات التي يخطّط لها القوم للمجتمع، والموبقات التي يضعها امامه.
أن الأمة بحاجة لسِّمة ((الشراسة)) التي تُمثل من ممُّيزات السيّد الصَّدر، ولولاه لأخذ العراق انعطافه لا يحمد عقباها، وهذه الشراسة تحتاجها الامة على مَرِّ العصور والدهور، وهذا ما كانت تتمتع به الشخصيات الإسلامية قديمًا ،حيث احتاجت سيف علي (ع) لسقوط المعاقل اليهودية في الحجاز، ودحر المشركين، واسكات همسات المنافقين، وإعلاء شأن الإسلام والمسلمين، كما احتاجت سيف خالد بن الوليد ـ القاتل المأجورـ(1) الذي هزم الفرس لوحدهم، والروم لوحدهم، حتى اجتمعوا عليه بجيشٍ قرابةُ النّصف مليون مقاتل، وهزمهم بالفان.
لستُ هنا بصدّد تشبيه السيّد الصّدر بخالد، بقدر تشبيه بعلي (ع)، وإنما مقصد كلاميّ إبراز أهمية الشراسة لدى قيادات الأمة، ومدى التأثير على معنوياتها إيجاباً، ومعنويات الخصوم سلباً.
أبرز ما يذكره التاريخ من مساوى غياب (الشراسة) لدى الامة، وافتقادها إلى سيف علي الذي يُمثل يد الله، وحتى سيف خالد بن الوليد (القاتل المأجور)، عندما دخل (المغول) إلى العراق واسقطوا الدولة (العباسيّة) فيها، يُذكر أن المسلمين كانوا في حالة من السبات والبرود، واختفاء الشراسة لديهم بشكل شبه كلي، أن لم نقل كلياً.
يَقدم جندي مغول على مسلمٍ عربيٍّ يصادفه بالطريق، ويأمره بأن يضع راسه على الأرض حتى يأتي بسيف ويقطع راسه، فلا يتحرك صاحبنا إلى أن يأتي المغوليّ ويفعل ما وعد به.
يَذكر أحدهم(2) أنه كان يسير مع سبعة عشر رجلا من العرب المسلمين فصادفهم جندي مغوليّ فرمى عليهم حبالاً طالباً منهم أن يُقيد بعضهم البعض حتى يأخذهم اسرى، حتى قال لأصحابه؛ لِمَ لا نقتله؟، فرفضوا، حتى اقدم عليه بمفردهِ وطعنه بسكيناً وقتله.
هذا موجز بسيط عن غياب ((الشراسة)) لدى العرب بصورة عامة، والمسلمين بشكل خاص، لما تُمثل صمامُ أمانٍ لهم، وكان ذلك بسبب دعة الحياة في القصور العباسيّة(3).
وغياب سيف علي (ع) وامثاله مِن الاشاوس، الذين حسب اعتقاديّ الخاص إنّ شراستهم تصب في مصلحة الأمة.
شراسة علي (ع) كانت تدافع عن الرسول(ص)، إما اليوم فشراسة السيّد الصّدر تدافع عن دينه (ص).
وكيف لا يكون كذلك، وأن أستاذه وابيه وملهمه هذبه ورباه على منهج: الدين بذمتكم والمذهب بذمتكم.
بقلم : مقتدى الشميسي
١٤٤٥هـ الاول من محرم الحرام
٢٠٢٣/٧/٢٠ تموز / يوم الخميس
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1/ قتل خالد بن الوليد العديد من الشخصيات الإسلامية المعروفة، والتي تؤثر في الشأن السياسي آنذاك، ولهذا السبب كُلِف بقتلهم، وكان بمقدمتهم “مالكٍ بن نويرة” الذي قتله وقطع راسه وحرقه وزنا بزوجته، حتى شكاه عمر بن الخطاب إلى ابو بكر ـ الذي كان الخليفة آنذاك ـ طالباً معاقبتهِ قالِلاً له بأن خالدٍ قتل مسلما شهد الشهادتين بغير وجه حقًّ، فرد عليه “تأول فأخطأ”، فقال ؛ زنا بزوجته، فرد “تأول فاخطأ”، فقال؛ اعزله، فرد ” كيف اعزله والله ولاه على رقابهم”، وفي روايةٍ أخرى “ولاه رسول الله.
لذلك أشبه خالد بالقاتل المأجور عبر مسلسل اغتيالات نفذها.
2/ هذا ما ذكره أبن الاثير في كتابه الكامل في التاريخ، وتأريخه.
3/ كان الخلفاء العباسيون لا يهتمون بشؤون الأمة الفكرية والسياسية والعقائدية وحتى العسكرية، بقدر همهم بتفريغ غريزتهم حتى قيل بأن أحدهم دخل بكذا الف جارية، واهتمامهم ببناء المباني العمرانية التي تخلد ذكراهم، من قبيل المأذنة والملوية وغيرها، والمجيء بالنساء من بلاد الاندلس وإقامة السهرات الليلية.