ينتابني شعورا يصل حد الخوف من وقوع العراقيين ضحية اخراج هندي لفيلم ايراني اسمه داعش لتغيير الخارطة الجغرافية والسكانية في العراق ، بحيث اصبحنا نتداول باسم ولايات عجيبة غريبة و تخريب متعمد للنسيج الاجتماعي العراقي الذي دقت مرجعية النجف ناقوس الخطر بشأنه بعد ان توصلت الى قناعات بأن ما يجري في بعض المناطق المحررة هو تطهير عرقي.
لا نعرف كيف ستكون خارطة العراق غدا، لكن المؤشرات لا توحي بعراق موحد ومع الأسف، ليتحقق مشروع بايدن على أيدي داعش ، حيث اصبح لكردستان علما و نشيدا وطنيا و محطة زيارات رسمية مثل بغداد، وربما سيكون الحال كذلك في مناطق أخرى بفضل سياسة حرق الأرض التي يتم انتهاجها بلا قراءات مستقبلية، وكأنها هي الهدف و الغاية، حيث يتعمد البعض تحويل ابناء المناطق المحتلة الى دواعش، عبر ممارسات خطيرة جدا و كأن القائم عليها غير عراقي الهوى.
يتجاوزون حدود الله في خلقه عندما يضعون ابناء هذه المناطق بين مطرقة التهجير و التخويف و سندان الخراب الداعشي، في تجاوز خطير لحدود الله في خلقه، فقد كانت الضلوعية ساتر النخوة المتقدم في الدفاع عن سيادة العراق و انضمت اليها مناطق أخرى تربى ابنائها على ” حب الوطن من الايمان” ولم يتسرب الوهن الى مشروعهم الوطني، مثلما ناصبوا التطرف العداء في أوقات مبكرة جدا، و وشائج المحبة والألفة أكبر من تضمينها في مفردات ، ما يستدعي التوقف سريعا عن خلط الأوراق الطائفية و العودة الى ثوابت الأخوة العراقية.
لم يتعود العراقيون في تاريخهم ” التنابز” بالانتماءات الطائفية ولم يتخندقوا خارج المشروع الوطني، لكن فلسفة الحكم المبنية على ” شعبية مفقودة” دفعت القائمين عليها للاحتماء بالطائفة اسما لا فعلا، وواقع الحال في الفرات الأوسط والجنوب يغني عن أي سجال، و الخلل ليس في الاحتلال الأمريكي فحسب بل بما أفرزه من نتائج على الأرض شكلت منذ 11 سنة معول هدم يومي للأخوة العراقية، ما أفشل كل جهود ” نصف الخطوة” لتحقيق المصالحة الوطنية، ليس بين أبناء الشعب بل في تعامل المؤسسة الحاكمة مع المواطنين، و التي غلب عليها المزاج الطائفي بشكل كبير، لذلك تصطدم خطوات العبادي للخروج من عنق زجاجة الشحن الطائفي، تصطدم بإرث ثقيل كان سببا مباشرا لفقدان الأمن و خسارة الأرض و تراخي سيادة البلاد.
ولكي نتقدم خطوة باتجاه الحل لا التأجيل فان الحكومة مدعوة الى اجراءات عاجلة تستعيد من خلالها فرض هيبة الدولة و سلطة القانون على الجميع، بحيث لا تشكل غرف عمليات عسكرية حسب النفوذ الحزبي أو الطائفي أو العشائري، بل ادارة مركزية صارمة تحت مظلة الدولة العراقية، لأنه و بدون ذلك سيبقى أكثر من نصف العراقيين في دائرة الاتهام وكأنهم المسؤولين عن سقوط الموصل أو خسارة صلاح الدين و ديالى و الانبار.
وهنا يجب الاسراع بفك طلاسم القرارات لأن استعادة الأرض و خسارة الشعب جريمة كبرى، كما أن التلويح بتغيير ملامح المدن خطأ جسيما يؤسس لفتنة مفتوحة تزيد من مساحة الرفض الشعبي لحلول الحكومة، وهو ما يستغله الطرف الأخر في المعادلة لزيادة الأمور تعقيدا ليس حبا بالعراقيين
بل تنفيذا لمشروع تخريب خطير تستفيد منه القوى الكارهة لوحدة العراق وأهله و يخسر فيها العراقيون مستقبلهم، فأي فريق يتحمل نتيجة ثقيلة من هذا النوع!! ذلك سؤال يبحث عن جواب لا تسويف.