23 ديسمبر، 2024 1:11 ص

حرب 2003.. قراءة عسكرية !

حرب 2003.. قراءة عسكرية !

منَ المسلّم به فأنّ الكتابة عن اية حرب وكذلك القراءة عنها , فينبغي أن تكون من زوايا نظرٍ متعددة , حتى لو تكون بعضها متباينة , ودون أدنى شكّ فالحديث عن حرب عام 2003 يختلف عن كلّ المعارك والحروب الأخرى بما فيها معارك الحرب العالمية الثانية , ومن زوايا نظرٍ اكثر واوسع , وما نسجله هنا من الزاوية العسكرية التجريديّة فلعلّه الجزء الأصغر ممّا دار وما صار , عِلماً أنّ هنالك العديد منَ الأسرار المتعلقة بهذه الحرب لم يجر كشفها لغاية الآن < ومسألة عدم نسف جسور بغداد في وقتٍ واحد في الوقت الذي جرى تكليف أمراء وحدات الهندسة العسكرية بالتصرّف الفوري حال اقتراب القوات الأمريكية منها ودون الرجوع الى المراجع العسكرية العليا , مع توفير كلّ المستلزمات الفنية للنسف , وهذا هو الإنموذج الصغر حجماً من تلك الأسرار , ولا نبتغي التطرّق هنا عن قضية الفريق طاهر الحبوش – رئيس جهاز المخابرات الذي هرّبوه الأمريكان , ومنذ متى بدأ العمل معهم ؟ وماذا قدّم من معلوماتٍ واسرار > .

وعلى الرغم من الإستحالة المطلقة في مجال المقارنة بين القوة العسكرية العراقية آنذاك , وبين مديات القوة الأمريكية التدميرية وما تتمتّع به من تقنياتٍ وتكنولوجيا معقدة , فنقول أنّ حرباً أستمرّت لثلاثة اسابيع وبعدم وانعدام تمكّن العراق من استخدام طائراته الحربية ” التي جرى تدمير معظمها في حرب 1991 وبقاء الجزء الآخر منها في ايران ” مقابل تفوّق جوي امريكي ساحق ومطلق , فأنّ مدّة الثلاثة أسابيع تعتبر فترةً طويلة للغاية وملفتة للنظر , وأحدى اسبابها هي الخبرة العالية التي اكتسبتها القوات العراقية في حرب الثمان سنوات , بالأضافة الى مشاركتها في حربي 1973 , 1967 , بجانب الخبرات القتالية في حرب الشمال ذات التضاريس الجغرافية المختلفة والبالغة الصعوبة .

إنّ ادنى درجات التأمّل في استبسال الجيش العراقي ومقاومته للأمريكان طوال تلك الأسابيع تُذكّرنا ” كمقارنة اولى ” أنّ مصر وسوريا والأردن معاً قد خسروا الحرب مع اسرائيل في ستّة ايام فقط في حرب حزيران 1967 مع ما كانت تمتلكه مصر وسوريا من امكانياتٍ عسكرية كبيرة .

الملاحظة الأخرى في تأمّلات الحرب وكيف خاضتها القوات العراقية , فلا بدّ من الأشارة الضرورية أنّ اسلحة الجيش العراقي هي من البقايا القليلة ممّا تبقى من اسلحة الجيش في حرب سنة 1991 التي انهالت عليها مقاتلات وقاذفات عشرات الدول وبآلاف الطلعات والغارات الجوية , وما تبقّى كان معظمه اسلحةً معطوبة من الدبابات والناقلات المدرعة والمدفعية , وتمكّن الجيش العراقي من اصلاح وترميم بعضها , علماً أنّ تلك الأسلحة كانت من جيل سبعينيات القرن الماضي التي عفا عنها الزمن .! , وفي ملاحظةٍ ثانيةٍ خاصّة ” لم يتطرّق اليها الإعلام ” , فطوال فترة الحصار التي دامت 13 عاماً , فأنّ الغارات الجوية الأمريكية والبريطانية استمرّت بنحوٍ يوميّ ” او مايقارب ذلك ” بقصف المواقع والثكنات العسكرية ومخازن الذخيرة ومراكز القيادة والسيطرة بجانب منظومات الأتصالات العسكرية , فماذا تبقّى للقوات العراقية من اسلحة لتقاوم بها الأمريكان وتؤخّر الأحتلال لثلاثة اسابيع .! , < وكان احد الأفواج العسكرية العراقية قد صدَّ هجوم القوات البريطانية على الفاو واوقف تقدمها من يومين – الى ثلاثة أيام , علماً أنّ ذلك الفوج قد وصل الى الفاو في ليلة الهجوم ولم يتخذ مواقعه ومواضعه العسكرية بعد ! > وتجدر الأشارة المهمة أنّ الوضع النفسي والمعنوي للجنود والضباط العراقيين كان متأثّراً جرّاء الحصار وانعكاساته الماليّة وحتى الغذائية .! وهذه من اولى الأستحضارات الضرورية لخوض ايّ معركة .

وإذ نختزل الحديث هنا عن القدرات الفائقة للجيش العراقي , فنشير بأنّ خط دفاع ” ماجينو ” الشهير الذي أقامته القوات الفرنسية في الحرب العالمية الثانية لصدّ هجوم القوات الألمانية قد صمد لمدة اسبوعين فقط ! وليس لثلاثة اسابيع .! مع الإعتبار المعتبر لقوّة الجيش الفرنسي آنذاك .!