22 ديسمبر، 2024 2:27 م

حرب مصيرية بين الإسلام والماسونية

حرب مصيرية بين الإسلام والماسونية

لقد بات واضحاً وجلياً أن المستهدف الرئيس في كل ما يجري من فوضى عارمة وتغيير للأنظمة والمحافظة على الأخرى ومن ثم وضعها بين مطرقة التهديد وسندانة الوعيد ما هو إلا رسم لسياسة جديدة في منطقة الشرق الأوسط، بعد انتهاء مفعول اتفاقية «سايكس بيكو» لكن هذا الهدف التدميري الكبير لاينجز بين ليلة وضحاها، ولا يتحقق دون أدوات عالمية وإقليمية ومحلية ولا يتم ابتداء دون سلخ الدين الإسلامي وتشويه صورته وإسقاطه والذهاب بهيبة علمائه ورموزه وفقهائه.فالأدوات العالمية فيه معلومة وقد تشكل بالتحالف لدول الشر لتركيع المنطقة وتهديد وتخويف أنظمتها إن لم تتطابق وتسهل تنفيذ المشروع الصهيو – أمريكي.وبات واضحاً للجميع ما هو مصير الأنظمة والقيادات التي أطيح بها وتم تشويه تاريخها وتصفيتها بطريقة شوفينية معروفة، وتحديداً بعد انتهاء الحرب الباردة وذلك لوقوفها بالضد أو فضحها للمخطط الماسوني وعدم إفساح المجال له ليشق طريقه في المنطقة بيسر. أما الدور الإقليمي في تنفيذ المخطط فلم يعد سراً وقد تفهمه ملالي إيران جيداً فكانوا أول المتبرعين في تعبيد الطريق للغزاة والقيام والسهرعلى خدمتهم سباقين وبارعين.وهنالك دول إقليمية أخرى تدور في هذا الفلك لكنها أقل ظهوراً وتعاطياً مع الغرب من إيران، وبعضهم التزم موقف الحياد دون التصدي أو حتى التعاطف مع الضحية أو التصريح ليحافظ على مكتسباته وليتفادى خلخلة أعمدة كرسي حكمه الآيل أساساً للسقوط. وأكثر الأدوات خطورة والذي ألحق بالأمة أشد الأذى وهو يفوق في أذاه الأدوات العالمية والإقليمية هي الأدوات المحلية التي استطاع المتحالفون توظيفها في تنفيذ مشروعهم التدميري. وتتمثل بشكل رئيس في استخدام الدين والطائفية وتهيئة وتدريب منفذيها من رجال سياسة امتهنوا العمالة وتقمصوا عباءة الدين، ورجال دين حملوا حقيبة السياسي وارتدوا ربطة عنقه دون أن يخلعوا عنهم عمداً أو جهلاً العمامة ودون التفقه بدهاليز السياسة والتفاسير المرنة للقوانين المدنية والدساتير.وبذلك تم تشويه الدين أمام الشعوب وأسقط رجل الدين وذهبت هيبته، وأصبح هنالك نفور من الشعوب وخاصة طبقة الشباب العريضة من رجل الدين حتى وإن كان صالحاً مصلحاً.وقد أنضجت ذلك المخطط ثماره فأثر سلباً حتى على الحكومات من حيث يدرون أو لا يدرون وبات الكثير منهم يفكر اليوم جدياً بسلخ الدين عن الدولة، والتحول من الاعتدال الى العلمانية اختياراً، دون أن يحرجوا قسراً، بل أن هنالك مشاريع تعرض على استحياء في بعض الدول في منع رجال الدين من ممارسة السياسة للخروج من المأزق الطائفي.لكن الأصلح والأقوم في هذه المرحلة الحرجة هو إلزام رجل الدين نفسه إن رغب في العمل السياسي أن يكون أكثر انفتاحاً ولا ينغلق على النصوص بجهل، وألا تسيره المذهبية الضيقة وتهبط به على المصلحة العامة الوطنية، ليصر على ممارسة دوره كواعظ ومرشد وكانه يعتلي منبراً أو حسينية ولا يرضى أن يغير من نهجه وتعاطيه لموقعه الجديد بعد فوزه بمقعده النيابي أو تسنمه منصباً تنفيذياً ويتناسى أنه يقف تحت قبة البرلمان أو متربعاً على كرسي تنفيذي والذي تحكمهما قوانين وتشريعات ودستور، وكان عليه أن يهضمهما جيداً وجمعيته وتجمعه السياسي قبل أن يقدموا للترشيح وكان على الحاكم والناخب على حد سواء أن يكونا أكثر وعياً ولا تجرهما وتعصف بها العاطفة ليقدموهم على الأكفأ بحجة نصرة المذهب أو التوازن الطائفي والمجتمعي أو القبلي أو العرقي، ليكون بعدها هو ومن نصبه أو انتخبه سبباً في تأجيج الشارع في اقتتال وتطاحن طائفي مقيت، وبالتالي الدخول في حلقة مستدامة مفرغة من ضياع الأمن وسبل العيش الكريم ولنا في العراق مثلاً عملياً حاضراً وأسوة للأسف سيئة. فتشكلت على أيدي تلك الأدوات المحلية أحزاب وميليشيات انضوى تحتها قطيع من الغوغاء ومن الجهلة استهوتهم الفكرة بالنفع المتبادل في نصرة المذهب واقتطاع الغنائم، ودخلت المنطقة استهلالاً بالعراق وزحفاً إلى غيره من الدول العربية والإسلامية في حروب طائفية لتمهد في نهاية المطاف وبعد أن ينهك الجميع وتستنزف اقتصاديات المنطقة وتعود القهقري إلى الجهل وعصور الظلام.وسيستمر مسلسل التشويه إلى الحد الذي يصل فيه السيل الزبى، ويكفر بعدها بالأحزاب الدينية وشخوصها ليزاحوا بأيدي أتباعهم في صراع دموي عن الواجهة، بعد أن أثخنوا في الأمة جراحاً دون أن يحن أو يترحم على حقبتهم احد.وبذلك يكون قد تحقق وتم تثبيت احدى اهم اعمدة المخطط للشرق الاوسط الجديد او الكبير كما يحلو لهم تسميته وهو عزل الدين وسلخه عن الشعوب، وما يتبعه من تحريم مشاركته في الحياة التشريعية التنفيذية والسياسية وتحويله الى طقوس وتراتيل ثم الحجر على رجالاته وعزلهم بعد ان وصل حدا للتشويه وترسيخ صورة ممنهجة له قاتمة لعدة اجيال بتحميله زورا سبب الفوضى والارهاب، وايصال فكرة خبيثة تلميحا لا تصريحا للشعوب الاسلامية بان دينكم وقرآنكم وسيرة نبيكم وعلمائكم هم من جلب عليكم الويل والثبور ولايصال رسالة فحواها: «دعونا نضع أيدينا بأيديكم لتتخلصوا منهم واحجروا عليهم مثلما سبقناكم فتحررنا بعد ما حجرنا على رجالات الدين وعدنا بهم الى كنائسهم فأرحناهم وأراحونا ولكم فينا أسوة حسنة».والصراع مستمر وربما اليوم نحن قادرون على التفكر والتدبر ولا ندري غداً هل سيسمح لنا الغرب بالتشاور ومراجعة أوراقنا ولعق جراحنا!