22 ديسمبر، 2024 6:22 م

حرب غزّة ليست بحرب .!

حرب غزّة ليست بحرب .!

 

أوّل مَن اطلق كلمة او تسمية حرب على احداث غزّة في يومها الأول ” 7 تشرين – اكتوبر ” هو بنيامين نتنياهو , وفي ذلك اليوم لم تكن هنالك معارك متكافئة او شبه متكافئة بين جهتين مسلحتين . كُلّ ما حدثَ آنذاك هو تسللّ اعداد ” غير معروفة العدد وربما ما يدنو من مئات ” من مقاتلي حماس الى بلداتٍ ومستوطناتٍ اسرائيلية في ما يُسمى غلاف غزّة , وهاجمت مراكز عسكرية للعدو , وقتلت من قتلت من جنده وأسرت من أسرت بمن فيهم الرهائن . فلا يمكن لحربٍ يبدأها طرفٌ ما من دون دبابات ولا مدفعية واسلحة ثقيلة اخرى بما فيها آليّات عسكرية . ولم يكن ذلك متوفّراً لمقاتلي حماس او ايّ تنظيماتٍ اخرى , بل حتى في الجانب الإسرائيلي لم يجرِ استخدام الدبابات والمدفعية في ذلك اليوم .! < وكأنّ صدمة هجمة المقاتلين قد شلّت الجهاز العصبي للقيادة العسكرية الإسرائيلية > , ممّا دفعها بإرسال اسراب طائراتها المقاتلة والقاذفة لتصبّ حمم قنابلها على البنايات السكنية والأبراج فوق رؤوس المدنيين , ولم تسمح الحركة التعبوية – السَوقية لمقاتلي حماس والتكتيك الذي استخدموه , بتوجيه سلاح الطيران الصهيوني ضدّهم .

ما جرى في ذلك ” اليوم الموعود ” اقرب الى حرب العصابات او فريق كوماندوس يستغلّ عنصر المباغتة والمفاجأة لتحقيق اهدافٍ ليست بستراتيجية ولا يمكن الإحتفاظ بها كما في الجيوش , أمّا الرشقات الصاروخية من قبل حركة حماس من داخلِ غزّة فكانت لأهدافٍ واسبابٍ مزدوجة : –

A \ : الرّد بالمقابل على القصف الجوي المجنون للطيران الإسرائيلي كردّ فعلٍ لا بدّ منه

B \ : إسناد ظَهر المقاتلين في الهجمة الأولى والحفاظ على الروح المعنوية لهم , بجانب ايذاء بعض وحدات الجيش الإسرائيلي القريبة وارباكهم .

آنذاك وبعد يوم 7 تشرين – اكتوبر , وما حصل خلال الأيام التي اعقبته , ليس سوى حدوث اشتباكاتٍ مسلحة محدودة بين المقاتلين وبعض وحدات الصهاينة , لكنّه وما ان اعلنت اسرائيل التعبئة العامة واستدعت قوات الإحتياط وما رافقها من ” اعادة التنظيم ” , انسحبوا مقاتلو حماس من البلدات والمستعمرات وعادوا الى اوكارهم ومخابئهم في الأنفاق السريّة داخل غزّة وما حولها , وذلك كإدراكٍ استباقي لهيأة الركن في تنظيم حماس , بأنّ العدو سيقوم بعملية إحاطة وتطويق لقطاع غزة من الشرق والشمال , ولم يبق لهم سوى اسلوب الدفاع ” الذي ليس لديهم سواه ” بإنتظار الجوم البرّي الإسرائيلي الذي يتأجّل مرّةً تلوَ مرّة لأسبابٍ مشتركة سياسية – دولية , وأخرى عسكرية بحتة لحساباتٍ متباينة حول مدى نجاح عملية الهجوم البرّي بين اركان القيادة العسكرية والسياسية وحتى نتناياهو نفسه , والذي يرتبط الهجوم البرّي المفترض او القادم لاحقاً بمستقبله السياسي .!

من الجانب الآخر البعيد عن عدم تسمية هذه الحرب بأنّها ليست بحرب ” حتى من الزاوية اللغوية التجريدية ” , فإنها اكبر واضخم واعظم من مفردة حرب .! ومن هولوكوست ومحرقة بما هو اكثر حرقة ونار حامية , فما يجري من مجرياتٍ هو إرغام الشعب الفلسطيني قسراً في مختلف مدن القُطّاع بإستقبال القنابل التقليدية والمحرّمة دولياً , لا لتسقط على الرؤوس مباشرةً بل مع الصخور والأحجار والكتل الكونكريتية للأبنية والعمارات التي يصعب فيها إيجاد والعثور على الجثث والأجساد المحترقة والمتفحّمة والمتحطّمة , ولم يحدث مثل ذلك لا في زمن هتلر ولا المغول.! , وكانَ ذلك فشلاً ذريعاً للدبلوماسية العربية ولوزراء الخارجية العرب وللإعلام العربي , في كشف وفضح وتعرية ذلك للرأي العام العالمي , بأنّ ما يحدث في هذه ” الحداثة ” الأسرائيلية هو ليس سوى الهستيريا العدوانية الفائقة التطرّف ضدّ السكّان المدنيين الفلسطينيين في القطاع , وليس ضدّ مقاتلي حماس او كتائب القسّام وتنظيم الجهاد الإسلامي , وفوق ذلك يمنعون عنهم وقود الطبخ والإستخدامات الحياتية الأخرى , مع تقنين المساعدات الطبية والغذائية , فهل هذه هي حرب .!