تعد الأهوار أهم المسطحات المائية في جنوب العراق، علاوة على وجود البحيرات والشلالات في شماله، والعيون والآبار بغربه، وما أعظمها من ثروات طبيعية، وهبها الباري عز وجل لأرض دجلة والفرات! والموضوع ليس في المنحة الإلهية، لما يجعل كل شيء حي على وجه الأرض (الماء)، ولكن المشكلة تكمن فيمَنْ يؤتمن على هذه الثروة العظيمة، التي تمثل سر الحياة للتنوع الإحيائي، خاصة منطقة الأهوار، فقد كانت لها قصة ملحمية مع التأريخ والحضارة.
عالمية الأهوار تُكتسَبُ من خلال أهميتها الجغرافية، كونها من أحسن المناطق، لإنتاج كافة أنواع المحاصيل الزراعية، وكذلك تعد نباتاتها مورداً مهماً لصناعة السكر والورق، إضافة لوجود نباتات ضفاف الأهوار بأنواعها، والتي تمثل غذاء رئيسياً، لمجموعات كبيرة للطيور والأسماك، وإدراجها ضمن لائحة التراث العالمي، يعني إنعاش الكائنات الحية وتكاثرها، وعودة سكانها للحياة بعد عمليات التجفيف الجائرة، من قبل نظام الطاغية صدام، أبان تسعينيات القرن الماضي، لكن ختام صمودها كان مسكاً سلسبيلاً. حرب تأريخية طويلة ومخاض عسير، عاشته أهوار وآثار العراق، فمنذ ما يقارب خمسة عقود، وهي تعاني الإهمال المتعمد، بسبب النظرة الطائفية المقيتة للنظام المقبور تجاه أهلها، وموقفهم من سياسته القمعية والإستبدادية، ومعارضته لبعثه المهووس بالعنف، لذلك يعد إدراجها ضمن لائحة التراث العالمي، إنتصاراً سياسياً كبيراً، لأبناء الجنوب بالخصوص، وهذا يلقي عليهم مسؤولية كبيرة للنهوض بمناطقهم، التي إستعادت حريتها ومكانتها، بإعتبارها معقلاً ومنبعاً لحضارة البشرية جمعاء، إذن الأهوار ميدان لرقي الحياة.
لم ولن ينسى التأريخ ما أنجبت أهوار الجنوب من رجالها الأشاوس، الذين قضّوا مضاجع البعث التكفيري، والى اليوم مازالوا مشاريع إستشهاد دائمة، في المواجهة مع العصابات الداعشية، على أن هذه المناطق دُونت أهميتها، في برنامج كتلة المواطن، حيث طرح السيد عمار الحكيم، فقرات خاصة للنهوض بواقع الأهوار، من خلال تطهيرها من مخلفات الحروب، وتقليل نسب الملوثات والمخلفات الصناعية، وإعادة مجاري التفرعات النهرية لها، لتكون محميات طبيعية، ومنتجعات سياحية مستقطبة للسياح.
المميزات الإستثنائية لمناطق الأهوار والآثار، تكمن في أنها عبارة عن تجمع تأريخي، وثقافي، وطبيعي، ففيها تلتقي الحضارة بالحجارة، التي دونت حياة أعرق الحضارات وأقدمها، على مر العصور والدهور، لذا يعد التسويق والترويج السياحي لهذه المواقع، جانباً مهماً لتظافر الجهود، من قبل تعاون وزارات الزراعة، والسياحة والآثار، والموارد المائية، والثقافة والإعلام، وبمجمل عمل هذه الوزارات، سيتم الإرتقاء بواقعها، واليوم باتت المسؤولية أكبر، لأنها عرس عراقي يستحق أن يكون ختامه فرح ومسك.