18 ديسمبر، 2024 6:16 م

حرب الفقراء تدين السلطات على مر التاريخ….

حرب الفقراء تدين السلطات على مر التاريخ….

حرب الفقراء هي رواية للكالتب الفرنسي (اريك فيار) صدرت عن دار (اكت سود) تناول فيها الكاتب ثورة الفقراء في جنوب المانيا وسويسرا وفرنسا في القرن 16 التي وغاجهها النظام الاقطاعي وطبقة النبلاء بقمع شديد ، وهي ثورة اساسها طبقي الفقراء /المعدومين /المحرومين ضد الطبقات الغنية في المجتمع والمتحكمة في ذات الوقت ، وهذه الثورة المسكوت عنها المقموعة شبيهة بالثورات التي اندلعت في مناطق اسيا وافريقيامن قبل الفقراء ضد المستغلين(بكسر الغين) الا ان الفرق يتمثل في كون الثورات في اسيا كانت ضد شخص الحاكم المستبد وطبقته البيروقراطية كن نمط الانتاج في هذه المناطق كان نمط انتاج اسيوي الحاكم هو الاله الاوحد للجميع والمتحكم بالارض والمياه ، اما في اوربا فقد كانت الطبقة الاقطاعية هي المتحكمة بالجميع مما يجعل المحرومين يثورون بين الحين والاخر ضد هذه الطبقات ، يقول عبدالاله الصالحي عن هذه الرواية لاريك فيار “رغم ان هذه الثورة كانت تكتسي صبغة دينية ضد الاصلاح البروتستانتي الذي فرض ضرائب كبيرة على الفقراء فقد كان لها بعد طبقي واضح، لان الثوار كانوا من الطبقات الدنيا في المجتمع الالماني وغالبيتهم من الفلاحين والتجار الصغار وكان على راسهم راهب شاب يدعى توماس مونتيز) قضى نحبه على ايدي الجنود وعمره 36 عاما” علما ان الكتاب اصدره المؤلف بالتزامن مع احتجاجات السترات الصفراء التي راى فيها الكاتب تجسيدا لثورات المهمشين والمقموعين ضد المستغلين ودليلا على عافية المجتمعات التي تنهض كلما اشتد عليها ظلم اجتماعي معين . وفي لقاء للكاتب مع راديو مونتكارلو تحدث عن روايته انفة الذكر واستطعت ان اسجل ما وجدته مهما في حديثه عن واقع المجتمعات وما يقع فيها من ظلم واستبداد يبدو لي من خلال حديثه ان ثورة تشرين العراقية التي سقط فيها عشرات بل مئات القتلى والجرحى لحري ان تجسد من خلال الادب وتخلد ففي راي الروائي الفرنسي (اريك فيار) ان ” الادب ليس منفصلا عن الواقع الاجتماعي انه يعيش في رحمه وينهل من اختلاجاته ” ثم ياتي عن روايته حرب الفقراء متحدثا فيقول” ان حرب الفقراء رواية متخيلة لحوادث واقعية حقيقية ، انها رواية تحكي قصة الانتفاضة الشعبية قبل المرحلة الاصلاحية في القرن 16، التي اندلعت بسبب اقرار السلطات لضريبة باهضة ن اعتبرها السكان مجحفة بحقهم ، ان قضية الظلم الضريبي قصة تكونت وتكررت كثيرا في تاريخ فرنسا ، وهي جزء من تاريخ المظالم الاجتماعية التي تهز المجتمع الفرنسي من فترة لاخرى ، وبالنظر الى السياق الحالي مع اندلاع حركة السترات الصفراء فقد ارتأيت ان هذا هو الوقت المناسب لنشر الكتاب ورايت كذلك الرغبة الجامحة لدى السترات الصفراء بالمساواة والعدالة الاجتماعية التي صارت مطلبا اساسيا ” ان الكتابة بحق تسمح بعيش الاحداث الماضية والتقاط الحدث وتجسيده وهي قوة ايجابية تستنهض الهمم ان رواية حرب الفقرا ء تحكي كيف ان حشود الفلاحين وصغار التجار والحرفيين الذين انتفضوا ضد الظلم وارادوا المساواة والعدالة الاجتماعية تم سحقهم وقتلهم دون شفقة من طرف جنود مرتزقة يشتغلون تحت سلطة الامراء الاقطاع الذين كانوا يتحكمون بالرقاب والعباد هذه الحشود التي عدت بالالاف هي حقيقة تاريخية وليست مجرد جثث متناثرة تم التخلص منها وان مثل هكذا كتابات تؤشر وبروح الاعتزاز ان الثورات تتكرر دوما وانها ليست من دون جدوى لان المجتمعات التي تتمتع بالعدالة الاجتماعية ولو قليلا يعود الفضل في ذلك لتلك الثورات المقموعة ….. كم من ثورة وثورات اندلعت من قبل المظلومين المسحوقين ،الجياع ضد السلطات المتحكمة التي تسهم وبشكل كبير في الغاء حقوق الفقراء وتعلي من شان المتحكمين بالرقاب وتسلطهم على الناس ، ان رواية حرب الفقراء تنذر ان يوم الفقير على المستبد لابد ان ياتي ولابد لارادة الشعوب ان تتحقق ولو بعد حين ، املي ان يستفيق المستبد ولو متاخرا على هذه الحقائق التاريخية التي لا يواريها شيء بل هي واضحة بوضوح الشمس وما ثورة تشرين ودماء الشباب العراقي الا شاهد ودليل على ان مطلب العدالة الاجتماعية هو مطلب انساني لا يمكن ان يلغيه المستبد بطلقة ورعب يبثه داخل المجتمعات فكلمة الحق يجب ان تستمر والمطالبة بالمساواة هو مطلب انساني عبر التاريخ نفذته حشود تاريخية كما اسماها اريك فيار .