5 نوفمبر، 2024 2:31 م
Search
Close this search box.

حربنا

يكاد كل من يعرفني أن يتعود انتقاداتي لسياسيات كثيرة في إدارة الدولة قد تكون الأمنية أولها، لاسيما ما ارتبط بالأضرار والتكاليف الاقتصادية المترتبة على الجرائم الإرهابية، كما ويعرف أني لم أمتدح رئيس الوزراء الحالي أو الذين سبقوه يوما ولا أنوي ذلك مستقبلا، لأني أعتقد أن الحكام لا يحتاجون مدافعا ولا يستحقون مشيدا بفعل حسن هو من واجباتهم، فالشعب وحده من يستحق الوقوف مع حقوقه ومصالحه.
وإن خوض إخوتنا ضباط وجنود القوات المسلحة لحرب تقضي على المعسكرات الصريحة لتنظيم القاعدة وغيره من العصابات الإرهابية، يطوق بآمالنا  كعراقيين بجدية هذه الحرب التي بقينا نريدها منذ عام 2004 الذي شهد بدايات الظهور العلني لتنظيم القاعدة في محافظة الانبار، وكثيرا ما انتقدنا تأجيل شن هجوم واسع على تلك المعسكرات التي كنا نسمع عنها وتردنا منها التفجيرات التي توزعت على كل البلاد لتقتل أهلنا وقواتنا، غاضبين لما كنا نراه تعريضا بهيبة قواتنا بإشغال إمكاناتها بأعمال لا تصح مقارنتها بتحقيق امنية كل مواطن مخلص بهجوم كاسح على  تلك المعسكرات الصحراوية لإنهاء وجود القاعدة وداعش في البلاد.
ولست مقللا من مخاوف القوى المنافسة لرئيس الوزراء نوري المالكي، من توظيفه لهذه الحرب في طموحاته الانتخابية، لو نبهت منافسيه إلى إدراك الحق الواقعي والديمقراطي للرجل كمدير للسلطة بان يوجهها بما  يحسن تقييم الناخبين لأدائه السياسي، وليت شعري أي فعل سياسي يدعم الرصيد الانتخابي كتقويض وجود تنظيم القاعدة، وهنا أدعو جميع العراقيين بما فيهم الساسة إلى المسارعة لأخذ مواقعهم الوطنية في التنافس على دعم القوات المسلحة ومراقبة أداءها ومساعدتها على تجاوز الأخطاء والعقبات، بل والضغط من أجل مواصلة الحرب لنقف كلنا ضد الحكومة فيما لو تهاونت في ضرب الإرهاب، بعد إلزامها الحجة من خلال مباركة قرارها الحربي.
فقرار هذه الحرب التي تليق بجيشنا، لا يكفي لإنهاء وجود هذا التنظيم الإرهابي المشبوه، وانتصارنا جميعا مرهون بإدامة الزخم القتالي، وما ننتظره من جيشنا لإنهاء وجود معسكرات القاعدة والنصر أو داعش عموما لن يكون إلا بقوة تدمير مستمرة لا تتوقف عن توجيه الضربات بشكل سريع ومتلاحق يخلق أوضاعا تعصب على تلك العصابات مواجهتها وتفقدها توازنها لينتج عن ذلك انهيار منظومتها بالكامل بعد سيادة الفوضى والارتباك في بنيتها، وهكذا تنتهي الحرب بانهيار شامل لمركز السيطرة وقيادة العصابات الإرهابية عراقيا وحتى إقليميا.
وهنا لا يخفى على ضباط الأركان أن سلاح الجو أكثر الأصناف القتالية أهلية لانجاز هكذا مهمة، ومما شفى نفسي وأذهب سقمها أن العمليات الحالية لجيشنا تؤشر الأخذ بنظرية الحرب الجوية أو ما تعرف بإستراتيجية الذراع الطويل التي تعتمد السيطرة  على  المجال الأرضي من خلال السيطرة على  الجو، لكنني أحذر من الاستهانة بوسائل الدفاع الجوي للعدو التي قد تسعى صواريخها إلى مجابهة كفاءة هذه الإستراتيجية، إذ يرجح امتلاك إرهابيو القاعدة المتواجدون في الانبار لمنظومات دفاع جوي محمولة على الكتف من قبيل إستريلا2 أو غيرها، مما يقتضي الدقة في تنفيذ هذه الإستراتيجية وفق أسلوب الاشتباك الأمن من مسافات بعيدة قبل عمليات الاشتباك والتلاحم الميداني الذي قد تعوض الضربات الجوية عنه أو تقلل من تكاليفه القتالية على القوات البرية من المشاة وسلاح الدروع إضافة لاختصار الأعباء اللوجستية.
وهنا تبرز أهمية التوظيف القتالي من قبل قادة العمليات لما هو متاح من سلاح الجو وترشيد أداءه ألعملياتي بشكل لا يبقي نيرانه مقتصرة على مسارح العمليات، بل يوصل أثره المدمر إلى أهداف قد تكون أكثر أهمية خارج النطاق الميداني (أي خارج وادي حوارن وعلى مساحة أكبر من الحدود السورية وفي محافظات أخرى غير الانبار)، وهذا التوسع في نطاق المدى القتالي، يتم وفق منظومة تحقق تكاملا وتزامنا للعمليات الجوية والبرية واستخدام الصواريخ.
كما أدعو إلى أن تعزز دروس هذه الحرب توجها نحو إستراتيجية أمن وطني تقوم على  نظام استخباري متين، وتحرص على حيازة أسلحة تقليدية ذات خصائص تقنية ومعلوماتية على درجة عالية من الكفاءة القتالية تحقيقا لمبدأ الحسم السريع، الذي يمنع عودة هكذا معسكرات.
كاتب عراقي

أحدث المقالات

أحدث المقالات