تطور الحراكات الاجتماعية ليس وليد لحظة او حدث زمني منفصل، بل هي دوما تتطور وتتغير وفق البيئة المحيطة بها، وهذا عادة ما يسمى “بالتكييف”.. ومن المعلوم انه يخضع لقواعد أساسية، تفرضها المؤثرات والنفوذ والقدرة التغييرية، حيث لا يمكن تغير الجميع بمستوى واحد.
المجتمعات دوما ما تتغيير طبقا لمفهوم التطور، كونها كائنات حية قابلة للتفاعل وهذا يعكس نوع التغيير، ومدى التأثير والتأثر بالعوامل الخارجية و الداخلية، القابلة للتكيف الجديد..
تسعى الدول الاقتصادية العملاقة، لأن تتحكم بالشعوب وتصنع التغيير بما ينسجم مع سياساتها وتوجهاتها، لذا نشاهد تلك الحركات، تحاول ان تزرع ذلك في عقول شبابها وناشطيها، وان تلفت انظار العامل الخارجي لحركتها الداخلية سوف يعطيها قوة.. لذا تجدها دوما تتهم بالعمالة الخارجية ، بسبب هذا التوجه الخارجي ولو شكليا، فيحتسب الحراك الجماهيري المطلبي، على الخارج المتدخل في الوضع العراقي.
التظاهرات هي المكتسب الأهم بعد 2003، من ضمن المكتسبات التي تمنع عودة الدكتاتورية، وتحافظ على بناء الديمقراطية، لكن ما يتخوف منه هو خروجها عن السلمية، وتحولها الى حركات متطرفة تسعى لخراب البلد وإشاعة الفوضى، وترسيخ نمط جديد من الانحلال والشيطنة، واضافة هالة من التقديس لشخوصها، واتهام من ينتقدها بشتى الاتهامات الجاهزة، حتى وصل الامر حد تهم العمالة والتجسس والسفارة.
التهم جاهزة لكلا الطرفين، وتوزيعها بلا رادع، قد يأخذ منحى التخوين والقتل والخيانة العظمى، فيجب على جميع الأطراف، الالتزام بقواعد الحوار وسياقات المتبعة للتعبير عن وجهات النظر، واحترام الراي الاخر.. لتعم لغة السلام والحب والاحترام.
بناءا على ما تقدم، فان سبيل الحوار والتفاهم وتقديم التنازلات، و فتح باب المشتركات العامة التي تربط أبناء البلد الواحد، وغلق أبواب الاتهامات والتخوين، سيقدم نموذجا رائعا لتصحيح هذا الحراك الاجتماعي، وحمايته وتقديم حلول للمشاكل العالقة وتنفيد المطالب الحقة من قبل الدولة والحكومات المتعاقبة.