لم تعد الانفجارات الناجمة عن حرائق اكداس العتاد المنتشرة قرب المناطق السكنية امرا مثيرا او نادرا الوقوع في هذا الصيف ، انها ظاهرة فقد وقعت عدة انفجارات نتذكرمنها “الحسينية “في مدينة الصدر العائدة للتيار الصدري وفي دهوك واربيل والسليمانية للبيشمركة وكذلك في محافظة نينوى واخيرا ليس اخرا في كربلاء الكدس التابع لاحدى فصائل الحشد الشعبي والذي تطايرت صواريخه لمناطق بعيدة .
رغم الفوارق بين هذه الحوادث ان كل هذه المستودعات ،على مايبدو، لم تكن نظامية وطريقة التخزين ليست احترافية ومهنية ،الى جانب ان الجهات المسؤولة عنها لم تقدم تبريرا لماذا هذه المستودعات تقع في مناطق سكنية واماكن العبادة وليست عسكرية ولا هي تحت سيطرة الجيش الذي يمتلك الخبرة في كيفية تامين المخازن التي تحتوي على العتاد وانشاؤها وفق مواصفات خاصة .
والامر من ذلك ان صدمة الانفجارات وانصراف اهتمام الناس عنها بعد ايام اضافة الى صمت الجهات العائدة لها هذه المستودعات والمخازن ولا تقدم المعلومات عنها وما خلفت من دمار قد يصل الى مسافات بعيدة حسب نوعية السلاح المخزن فيها .. وهكذا في استهانة واستهتار فاضح بارواح الناس وممتلكاتهم والرعب المتولد عن حوادثها والاهم انه لا مقصر ولا مسؤول يحاسب عما حدث لانه ينتمي الى جهة مسلحة اقوى من الدولة.
لو حدث هذا في دولة اخرى لسارعت الحكومات الى تقديم البيان تلو الاخر تعطي التفصيلات عن الاسباب وتبدي الاعتذار واذا كان هناك اهمالا تحيل من تسبب فيه الى القضاء وتعوض من تضرر .
ومن سابع المستحيلات ان تجرأ حكومة تحترم مواطينها ان تسمح بتخزين الاسلحة في مستودعات بدائية وتقع في قلب الاحياء السكنية والعبادة .
لقد تصدع رأسنا بادعاءات حكومية تؤكد ان السلاح حكرا بيد الدولة تؤيدها جهات مقصودة بهذا الكلام وتعلن ان سلاحها بيدها بعلم الحكومة وتحت سيطرتها وتحملها مسؤولية انتشاره ولكن هذا الادعاء لا يصمد في الواقع العملي..
للاسف الدولة عاجزة عن انجاز ذلك واخضاع جميع التشكيلات تحت طائلة المسؤولية وانهاء استقلاليتها التي باتت مؤذية وفوق القانون وسحب هذا السلاح فعلا وتخزينه بصورة نظامية واخراجه من المدن ومعرفة كل شاردة وواردة صارت ضرورة قصوى.
المشكلة ان هذه القوى لغاية الان لم تنتظم في اطار قانون ينظم امورها ويوحدها ويدمجها مع بعضها البعض او مع القوات المسلحة وهذه مسالة لابد من حسمها ووضعها على رأس الاولويات .
ان القوى التي تمتلك اجنحة مسلحة من الناحية العملية لم تتخلص منها وما زالت تديرها فعليا وتتلقى اوامرها منها وهذا ما يثير قلق اغلبية شعبنا ويتخوف من استخدامه في غير موضعه ولتحقيق اهداف سياسية ضيفة وفي النزاعات الاجتماعية .
من هنا الاقتراح الذي يرى في اندماج هذه التشكيلات العسكرية وانخراطها في المؤسسات الامنية المنظبطة على وفق القانون والتسلسل الهرمي للقيادات في الدولة على ان يعوض من لا تنطبق عليه شروط الانظمام او لا تكون لديه الرغبة في الاستمرار بهذه التشكيلات وضمان حقوق الشهداء الذين اسهموا في الخلاص من داعش، مقبولا ويلقى تاييدا واسعا بين الاوساط الشعبية والسياسية .
كما ان هذا الحل يستشف من الوقائع ان الحكومة راغبة فيه ويفك ازدواجية السلطة ولكنها غير قادرة على تنفيذه تحتاج الى عون المرجعية الدينية بفتوى صريحة لا تفسر على هوى البعض وبمساهمة من القوى السياسية ذاتها التي تعود اليها هذه التنظيمات من دون ذلك يتعذر استعادة الدولة لهيبتها .
من غير هذا ، ايضا ، لا يمكن المحاسبة الجدية لمن يخرق القانون ولا تطبيق سياسة وطنية موحدة على الاجهزة الامنية ،اضافة الى عدم القدرة على الحد من الاخطاء والخطايا والصدامات ناهيك عن الجرائم البشعة التي تفتك بالمجتمع والبلد .