19 ديسمبر، 2024 12:23 ص

حرائر خلف القضبان

حرائر خلف القضبان

منذُ أربعةَ عشر عاماً يَخضعُ العراق تحت سيطرة وتحكم أميركا وحُلفائها الذين احتلوا العراق عام 2003 ونشروا فيه الفوضى وانتشار السلاح غير المنضبط تحمله ميليشيات تابعة لبعض الأحزاب الحاكمة والممولة أغلبها من إيران وتتحرك بأمرها، فلم يعُد في العراق احترامٌ وقُدسية للحُرة العراقية التي وقعت تحت مطرقة القوات الحكومية وسندان الميليشيات ومن قبلها الاحتلال الأميركي الذي اعتقل عددٌ كبير من حرائر العراق وزجَّ بهن في السجون وتَعرض أغلبهُنَ لجرائم تعذيب عنيفة وجرائم اغتصاب من قِبل السجانين.

فهناك حرائر دخلن السجن وهن بِكر وتَعرضنَ للاغتصاب وحملن وخرجن من السجن وفي أحشائهن جنين من السجان المجرم الذي اغتصبهن، وبعضهن وضعن أطفالاً وهن قيد الاعتقال، ومنهن من توفيت تحت التعذيب الجسدي أو الاغتصاب، فقد كان السجانون يمارسونَ أبشع وسائل التعذيب بحق الحرائر المعتقلات، وأغلب الحرائر هُن من أهل السنة والجماعة الذين يتعرضون لحرب إبادة منذ الاجتياح الأميركي للعراق.

فقد كانت أغلب أسباب اعتقال الحرائر هو إما أن زوجها من رجال المقاومة أو شقيقها أو ابنها من المقاومة الذين لم تستطع القوات الحكومية أو الميليشيات أو جيش الاحتلال الأميركي من اعتقالهم، فتقوم هذه القوات باعتقال أقرب الحرائر لهم، وتزج بهن في المُعتقلات وتمارس بحقهن أبشع الجرائم، وكان السجانون الذين يشرفون على معتقلات النساء يُختارونَ بعناية من قِبل قوات الاحتلال الأميركي أو القيادات الحكومية والميليشيات، وهم من أشد المجرمين إجراماً وبلا ضمير أو ما يطلق عليه بين الميليشيات أقذر شخص.

تَتحدثُ وزارة العدل في الحكومة العراقية عن أنها تَحتجزُ 4000 امرأة لكن الإحصاءات من مصادر مقربة تؤكد أن هناك ما يُقارب 9000 امرأة معتقلة يُساوم السجانون عوائل الحرائر المعتقلات على دفع مبالغ مالية كبيرة لكي يتم الإفراج عنهن، وهناك قصص كثيرة حدثت لحرائر معتقلات يشيب لها الرضع لبشاعتها.

فتَتَحدثُ إحدى الحرائر التي خرجت من المُعتقل بأن السجانين كانوا يطفئون السجائر في أماكن حساسة من أجساد الحرائر المعتقلات، وإضافة لذلك اسم المرأة المعتقلة يُحدد أيضاً حجم التعذيب الذي تتعرض له فأسماء عائشة وحفصة وخديجة يتعرضن لتعذيب لم يعرف البشر مثله، تقول بعض المعتقلات: إن السجانين كانوا يتفننون في تعذيبنا، خصوصاً في أوقات متأخرة من الليل عندما يشربون الخمر ويدخلون ليعذبونا.

فعندما ثارت المحافظات السنية الست باعتصامات سلمية كنت أنا من بين المعتصمين في ساحة العزة والكرامة في الرمادي، وأفتخر بأني معتصم، كان من بين أهم وأبرز مطالبنا إطلاق سَراح الحرائر من السجون من دون قيد أو شرط، وقد جاء لساحة العزة والكرامة عددٌ من الأخوات الحرائر اللواتي أطلق سراحهن من السجون تحدثن لنا عن أنهن تعرضن لجرائم تعذيب واغتصاب من قِبل السجانين، حتى إن عدداً من الأخوات الحرائر في السجون أرسلن رسائل طالبن فيها بأن يوصل لهن السُّم؛ لكي يَقتُلن أنفُسَهُنَ للتخلص من التعذيب والاغتصاب.

وما زال في العراق لا تُحترم المرأة من قِبل الأجهزة الحكومية والميليشيات التي تختطفُ النساء أو تقتلهن في منازلهن، فلا يمر أسبوع في العراق إلا وتقتل أو تختطف عدد من النساء وتجد بعد يوم أو كثر جثثهن ملقاة في حاويات النفاية تظهر عليها آثار التعذيب، وحتى مخيمات النزوح، حيث تقوم القوات الحكومية بعزل النساء والأطفال وتزج بهم في الخيام أو حتى في العراء وتعتقل الرجال؛ لكي تهين النساء وتذلهن، ففي مارس/آذار العام الماضي حدث في مخيم الكيلو 18 في الرمادي أن القوات الحكومية تعمدت تجويع العوائل وسحب الأغطية من النساء في ليالٍ شديدة البرد، حتى إن امرأة كبيرة بالسن توفيت واعتقلوا ابنها ونجله، ولم يسمحوا لهم بدفنها، ثم فيما بعد قامت بعض المنظمات بالدخول للمخيم وتوزيع الطعام والأغطية، لكن بعدما أجبرت الحرائر على تسول الطعام لأطفالهن.

نقلا عن هافينغتون بوست عربي