23 ديسمبر، 2024 12:37 ص

حذار من ظهور بكبك اصفر جديد

حذار من ظهور بكبك اصفر جديد

في نهاية تسعينات القرن الماضي انتشر في العراق لغزا بثته قناة الشباب الفضائية  سمي بالبكبك الاصفر وقد نشر كاعلان طرح بصيغة سؤال مفاده من هو البكبك الاصفر وظل الاعلان يتداول مدة طويلة  عبر القناة التي يشرف عليها  عدي صدام حسين حتى كثرت عنه الاقاويل وانتشرت عنه الاشاعات وألفُت حوله القصص والحزورات والنكات حتى ذهب البعض بالقول بانه سؤال مقصود وظل الناس يتساؤلون كثيرا وطويلا حتى حلت الحرب وحدث التغيير ونسي الموضوع جملة وتفصيلا وان تحققت الاجابة بطريقة غير التي ارادها  مكتشفوا البكبك الاصفر وقد استغل  الاعلان سذاجة  المواطن العراقي  لمعرفة  اتجاهاته  ورغباته  في الاجابة على ذلك اللغز المحير ومن ثم  وضع التصورات  عن طبيعة شخصيته  وفق  ارادة  النظام  وتوجهاته  .. 
واللعبة التي كانت  من نتاج فكر عدي صدام حسين تطرح  تساؤلا او لغزا يحمل مليون جواب حتى لايستطيع احد من ان يكون هو صاحب الجواب الصحيح خوفا من امكانية ان يكون الجواب لايرضي رغبات او توجهات عدي فبقي السؤال دون جواب بعدها اعلنت قناة الشباب  جواب السؤال وكان جوابا ساذجا  حيث ذكرت ان البكبك الاصفر هو عبارة عن  جبن اصفر .. وقد خلق هذا الاعلان الغريب في حينها بين المواطنين ضجة كبيرة كل يدلوا  بدلوه سرا  بين  معارفه  ان البكبك الاصفر هو  اشارة الى السيارة الصفراء  على اعتبار ان عدي صدام حسين له ولع  باقتناء السيارات  في حين يرى البعض ان البكبك الاصفر هو شخصية سياسية  عراقية  غير محببة لدى عدي يعمل على اذلالها من خلال هذه الاعلان  فيما يرى البعض ان البكبك الاصفر  هو ” الخريط ”  فيما يرى البعض  ان هذا الاعلان وسيلة لابتزاز الناس لاستحصال مبالغ من المواطنين كاجور اتصالات هاتفية ارضية بالاتفاق على نسبة من هذه الايرادات مع شركة الاتصالات  .. 
ومهما تكن  مبررات  نشر واذاعة هذا الاعلان فانه في كل الاحوال كان عملية ضحك على ذقون العباد الذين اتعبهم جوع الحصار الاقتصادي ولم تكن هذه اللعبة الماكرة هي الوحيدة  اتي  حيرت المواطن بل اعقبتها لعبة  الشد والجذب مع ظروف الحصار خاصة بعد ظهور  المنقذ ” سامكو ” الذي  فتح ابواب خزائنه ان وجدت فيها اموال امام عامة الناس  لتشغيل  مدخراتهم  بعمليات وهمية  وتحقيق ارباح  شهرية نتيجة  تشغيل هذه الاموال في قطاعات تجارية غير معلومة وفجأة وبغير سابق  انذار وبعد  انخفاض قيمة الدينار العراقي  نسبة لقيمة الدولار  ضاعت اموال ذلك المواطن البسيط  وبدأ يندب حظه العاثر ويتأسف على اليوم الذي عرف فيه ”  سامكو ” واذا كان  اعلان عدي عن البكبك الاصفر يعتبر تلاعب بمشاعر المواطنين فان اعلان رئيس الوزراء العراقي  حيدر العبادي باجراء اصلاحات ومن ضمنها تشكيل حكومة تكنوقراط والتأخر في حسم هذا الموضوع يعتبر نوعا اخر من التلاعب بمشاعر المواطنين  حيث  لم يرى المواطن  تجسيدا حيا للوعود التي قطعها رئيس الوزراء  باجراء اصلاحات ومن ضمنها   تشكيل  الحكومة المنتظره  وان كان جادا فأن  هناك عراقيل كثيرة تحول دون تحقيق ارادته لاعتبارات سياسية  ومن ضمنها تدخل الكتل  لفرض ارادتها  خاصة وان  تشكيل الوزارة تم ضمن صفقة  وفق  المثل القائل ( هذا الك او هذا اليُ ) 
 اي ضمن  نظام المحاصصة  وهو النظام الذي  اسهم  في تدمير العراق الذي اسهم في تسلق  اشخاص لايمتلكون الخبرة  التي تؤهلهم  للمهام الموكله لهم  حتى ضاق صبر المواطن  الذي رفع راية التغيير لكن هذه الراية سرعان ما انتكست لاعتبارات لا يمكن  الخوض في اسبابها ومسبباتها وبقي المواطن  الذي يعيش سوء الخدمات  والبطالة  حبيس  بيته  متحفزا بانتظار تنفيذ حزمة الاصلاحات التي اعلن عنها رئيس الحكومة  صحيح ان الحكومة  مشغولة حاليا في خوض اشرس  معركة  مع القوى الظلامية في مناطق متعددة من العراق  لكن هذا لايمنع من  قيامها  بحشد القوى الشعبية  وبالامكانيات المتوفرة لتنفيذ  مشاريع خدمية  حتى وان كانت بسيطة تساهم فيها  منظمات المجتمع المدني والمواطنون بحسب امكانياتهم  تطبيقا لمبدأ اليد الواحدة لاتصفق لان المساهمة في بناء الوطن  واجب مقدس المطلوب  مشاركة  كل القطاعات الحكومية والشعبية في انجازه  وحذار من  ظهور اعلان عن بكبك اصفر جديد يعيد عقارب الساعة الى الوراء ويجعل المواطن  اكثر احباطا  عندها  ستخسر العملية السياسية ركنا مهما من اركانها وهذا الركن اسمه الشعب  .