تثير الزيارة التي قام بها ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق مارتن كوبلر إلى الموصل مؤخرا مخاوف من قيام بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في العراق (يونامي) التي يرأسها بالتدخل في الانتخابات ضد الكتل السياسية الشيعية التي تخوض انتخابات مجالس المحافظات وخصوصا ائتلاف دولة القانون، الذي يقوده السيد رئيس الوزراء العراقي نوري كامل المالكي. فما إن حط كوبلر رحاله في الموصل حتى شرب محافظها أثيل النجيفي حليب السباع معلنا أنه قد قام بتقديم دعوى إلى المحكمة الاتحادية لنقض القرار الذي اتخذته الحكومة العراقية بتأجيل الانتخابات في محافظة نينوى. واختيار محافظ نينوى لهذه المناسبة لكي يعلن عن تحديه الصلف لقرار الحكومة لم يكن مجرد صدفة. فأثيل النجيفي يعرف من خلال خوضه لعمليات انتخابية سابقة أنه يمكن أن يستقوي بالأمم المتحدة في المواسم الانتخابية ضد السيد المالكي.
فلقد علمتنا التجارب الانتخابية الماضية أن قسم المساعدة الانتخابية التابع ليونامي قد اعتاد على تجاوز دوره المرسوم له وفقا لمهمته والذي يجب أن يقتصر على تقديم المساعدة الفنية للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات بحيث يتدخل في تفاصيل العملية الانتخابية لكي يقوم بمحاولة تزوير إرادة الناخبين عبر الانحياز ضد الكتل السياسية التي تمثل المكون الشيعي، والذي يمثل الغالبية العددية في العراق، للتقليل من ثقلها الانتخابي. فذاكرة العراقيين ما تزال حية وطرية العود. وكلنا نتذكر الدور الذي لعبته مسؤولة مكتب المساعدة الانتخابية في يونامي ساندرا ميتشل في الانتخابات النيابية عام 2010 لكي تقوض من الانجازات التي حققها كل من التحالف الوطني وائتلاف دولة القانون في صناديق الاقتراع.
والمعروف أن المواقف السلبية لساندرا هذه، وهي كندية، كانت تأتي بوحي من مجموعة من الموظفين في يونامي ينحدرون من إحدى الدول العربية والذين يستغلون وجودهم في يونامي للتنفيس عن أغراضهم وأحقادهم الطائفية في كل شاردة وواردة تتدخل فيها اليونامي في الشأن العراقي. وهؤلاء الموظفون، وهم فلسطينيون من غزة، وعلى رأسهم المدعو مروان علي الكفارنة ومحمد خليل النجار وسفيان مسلم والذين يعملون كمستشارين سياسيين من ذوي النفوذ والتأثير في اليونامي هم الذين غرروا بسلف كوبلر، أي الممثل السابق للأمين العام للأمم المتحدة آد ملكرت، لكي يقوم باتخاذ موقفا علنيا حاول من خلاله الضغط في اتجاه عدم تلبية مطلب كتلة دولة القانون بإعادة فرز الأصوات في بغداد بعدما أفادت معلومات وردت للكتلة بأن تلاعبا قد جرى لغير صالحها أثناء عملية فرز الأصوات. يومها توترت العلاقة بين السيد رئيس الوزراء وملكرت، وفقا لما يقوله بعض العارفين في مكتب السيد رئيس الوزراء، إلى حد أن المالكي رفض لقاء ملكرت على مدى أشهر طويلة وكتب مكتبه مذكرة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كيمون يستنكر فيها موقف البعثة ويطالب بإقالة الكفارنة. ولكن بان كيمون تجاهل هذا الطلب.
ومع اقتراب موعد العملية الانتخابية تتصاعد المخاوف مجددا من قيام هذه المجموعة من المستشارين التي يقودها مروان علي بمحاولة التدخل مرة أخرى لحرف مسار العملية الانتخابية وتزوير إرادة الناخبين لتقويض المكتسبات الانتخابية لائتلاف دولة القانون. وهي إذ تلعب لعبتها هذه تتصرف بوحي من ميولها إلى النظام السابق ومن ما تضمره من انحيازات طائفية وشوفينية ضد بعض مكونات الشعب العراقي.
فحذار ثم حذار يا أبا إسراء من المخططات المشبوهة لهذه الشلة الطائفية ضد ائتلاف دولة القانون. لقد آن الأوان لقطع دابر هذه المجموعة وطردها من العراق لتطهير يونامي من شرورها وانحيازاتها الطائفية والشيفونية. فبعثة الأمم المتحدة في العراق لن يصلح حالها طالما بقية هذه العصابة متحكمة بمكتب ممثل الأمين العام. ومن حق العراق كدولة لها سيادة وكدولة مؤسسة في الأمم المتحدة أن تطرد أي موظف في المنظمة الدولية يخل بواجباته ويستخدم موقعه فيها لتنفيذ مآرب وأغراض خسيسة والتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد والتآمر على مكوناتها.