نؤشّر او نشير اوّلاً , أنْ ليس الأشقّاء الكرد ” او بعضهم من الجيل الجديد الذي يحمل النعرة العرقية ” لوحدهم ممّن لا يستسيغون سماع او اطلاق عبارة < شمال العراق > , فمعظم ساسة العملية السياسية الذين جاؤوا من خلف الحدود , او مع قوات الأحتلال , فأنهم لا يتحمّلون نفسياً وفكرياً تعابيراً مثل < القطر , او داخل او خارج القطر , وما الى ذلك بكلّ ما يتعلّق بمفردة ” القطر ” > , وقد عاتبوني ونصحوني بعض الزملاء في الإعلام والأدباء لأستخدامي هذه المفردة في كتاباتي , حيث انها تستفز مشاعر هؤلاء الساسة او ايّ ” سايسٍ ” سياسيٍّ منهم .!
وفي واقع الأمر , وبسبب جهل هؤلاء واولئك , فأنّ ايّاً منهم لو شاهدَ صور الرئيس المصري الحالي والسابق ” على شاشة التلفزيون ” وهو جالساً في مكتبه او يستقبل وفوداً ما , لرأى خارطةً كبيرة من خلف مكتبه ومكتوبٌ عليها < القطر المصري > , وكذلك الأمر لرؤساء عربٍ آخرين , بل أنّ معظم الأطالس الجغرافية العربية في منتصف القرن الماضي كانت تستخدم كلمة ” القطر ” للأشارة الى اية دولةٍ عربية .
ثُمَّ , وفي المفهوم الهندسي والرياضيات , فحيث استعمال تقسيمات ” الدائرة ” الى نصفٍ قطرٍ او قطر , فهكذا وفق المبادئ الفلسفية للأمة العربية , فأنّ الدول العربية تشكّل اقطاراً متكاملة في الدائرة القومية وحتى في مفهوم الجامعة العربية المفترض .!
وإذ طال الإسترسال عن تفنيد ردودِ افعالٍ عن ابعاد ” القطر ” او ” شمال العراق ” , سواءً على صعيدٍ كردستانيٍ – سياسي , او لتصوّرات ما لساسة هذا الزمن لتفكّرهم او لخيالهم المتّسع بأنّ مفردة ” القطر ” قد تغدو لها علاقة غرامية – سياسية مع النظام السابق , وخصوصاً لأرتباطها لغوياً مع اصطلاحاتٍ مثل < القيادة القطرية او قيادة قطر العراق وما الى ذلك > .! , فلسنا هنا على استعدادٍ الى النزول الى مستوياتٍ ضحلةٍ في التفكير وانعدام المعرفة والمتابعة , مهما بلغت اعداد السنوات التي بقوا فيها هؤلاء خارج القطر .!
وَ عودٌ على بدء , بألأتجاه الى كردستان وعمّا يصيبها من التهاباتٍ سياسية مصحوبةً بحمّى أمنيّة لا يمكن التكهّن المسبق بنتائج مضاعفاتها المحتملة .! , فأنّ اضطرار سلطات الأقليم الى قمع التظاهرات الجماهيرية ” ومهما صاحبها من اعمال عنفٍ او حرائق ” لا تمثل الأرادة الجماهيرية للأخوة الأكراد , فأنّ الخطأ الجسيم الذي اقترفته قيادة الأقليم وما برحت لغاية الآن , فأنما يتجسد في التعرّض لوسائل الإعلام والصحفيين الكرد , واعتقال البعض منهم واقتحام وغلق قنواتٍ فضائيةٍ كردستانية , فحكومة او قيادة الأقليم قد زادت الطين بلّة ” نوعياً وكمياً ” وفتحت على نفسها جبهةً اخرى , فأقتحام ميدان الإعلام لم ينه ولم يوقف التظاهرات والأضطرابات , وسوف يزيد ويضاعف من مطالب الجماهير المنتفضة , وهو ما يتسبب حالياً بأستنكار دول العالم وسفاراتها وكذلك الرأي العام العالمي , بالأضافة الى نقد واستنكار كافة المؤسسات الصحفية العراقية .
حكومة السيد نيجرفان البرزاني ” ومَن وراءه ” مدعوّة جدا للتحلّي بالحكمة والنفس الطويل لإطلاق سراح الصحفيين الكرد المعتقلين والمختطفين , وإعادة الوضع الطبيعي لقناة NRT والصحفيين والمراسلين العاملين فيها , وكذلك القنوات الفضائية الكردية الأخرى , فالتجاوز على مؤسساتٍ اعلامية وعلى رجال إعلام , سيجعل الوسط الصحفي الكردستاني برمّته متضامناً ومتعاطفاً معهم , ولابدّ أنّ سلطات الأقليم في غنى عن ذلك ! لكنها لم تشتشعر ذلك بعد .!