22 نوفمبر، 2024 2:15 م
Search
Close this search box.

حديث الكساء والحقائق الكبرى في الإسلام

حديث الكساء والحقائق الكبرى في الإسلام

لقد أجمع المسلمون قاطبة على حديث الكساء ونتاج الجلوس تحت الكساء نزول آية التطهير على رسول الله (صلى الله عليه واله) التي أظهرت من هم أهل البيت عليهم السلام المطهرون من الذنوب والآثام والموبقات والنجاسات المادية والمعنوية وأن اختلفوا ببعض الجزئيات التي لا تؤثر على محتوى الحديث والمضامين العالية التي أظهرها هذا الحديث المقدس(1)

متى حدث هذا الحدث المقدس ومتى نزلت آية التطهير :

تبين لنا الروايات أن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) بعد نزول آية التطهير كان يقرأها على بيت السيدة فاطمة عليها السلام الى أن توفى ، وتظهر لنا الروايات أن اطول فترة قرأها رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) هي سبعة عشر شهراً ، يروي المخالفون في كتبهم عن ابي برزة قال صليت مع رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) سبعة عشر شهراً فإذا خرج من بيته أتى باب فاطمة فقال الصلاة يرحمكم الله (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) ، وفي بعض الروايات تسعة أشهر والبعض الآخر ستة اشهر الى مات ، ومن أحدى خطب الإمام الحسن عليه السلام ذكر آية التطهير وقال ( وقد قال الله تعالى : إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)( 2) فلما نزلت آية التطهير جمعنا رسول الله (صلى الله عليه واله ) أنا وأخي وأمي وأبي فجللنا وجلل نفسه في كساء لأم سلمة خيبري وذلك في حجرتها وفي يومها ) نستنتج من هذه الرواية أن هذا الحدث المقدس تم بعد معركة خيبر حيث يذكر الإمام الحسن عليه السلام ان الكساء خيبري أي من غنائم خيبر وهذه المعركة قد حدثت في السنة السابعة للهجرة ، وتذكر الروايات ان الحسن والحسين عليهما السلام كانا يمشيان ودخلا الكساء مع جدهما تحت الكساء بعد ان سلما وأستئذنا الدخول ، أي كانا مميزان سلام الله عليهما مع هذه الأحداث والروايات نستنتج أن حديث الكساء ونزول آية التطهير قد تما في السنة التاسعة أو العاشرة للهجرة .

كيف حدث هذا الحدث المقدس :

تقول الروايات التي أجمعت جميعها على حدوثه وهذا ملخص لتلك الروايات عن جابر بن عبد الله الأنصاري عن السيدة فاطمة عليها السلام ( فلما اكتملنا جميعاً تحت الكساء(الحسن والحسين وأمير المؤمنين علي والسيدة فاطمة عليهم السلام ورسول الله صلى الله عليه واله) أخذ أبي رسول الله بطرفي الكساء وأومأ بيده اليمنى الى السماء وقال : اللهم ان هؤلاء أهل بيتي وخاصتي وحامتي لحمهم لحمي ودمهم دمي يؤلمني ما يؤلمهم ويحزنني ما يحزنهم أنا حرب لمن حاربهم وسلم لمن سالمهم وعدوٌ لمن عاداهم ومحب لمن أحبهم إنهم مني وأنا منهم فأجعل صلواتك وبركاتك ورحمتك وغفرانك ورضوانك عليّ وعليهم وأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا) فأنزل الله سبحانه وتعالى آية التطهير ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)(3).

من هم المعنيون بآية التطهير:

هل اختصت هذه الآية بالحسن والحسين وأبيهما علي وأمهما فاطمة عليهم جمعاً سلام الله ورسول الله (صلى الله عليه واله) فقط أم يدخل معهم نساء الرسول (صلى الله عليه واله) ؟؟ ، لقد أجمعت الروايات ان أم سلمة أرادت الدخول معهم تحت الكساء ولكن رسول الله (صلى الله عليه واله) قد منعها وقال لها إنك على خير أو الى خير (4 ) والحديث وارد عن عائشة أيضاً (5)، أي يظهر من هذه الروايات الكثيرة التي يرويها المخالفون قبل الموالون أن الآية الكريمة اختصت بأهل البيت عليهم السلام وهم فاطمة وأبوها وبعلها وبنوها صلوات الله عليهم أجمعين لأنها ابتدأت بأداة الحصر إنما ولا دخل لنساء الرسول (صلى الله عليه واله) بعنوان أهل البيت عليهم السلام ، بالإضافة الى أداة الحصر إنما فأن رسول الله (صلى الله عليه واله) قد منع أم سلمة من الدخول تحت الكساء مع أهل البيت عليهم السلام وهذا ما أجمع عليه جميع علماء التفسير والسيرة ، ويظهر أن نساء النبي (صلى الله عليه واله) لا يمكن إدخالهم تحت هذا العنوان المقدس (أهل البيت عليهم السلام ) ومضمون آية التطهير لا يشملهن جميعاً ويشمل فقط السيدة فاطمة وأبوها وبعلها وبنوها صلوات الله عليهم أجمعين.

ما نوع الإرادة في آية التطهير:

الإرادة اللاهية نوعان : أما تكوينية أو تشريعية ، الإرادة التكوينية تكون خاصة تشمل مجموعة محددة من الخلق وأما التشريعية فتشمل جميع الخلق ، ونوع الإرادة في آية التطهير (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس ..) هي إرادة تكوينية لأنها مختصة بأهل البيت عليهم السلام فقط .

ما المقصود بالرجس في هذه الآية :

هو مطلق الذنوب والآثام والأدناس كما أن المقصود من التطهير هو التنزيه من كل ألوان المعاصي والذنوب والتزكية من جميع أنواع الأدناس والأقذار (راجع تفسير الدر المنثور عند ذكر هذه الآية والأحاديث التي يرويها) .

ماذا أظهرت آية التطهير :

وتظهر هذه الآية عصمة أهل البيت عليهم السلام وطهارتهم من كل نقص وشين وذنب بل من كل ما هو رجس بعنوانه العام ، أي هذه الآية تنص على عصمة الخمسة الذين هم تحت الكساء وأما باقي الأئمة عليهم لسلام من ذرية النبي صلى الله عليه واله أيضاُ مشمولون في هذه الآية بأدلة قطعية أخرى حيث ذكرها علمائنا الابرار في كتبهم .

ما هي المضامين التي أظهرها حديث الكساء :

نستلهم من حديث الكساء الكثير من المضامين المهمة والخطيرة والعظيمة والمقدسة نتوقف على بعضها في هذه العجالة : أن عملية اجتماعهم لم تكن عادية بل يد الغيب كانت مسيرة لها وتراقب كل جزئياتها ودقائقها لأنها تتعلق بالكون والخلق جميعاً ، وعندما أكتمل اجتماع الخمسة صلوات الله عليهم أجمعين تحت الكساء عندها أخذ رسول الله (صلى الله عليه واله) طرفي الكساء ودعى بكلماته المقدسة مباشرة ً، اي لا يمكن نزول هذه الآية وحدوث هذا الحدث الجليل إلا بوجود هؤلاء الخمسة جميعاً ولا يمكن ان ينقص عددهم أو يغيب عن هذا الاجتماع أحدهم ، أي وجود الخلق والكون من أجل وجود هؤلاء الخمسة صلوات الله عليهم أجمعين ، وعملية دخولهم تحت الكساء اي عزلهم عن محيطهم الخارجي بشكل لا يقبل الشك أن المعني بآية التطهير هم فقط أهل البيت عليهم السلام الذين تحت الكساء فلا يمكن لأي شخص ان يدّعي دخوله تحت عنوان أهل البيت عليهم السلام لأنه لم يكن تحت الكساء الذي أحتضن فقط أهل البيت عليهم السلام ، وكأن الله سبحانه وتعالى لم ينزل آية التطهير إلا بعزل هؤلاء الخمسة عليهم السلام عن باقي الناس بطريقة لا تقبل الشك والريب ، فإذا كان أهل البيت عليهم السلام جالسين بدون عزل عن المحيط الخارجي ونزلت آية التطهير عليهم فيمكن لنساء الرسول صلى الله عليه واله أن يدعينَّ أنهن من أهل البيت عليهم السلام لأن أحداهن كانت في الغرفة معهم أو كانت تسير بجنبهم وهكذا ولكن شاءت قدرة الله سبحانه وتعالى أن يكون العزل تام عن المحيط الخارجي من خلال الدخول تحت الكساء وتنزل الآية فقط عليهم صلوات الله عليهم أجمعين .

التربية في حديث الكساء :

العدالة في معاملة الأبناء : لقد أظهر حديث الكساء المقدس كيف تتعامل الصديقة الكبرى عليها السلام مع أولادها الحسن والحسين عليهما السلام عندما يسلمون عليها نلاحظها ترد عليهما السلام لكليهما بنفس الكيفية (السلام عليك يا أماه فقلت : وعليك السلام يا قرة عيني وثمرة فؤادي) هذه العدالة في التعامل مع الأبناء ينتج من خلالها علاقات عائلية صحيحة ورصينة وقوية تصمد أما أعتى التحديات .

تعليم الأبناء على التربية الحميدة من صغر أعمارهم من المفاهيم التي أكد عليها الإسلام و شجع المسلمين على القيام بها من أجل بناء مجتمع متكامل وسعيد وإن الحسن والحسين عليهما السلام أجمل مثال على هذه التربية الفاضلة حيث ان أعمارهم سلام الله عليهم خمس او ست سنوات أو سبع سنوات ، فنلاحظهم يبتدئون بالسلام حين الدخول أو الإقبال على أي شخص والاستئذان حين الطلب ( السلام عليك يا جداه يا رسول الله أتأذن لي أن أدخل معك تحت الكساء ؟)

استحباب استعمال الطيب :

الملفت لقارئ حديث الكساء هي عبارة (إني أشم عندك رائحة طيبة كأنها رائحة جدي أو أخي وأبن عمي رسول الله صلى الله عليه واله) فيظهر من هذا الحديث إن لرسول الله صلى الله عليه واله رائحة طيبة زكية خاصة به وهذه الرائحة أما كان يضعها أو هي أحدى صفاته الكثيرة أي كانت رائحته طيبة متميزة ، وقد قال رسول الله (صلى الله عليه واله ) ( حبب الي من الدنيا ثلاث النساء والطيب وقرة عيني في الصلاة ) (6) وكانت رائحة الرسول (صلى الله عليه واله) زكية طيبة بل كان يعرف إذا أقبل أو مر بمكان برائحته الطيب فيقول القائل مر من هنا رسول الله (صلى الله عليه واله) (7)، يقول خادم رسول الله (صلى الله عليه واله) أنس (رض) كان إذا مر في طريق من طرق المدينة عُرف بريح الطيب ويقول أيضاً ولا شممت مسكةً ولا عبيرةً أطيب من رائحة رسول الله (صلى الله عليه واله) (8) وكان يحب الروائح الطيبة ويحرص عليها ويشجع أصحابه على ذلك وكانت له سكة يتطيب منها ( 9)

ما نوع العلاقة التي تربط الرسول (صلى الله عليه واله) مع أهل البيت عليهم السلام:

وقد أظهر حديث الكساء العلاقة الحقيقية التي تربط رسول الله (صلى الله عليه واله) بعلي بن أبي طالب والسيدة فاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ، فبعد أن أستأذن جميعهم من رسول الله (صلى الله عليه واله) ودخلوا تحت الكساء ومع دخول السيدة فاطمة عليها السلام واكتمال العدد المقدس أغلق باب الكساء رسول الله (صلى الله عليه واله) ( وأخذ بطرفي الكساء وأومأ بيده اليمنى الى السماء وقال : اللهم إن هؤلاء أهل بيتي وخاصتي وحامتي لحمهم لحمي ودمهم دمي يؤلمني ما يؤلمهم ويحزنني ما يحزنهم أنا حرب لمن حاربهم وسلم لمن سالمهم وعدوٌ لمن عاداهم ومحب لمن أحبهم إنهم مني وأنا منهم فأجعل صلواتك وبركاتك ورحمتك وغفرانك ورضوانك عليّ وعليهم وأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا) (10) فيظهر من هذا الدعاء إن رسول الله (صلى الله عليه واله) يريد إظهار علاقة أمير المؤمنين علي والسيدة فاطمة والحسن والحسين عليهم السلام به ، فابتدأ بإنَّ التوكيدية اي أكد على أن هؤلاء أهل بيتي لا غيرهم وهم خاصتي ويشتركون معي بكل وجودي المادي والمعنوي فهم حامتي ولا يحميني غيرهم وهنا الحماية المرتبطة بالرسالة المحمدية السمحاء فهم الحماة الحقيقيون لها وهذه هي الحماية الحقيقية لرسول الله (صلى الله عليه واله) مع الحماية المادية بعنوانها العام ، وهم لحمي ودمي الذي يجري في عروقي أي علاقة انصهار تام كأنهم شخص واحد ويظهر هذا المعنى أكثر وضوحاً عندما يقول الرسول (صلى الله عليه واله) يؤلمني ما يؤلمهم ويحزنني ما يحزنهم ، أي أذية لأي واحد منهم سلام الله عليهم هي أذية لرسول الله (صلى الله عليه واله) وأحزانهم أحزانه (صلى الله عليه واله) ، وحربهم في حقيقتها حرب لرسول الله (صلى الله عليه واله ) فمن حارب أمير المؤمنين عليه السلام وضرب الصديقة الكبرى عليها السلام وحارب الإمام الحسن عليه السلام وقتل الإمام الحسين عليه السلام هي في حقيقتها محاربة لرسول الله (صلى الله عليه واله ) وقتلاً لرسول الله (صلى الله عليه واله) قال الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه الكريم (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتَّلوا أو يصلَّبوا أو تقطَّع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزيٌ في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم)(11) ، فمن عاداهم عادا رسول الله (صلى الله عليه واله ) ومن سالمهم سالمة رسول الله ( صلى الله عليه واله) ومعاداتهم معاداته وحبهم حبه (صلى الله عليه واله) ، وبعدها يظهر (صلى الله عليه واله ) حقيقة العلاقة أنهم مني وأنا منهم أي جميعنا شخص واحد لا يمكن لأي إنسان أن يجزئنا أو يفرقنا أو يؤمن بواحد منا ويترك الآخرين ، ويدعوا الله سبحانه وتعالى أن يجعل صلواته وبركاته ورحمته وغفرانه ورضوانه الغير متناهية عليّه وعليهم ، ويختم الدعاء بتطهيرهم من كل رجس وخبث ودنس المادي والمعنوي عندما قال (صلى الله عليه واله) وأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا أي يارب أعصمهم من كل الذنوب والآثام والأرجاس والخبائث ما ظهر منها وما بطن وهناك آيات و أحاديث كثيرة تعطي نفس المضامين التي ذكرها دعاء الرسول صلى الله عليه واله قال الله سبحانه وتعالى ( فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبنائنا وأبنائكم ونسائنا ونسائكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين ) (سورة آل عمران آية 61) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام) : حبيبك حبيبي ، وحبيبي حبيب الله ، وعدوك عدوي وعدوي عدو الله والويل لمن ابغضك بعدي(12) ، قال رسول الله (صلى الله عليه واله) ( حرب علي حرب الله وسلم علي سلم الله ) ، وقد روى أبو المفضل الشيباني بسنده عن عمار بن ياسر ( رحمه الله ) قال : كنت مع رسول الله (صلى الله عليه واله) في بعض غزواته وقتل علي أصحاب الألوية وفرق جمعهم وقتل عمر بن عبد الله الجمحي وقتل شيبة بن نافع ، أتيت رسول الله ( صلى الله عليه واله) وقلت : يا رسول الله أن عليا قد جاهد في الله حق جهاده فقال : لأنه مني وأنا منه ، وأنه وارث علمي وقاضي ديني ومنجز وعدي والخليفة بعدي ولولاه لم يعرف المؤمن المحض بعدي ، حربه حربي وحربي حرب الله وسلمه سلمي وسلمي سلم الله إلا إنه أبو سبطي والأئمة بعدي ، من صلبه يخرج الله تعالى الأئمة الراشدين ومنهم مهدي هذه الأئمة ( 13) وقال رسول الله (صلى الله عليه واله)( إنما فاطمة بضعة مني يؤذيني ما آذاها )(14) وقال رسول الله (صلى الله عليه واله) ( إنما ابنتي بضعة مني يريبني مارابها ويؤذيني ما آذاها )(15) وقال رسول الله (صلى الله عليه واله) (فاطمة بضعة مني وأنا منها فمن آذاها فقد آذاني ، من آذاني فقد آذى الله )( 16) ،وقد روي أن رسول الله (صلى الله عليه واله ) أخذ بيد الحسن والحسين فقال من أحب هذين الغلامين وأباهما وأمهما فهو معي في درجتي يوم القيامة (17) .

 

جلوس أهل البيت عليهم السلام تحت الكساء يرافقه اجتماع في السماء:

 

وقد رافق الاجتماع الذي تم تحت الكساء في الأرض وكان أعضاء هذا الاجتماع هم فاطمة وأبوها وبعلوها وبنوها صلوات الله عليهم أجمعين ، خطاب من العلي الأعلى يخبر به ملائكته وسكان سماواته ( يا ملائكتي ويا سكان سماواتي إني ما خلقت سماءً مبنية ولا أرضاً مدحيَّة ولا قمراً منيراً ولا شمساً مضيئة ولا فلكاً يدور ولا بحراً يجري ولا فُلكاً يسري إلا في محبة هؤلاء الخمسة الذين هم تحت الكساء ) أي هذا الوجود وما يحوي خلق من أجل محبة أهل البيت عليهم السلام الذين هم تحت الكساء الآن الذي يحيط بهم الكساء من كل جانب وعازلهم عن جميع من يحيط بهم من نساء وأقرباء النبي (صلى الله عليه واله) ، وهناك أحاديث تعطي معنى مقارب ومشابه كما في الحديث القدسي ( لولاك يا أحمد لما خلقت الأفلاك ولولا علي لما خلقتك ولولا لما خلقتكما )(18)وهناك أحاديث يرويها علماء السنة تعطي نفس المعنى باختلافات جزئية قليلة .

أهل الكساء من هم:

وقد اخبر الله سبحانه وتعالى ملائكته وسكان سماواته عن الخمسة الذين هم تحت الكساء عندما سأله جبرائيل عليه السلام ( ويا رب من تحت الكساء ) فان الجواب من العلي الأعلى مدوي لا لبس فيه وقد وضع النقاط على الحروف ( هم أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة هم فاطمة وأبوها وبعلوها وبنوها ) ، وكان التعريف بطريقة لا يمكن تناسيها أو إغفالها أو التشكيك بها وغير قابلة للتزوير أو خلط الأوراق ، فقد عرف الله سبحانه وتعالى الخمسة الذين هم تحت الكساء بالنقطة المحورية التي تربط النبوة بالإمامة والمحتضنة لنطفتي النبوة والإمامة ونقطة اتصال النبوة بالإمامة ونقطة إتحاد النبوة بالإمامة فكان القطب الذي عرف به الله سبحانه وتعالى الخمسة الذين هم تحت الكساء هي الصديقة الكبرى فاطمة عليه السلام .

جبرائيل عليه السلام يتشرف بحضور اجتماع الكساء :

وقد أرسل الله سبحانه وتعالى الأمين جبرائيل مباشرة بعد تجمع أهل البيت عليهم السلام تحت الكساء الى الأرض ليخبرهم بنتاج هذا الاجتماع المقدس وليظهر للبشرية قاطبةٌ وللمسلمين بشكل خاص هذه الحقائق الكبرى التي يتوقف عليها دين الإسلام واستمرارية هذا الدين الى قيام الساعة ، فقد طلب جبرائيل الإذن من الله سبحانه وتعالى ليتشرف بالدخول وحضور هذا التجمع الذي اشرف عليه الله سبحانه وتعالى ، وبالرغم من إعطاء الإذن من الله سبحانه وتعالى لجبرائيل بالهبوط الى الأرض ليدخل معهم تحت الكساء ليكون معهم سادسا ، ولكن بعد هبوطه وسلامه على رسول الله (صلى الله عليه واله) طلب من الرسول الأذن أيضاً بالدخول وهذا دليل كبير على عظمة ومنزلة رسول الله (صلى الله عليه واله) وبعد دخول جبرائيل كممثل للسماء تحت الكساء أخبر جبرائيل رسول الله (صلى الله عليه واله) بكلمات الله سبحانه وتعالى التي أظهر من خلالها أن سبب هذا الوجود وما يحوي من أرضين وشموس وسماوات وبحار وأفلاك وفلك من أجل محبتكم ، وبعدها نقل له الآية التي أرسلها الله سبحانه وتعالى التي تخص هذا الاجتماع والحدث المقدس حيث قال الأمين جبرائيل ان الله قد أوحى إليكم يقول ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) .

ما هو فضل جلوس أهل البيت عليهم السلام تحت الكساء:

فلم يترك أمير المؤمنين عليه لسلام هذا الحدث العظيم ان يمر بدون أن يظهر فضل هذا الاجتماع المقدس لأهل البيت عليهم السلام تحت الكساء عند الله سبحانه وتعالى حتى تعرف البشرية قاطبةً فضل هذا الاجتماع من أجل الاستفادة منه للوصول الى سعادة الدارين ، فكان السؤال ( يا رسول الله أخبرني ما لجلوسنا هذا تحت الكساء من الفضل عند الله ؟ فقال النبي صلى الله عليه واله والذي بعثني بالحق نبيا واصطفاني بالرسالة نجيا ما ذكر خبرنا هذا في محفل من محافل أهل الأرض وفيه جمع من شيعتنا ومحبينا إلا ونزلت عليهم الرحمة وحفت بهم الملائكة واستغفرت لهم الى أن يتفرقوا ) فقد أخبر رسول الله (صلى الله عليه واله) بفضل ذكر هذا الحدث بعد أن أقسم بالله سبحانه وتعالى وقال إن ذكر حديث الكساء هذا في أي محفل من محافل أهل الأرض الذي يجتمع فيه محبيهم وشيعتهم فأن الرحمة الالهية تتنزل عليهم وتتلطف بهم وتحف بهم الملائكة وتملأ محفلهم وتستغفر لهم الى أن يتفرقوا فأي حدث هذا واجتماع مقدس ذكره يستوجب نزول الرحمة الإلهية بل نزول الملائكة لكي تستغفر لكل من كان في ذلك المحفل من شيعتهم ومحبيهم وبعد سماع هذا الكلمات العظيمة من رسول الله (صلى الله عليه واله) وهذا الفضل الكبير يبادر مباشرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام بالقسم والقول (إذن والله فزنا وفاز شيعتنا ورب الكعبة) فكيف لا يكون الفوز بعد نزول الرحمة الالهية واستغفار الملائكة لمن يذكر هذا الحدث الى أن يتفرقوا ، لهذا علينا أن نبتدأ مجالسنا دائما بقراءة حديث الكساء حتى نحصل على الرحمة الالهية دائما مع استغفار الملائكة مع المداومة على هذا الحديث تكون الاستمرارية في حصول الرحمة الإلهية والاستغفار من قبل الملائكة فهذا بحق الفوز الحقيقي المرجوة لسعادة الدنيا ودخول الجنان في الآخرة .

الفوائد الدنيوية والأخروية من حديث الكساء :

ويظهر رسول الله (صلى الله عليه واله) أفضال إضافية لهذا الجلوس تحت الكساء ، إذ يقسم ثانيةً رسول الله (صلى الله عليه واله) ويقول يا عليُ والذي بعثني بالحق نبيا واصطفاني بالرسالة نجيا ما ذكر خبرنا هذا في محفل من محافل أهل الأرض وفيه جمع من شيعتنا ومحبينا وفيهم مهموم إلا وفرج الله همه ولا مغموم إلا وكشف الله غمه ولا طالب حاجة إلا وقضى الله حاجته ) وهذه الأفضال التي أضافها رسول الله (صلى الله عليه واله) تأثيراتها دنيوية توصلننا للسعادة والرفاهية في العيش عندما يذكر هذا الحديث ما بين الشيعة والمحبين فمن كان حاضرا في ذلك المحفل مهموماً إلا وكشف الله همه وأراحه ولا مغموماً إلا وفرج الله غمه ولا طالب حاجة إلا وقضى الله حاجته فمن الصعب ان تجد أحداً من الناس من لا يعاني من أحدى هذه الثلاث ؟؟؟ ( الهم والغم والحاجة) فبذكر هذا الحديث ينكشف هذا المثلث المبتلى به الناس جميعاً ، فأي فضل عظيم لهذا الحدث المقدس عند ذكره في أي محفل تتنزل الرحمة على المشتركين في هذا الحفل مع نزول الملائكة عليهم لكي تستغفر لهم ولا يبقى للهم والغم والحاجة أي وجود في هذا المحفل بل تضمحل وتنتهي ويأتي الفرج وقضاء الحوائج والارتياح ، فبعد أن اخبر بهذه الفضائل العظيمة التي بها خير الدنيا والآخرة رسول الله (صلى الله عليه واله) عندها قال أمير المؤمنين عليه السلام ( إذن والله فزنا وسُعدنا وكذلك شيعتنا فازوا وسعدوا في الدنيا والآخرة ورب الكعبة )، فقد أقسم أمير المؤمنين عليه السلام مرتان بأن الفوز والسعادة سترافق اهل البيت عليهم السلام وشيعتهم المتمسكين بأصحاب الكساء والذين يذكرون هذا الحديث الذي فيه التفريج عن الهموم والكشف عن الغموم وقضاء الحوائج بالإضافة الى تنزل الرحمة الالهية واستغفار الملائكة ، فهذه العوامل الاساسية للوصول الى الحياة الأبدية الخالدة في الجنان والحياة السعيدة المملؤءة عافية ورفاهية في الدنيا .

مضامين حديث الكساء أعمدة الإسلام:

لقد أظهر حديث الكساء مضامين عالية جداً وحقائق لا يمكن تجاهلها بأي حال من الأحوال ، هذه الحقائق يتوقف عليها الدين الإسلامي لأنها هي التي تبين أحكامه وتعاليمه بشكل عملي ونظري بعد رسول الله (صلى الله عليه واله) ، وهي التي تحافظ عليه من الشبهات والإشكالات والبدع والفتن وتبقي الإسلام غضاً طرياً جديداً ما طالت الأيام والدهور ، فقد أظهر حديث الكساء أن أهل البيت عليهم السلام هم فاطمة وبعلها وبنوها وهم أقرب الخلق لرسول الله (صلى الله عليه واله) وهم الأئمة بعد الرسول (صلى الله عليه واله) ، وقد أظهر حديث الكساء من خلال آية التطهير التي نزلت عليهم سلام الله عليهم وهم جالسون تحت الكساء أنهم طاهرون مطهرون من جميع الآثام والنجاسات و الذنوب أي أنهم معصومون من الأخطاء والذنوب والمعاصي والآثام ، اي أئمة معصومون كعصمة رسول الله (صلى الله عليه واله) ، وهؤلاء هم أهل الذكر الذين أشار لهم القرآن الكريم وهم عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ، فهم خلفاء الرسول (صلى الله عليه واله) الذين نصبهم الله سبحانه وتعالى وعددهم أثنى عشر إماماً فكان أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وأخرهم مهدي هذه الأمة الإمام الحجة بن الحسن (عج) .

(1) مناهج أهل السنة – أبن تيمية ج3ص3،صحيح مسلم ج4-1883 حديث 2424 ، الترمذي (كتاب تفسير القرأن) ج5ص351 حديث 3105، كتاب المناقب باب مناقب أهل البيت – الترمذي ج5ص663 حديث3787، المستدرك على الصحيحين – الحاكم النيسابوري كتاب معرفة الصحابة ج3ص146 ، مسند أحمد – أحمد ابن حنبل ج6ص292 ، كتاب عوالم العلوم – الشيخ عبد الله البحراني روى هذا الحديث بسند صحيح عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، هناك العشرات من الكتب التي نقلت حديث الصحيح (2) سورة الأحزاب آية 33(3) سورة الآحزاب آية 33(4) مسند أحمد ج6ص292(5) صحيح مسلم ج7 ص130(6) الخصال ج1ص79،بحار الأنوار – العلامة المجلسي ج73ص141(7) المختارة للضياء:7/129(8) صحيح البخاري – البخاري1973 (9) صحيح ابو داود – ابو داود : 4164 (10) مفاتيح الجنان الشيخ عباس القمي ص333(11) سورة المائدة آية 33(12) الخوارزمي – المناقب ص128 ، ابن سبط الجوزي – التذكرة ص54، ابن حديد المعتزلي – نهج البلاغة ج2ص450، الحافظ الذهبي – ميزان الإعتدال ج2ص128، القندوزي – ينابيع المودة ص55، أمالي – الشيخ الصدوق ص55، بحار الانوار – العلامة المجلسي ج38ص11ص95(13) كفاية الأثر ص16 ، بحار الأنوار- العلامة المجلسي ج36 ص183 ص326) وقد روى الشيعة والسنة في كتبهم أن رسول الله (صلى الله عليه واله) قال : ( فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني )( صحيح مسلم – مسلم ج3-1144(14) صحيح مسلم – مسلم ج4-1903(15) صحيح مسلم – مسلم ج4-1902(16) علل الشرايع – الشيخ الصدوق ج1ص219(17) بحار الأنوار – العلامة المجلسي ج43ص271(18) ابو بكر الخلال ، السنة ج1ص233 ، أبن حجر الهيثمي ، الفتاوي الحديثة ص455، أبن عساكر ، تاريخ دمشق ، ج3ص518 ، النيسابوري ، المستدر على الصحيحين ج2ص672، البحراني عوالم العلوم ج11ص43(19)

أحدث المقالات