مرّتْ أيّام , وكأنها < دارت الأيام ” لأم كلثوم ” > عن ذلك لقاء المساء في مطلعِ هذا الشهر , وهو اللقاء الفريد من نوعه على الصعيد العالمي , لكن اولى ضحايا ذلك اللقاء كانَ وما برحَ هو ” الإعلام ” وما افرزه من حرمان الرأي العام ” كضحية ثانية ” من معرفة او التعرّف عمّا جرى وتبودل من تفاصيل وجزئياتِ تفاصيل الحديث بين فيروز و ماكرون , وبما فيه الصور الشحيحة والفقيرة داخل القصر الفيروزي , وكذلك على مائدة العشاء ” وماذا تضمّنَ العشاء من اطباق ! ” حيث الفرنسيين وعموم عالم الغرب يهتمون بهذه الجزئيات ” كعنصر إثارة او حُبّ استطلاع او ما يُسمّى ب ” الفضول الصحفي ” لدقائق هذه التفاصيل شبه المبهمة لغاية الآن .
أحد الصحافيين اللبنانيين < …. > المخضرمين والذي يعمل في صحيفة الشرق الأوسط اللندنية , كتبَ في عمودهِ الصحفي عن ذلك اللقاء وبعنوان ” العشاء السحري ” , وفي التفاصيل سمّاه ” بالعشاء السرّي “.
زميل المهنة الصحفي اللبناني اجتهدَ ” وكأنه اجتهادٌ فقهيّ ” واصفاً بعض المشاهد , بأنّ الرئيس الفرنسي سوف يقوم بتقبيل يد فنانة لبنان العرب فيروز ” كعادة تقليدية في فرنسا ” , ثمّ يضيف ! < أنّ ماكرون يقول لفيروز دعي الرسميات وبأمكانك مناداتي ايمانويل > , وفي جانبٍ آخر من حديثه في ذلك العمود الصحفي , وفي معرض تصوراته عن وليمة العشاء التي امتدحها ماكرون , يتخيّلُ او يفترض صاحبنا أنّ فيروز ستقول < إنّ هذه الأطباق من صنع يدي > , وعلى ايّ حالٍ من الأحوال فقد لا يغدو كلّ ذلك بذي اهمية , ويفتقد لأيّ دليل لما لم يجرِ مشاهدته .
في تعمّقٍ موضوعيٍ لإستقراء إبعاد الإعلام عمّا لم تقتضيه ضرورةٌ قصوى , فينبغي الإعتراف أنّ ذلك قد جرى هندسته بالعناية المركّزة والمدروسة , وبإخراجٍ صحفيٍ وآخرٍ سينمائيّ رفيعا المستوى , وربما بما يفوق رؤى وقُدُرات فيروز في هذا الشأن , اي أنّ جهةً ما .! قد تولّت الإعداد والتهيئة المسبقة لإظهار اللقاء بعيداً عن الأضواء , وهذا بحدّ ذاته من عناصر الجاذبية المركّبة لجرّ المتلقي للتعرّف عمّا لم يجر كشفه الى غاية الآن .
موقفٌ ملفتٌ للنظرِ , ويتجاوزُ ايَّ رؤىً وافتراضاتٍ أنْ لا تكون فيروز في استقبال الضيف الفرنسي على بوابة منزلها ! , وذلك ما لمْ يحدث حتى في زيارات ملوك ورؤساء الدول بين بعضهم .! , وهذا يعطي مكانة فائقة وكبرى لفيروز , ولا يشكّل ايّ Diplomatic Snub – إهانة او ازدراء للرئيس ماكرون , حيث وجود اثنين من السلالم للصعود او النزول ” او كلاهما ” للوصول الى مدخل منزل فيروز , انّما يبرّر او يسوّغ لصعوبةٍ ما لحركتها وهي بسنّ ال 85 , وقد تمّ تجيير وتوظيف ذلك ليصعد رئيس فرنسا اليها برفقةِ ابنتها ريما , كأجراءٍ بروتوكوليٍ وسطيٍّ او اكثر , وكانَ لابدّ منه .!
الى ذلك , فمن الصعوبة البالغة التصوّر او التفكّر بعدم وجود كاميرات خاصة في اروقةِ منزل فيروز ” سواءً قبلَ الإعداد للزيارة او قبل ذلك ” بغية توثيق الحدث , وما حدثَ بين فيروز وماكرون من احاديث بالصوت والصورة , ولأجل التأريخِ على الأقل , ولموقع لبنان ومكانته على المسرح الدولي , ولإضافةٍ ذهبيةٍ اخرى للسيرةِ الذاتية للسيدة فيروز , فلا مجال متاح أن يتلاشى ذلك اللقاء مع الأيام
وهذا الأمر ” التسجيل المفترض ” بالكاميرات لا يخفى بالطبع على الوفد الأمني المرافق للرئيس الفرنسي , وليس هنالك من دليلٍ للطلب على عدم عرض الصور والفيديوهات التي تنقل او نقلت ما دار بين الرئيس والفنانة التي استضافته في الظرف الحالي , كما ليس مستبعداً أن يجري عرض العرض بعد الإنتخابات الرئاسية الفرنسية في عام 2022 او حتى قبلها .
من جانبٍ آخرٍ , فمَنْ ذا الذي قام بتصوير اولى لحظات اللقاء بين الرئيس والفنانة في صالة الإستقبال في منزلها ؟ هل ابنتها ريما او السفير الفرنسي ” برونو فوشيه ” الذي رافق رئيسه في الزيارة .؟ ومَنْ اصدر الأمر بالإكتفاء بنشر صورةٍ واحدةٍ فقط .! , الأيام الطوال ستجيب عن ذلك لاحقاً .
وبمناسبة الإشارة الى منزل او دارة فيروز , فَلّم تكن صالة الإستقبال بذلك المستوى الذي ادهش المشاهدين ! ولم تكن بتلك الهندسة الرفيعة ولا ذلك الديكور المتوقّع , سيما قياساً الى قصور فناناتٍ لبنانياتٍ اخريات ” والفنانة هيفاء وهبي انموذجاً فخماً لذلك ” .! وقد يغدو مؤدّى ذلك الى تواضع أسرة الرحباني او ايّ أمرٍ آخر .