23 ديسمبر، 2024 1:33 ص

حديثٌ جانبيٌّ خاص من المعركة ” غزّة “

حديثٌ جانبيٌّ خاص من المعركة ” غزّة “

من اصعب صعابٍ في الكتابة عن مجرياتِ معركةٍ شرسة < كالتي تجري الآن بين حركة حماس والأسرائيليين > , وإذ هي في بدايتها , ومن قبل أن يأتي ردّ الفعل العسكري الشامل للجيش الأسرائيلي الى غاية تدوين هذهنَّ الأسطر , فذلك كمن يكتب تقريراً صحافياً لمراسلٍ حربي وهو خارج او بعيد عن ميدان المعركة وبمسافة بعيدة , ودونما انتظارٍ لمواكبة المتغيرات والتطورات وما قد يصاحبها من مضاعفات .!

   من هذه الزاوية الجانبية او الأوليّة , فجليّاً بدا أنّ قيادة حركة حماس قد خططت بإتقانٍ لهذه المعركة وربما لحدّ الجزئيات , وتحسّبت مسبقاً لردود الأفعال الأسرائيلية الفورية او الأوّلية , واتخذت الأحتياطات الممكنة , كان من ضمن ذلك تحديد الأهداف التي يقتحموها مقاتليها كأولوية , لا لتكبيد العدو بأكبر الخسائر فحسب , وانما الإستفادة السريعة من من الأستيلاء على الأسلحة والذخائر المتواجدة في ثكنات الجيش الأسرائيلي , بجانب الأستيلاء على اعداد من المركبات والعجلات المدنية والعسكرية , بغية تسهيل حركة المقاتلين ومرونتها , وكان من ضمن هذه الحسابات التأمين المسبق لإحتمالات ما قد يظهر من صعوبةٍ ما في ايصال الدعم اللوجستي للمقاتلين , لا سيّما من الناحية العسكرية ومتطلباتها .  

ايضا بدا أنّ حماس قامت بتخزين كمياتٍ كبيرة من الصواريخ ” وتأمين عدم تعرّضها لقصف الطيران الأسرائيلي ” وذلك للتحسب لأحتمال اطالة مدة المعركة والتي لا بد ان تتوقف قي وقتٍ ما .

الى ذلك كان بائنا اختيار يوم السبت لبدء المعركة والذي تتعطّل الحركة فيه نسبياً في اسرائيل لإعتباراتٍ دينيةٍ يهودية , وكأنّ ذلك فيه محاكاةٌ ما لما جرى في حرب تشرين – اكتوبر لعام 1973 الذي اختير في ” يوم كيبور – عيد الغفران في اسرائيل الذي تتجمّد فيه الحركة في عموم بلادهم , والذي تزامن هذه المرّة بعد يومٍ واحد من ذكرى هذه الحرب ” وكأنه لأسبابٍ تكتيكية لمباغتة الصهاينة وبشكلٍ لا تتوقعه المخابرات الأسرائيلية .

   في الحسابات الستراتيجية الكبرى , لابدّ لأسرائيل أن تسترجع كافة المناطق والمستوطنات والثكنات التي سيطروا عليها واحتلوها المقاتلون الفلسطينيون , فلا ايّ مجالٍ ممكن للمقارنة العسكرية , واحتمال انسحاب مقاتلي حماس الى قواعدهم هو واردٌ وممكن وفق الظروف وتطورات الأوضاع الميدانية , خصصاً أنّ الصهاينة قد امتصّوا الصدمة تقريباً الى حد هذه الساعة واعادوا استجماع قواتهم واستدعاء الأحتياط استعداداً للهجوم المقابل , لكنّ ما يواجههم من تعقيداتٍ لاحقة هو الأسرى والرهائن الذين اقتادتهم حماس الى داخل غزة وفي امكنة مجهولة , وكيفية احتمال المساومة عن الأفراج عنهم ” ومقابل ماذا ؟ ” لكنّ ذلك لا يمنع ولا يحول من شدة ردّ الفعل الأسرائيلي وقساوته لحفظ أقلّ قدرٍممكن من ما الوجه الذي انسكب .! … وفي ظل تصعيد عجلة العنف القادمة التي يلجأون اليها جنرالات اسرائيل للتعويض النفسي عن فشلهم وخسائرهم العسكرية , وفي تحسّبٍ مسبق لإقالتهم من نتنياهو وجعلهم كبش الفداء , وخصوصاً لما سيتعرّض له نتنياهو من هجوماتٍ نقدية من الرأي العام ووسائل الإعلام الأسرائيلية , وذلك ما يجعله متحمساً لتشكيل وزارة جديدة مع قوى المعارضة تحت تسمية حكومة طوارئ .!

   الساعات القادمة ومهما زادتَ او قلّتْ اعدادها , فهي التي سترسم الخطوط التمهيدية الأولى لإنهاء المعركة في المناطق والمستوطنات الأسرائيلية التي حررورها الفلسطينيون , لكنّما مجهولٌ الى حدّ ما كيف ستضحى او تمسى عمليات الأستنزاف في القصف المتبادل بين الفلسطينين والصهاينة والتي قد تغدو كنزيفٍ متدفق الى أجلٍ غير بعيد .