23 ديسمبر، 2024 1:32 ص

حديثٌ بَحتٌ عن الأوضاع اللبنانية .!

حديثٌ بَحتٌ عن الأوضاع اللبنانية .!

على الرغم من أنّ لبنان يخلو من عمليات الإقتتال الداخلي , ولا تحدث فيه اشتباكات مسلّحة بين فصائل وميليشيات وطوائف , وهذه ظاهرة صحيّة ومتميزة في ظلّ اوضاعٍ تراجيدية ودرامية في كلا الجانبين الإقتصادي والسياسي وسواهما ايضاً .

لكنّ الوضع الأقتصادي الكارثي والمستوى الذي آلت اليه الليرة اللبنانية , وما يصاحب ذلك من ازمةٍ خانقة في الكهرباء والوقود , مع الإرتفاع الجنوني في الأسعار والى الحدّ الذي امسى يؤثر على تدبّر لقمة العيش على بعض الشرائح الإجتماعية الفقيرة , واستفحال واستشراء ذلك حتى على توفّر الأدوية في الصيدليات , ولا نتطرّق هنا الى الإنعكاسات النفسية على الجمهور , فكلّ ذلك وسواه اخطر واصعب واكثر تعقيداً من الأوضاع والأشتباكات المسلّحة والمعارك التي تجري في عددٍ من الأقطار العربية كاليمن وليبيا وسوريا وغيرها , فعلى الأقل ففي تلك البلدان يتوفّر الوقود وتتوفر الكهرباء والأدوية , ولم تصل العملات المحلية الى ما وصلته الليرة اللبنانية .

وإذ الأزمة الساسية وعدم القدرة والأرادة على تشكيل حكومةٍ جديدة لإنقاذ البلاد , غير مرشّحةٍ الى الحلّ في المدى المنظور – القريب , حتى اضحى موقع رئيس الجمهورية – العماد ميشيل عون غير ذي نفعٍ , وتكاد تنحصر مهامّه في الإعتراض على أسماء وانتماءات بعض الوزراء عند تشكيل او محاولة تشكيل ايّ حكومة مفترضة .

   لاشكّ أنّ نظرة المراقبين ” من خارج لبنان ” لمجريات الساحة اللبنانية قد تتباين عن النظرة في الداخل اللبناني جرّاء تداخل الرؤى وتقاطعها في ذات الحين .! ولعلّ أقلّ قاسمٍ مشتركٍ بين هذا التداخل وذلك التقاطع هو وجود ونفوذ حزب الله وما يمثّله وينفّذه للستراتيجية الأيرانية في المنطقة , ولم يعد ذلك بجديد .

ما يثير حالة الإندهاش لدى الأوساط الإعلامية والسياسية خارج لبنان < قياساً الى الأوضاع التي سادت الساحة العربية وبعض اقطارها منذ النصف الثاني من القرن الماضي > هو عدم تدخّل الجيش اللبناني منذ بدايات الأزمة السياسية – الأقتصادية .! , بالرغم من القدرات التي تتمتّع بها القوات المسلحة اللبنانية في ازاحة كل او معظم الطبقة السياسية من الساحة وتأمين الوضع الأمني التمهيدي لنصف مساحة لبنان ” على الأقل ” او في بيروت والأتجاه شمالاً , وليس ما نذكره هنا عن النمطية التقليدية العربية مما جرى من ثوراتٍ وانقلابات في عددٍ من الدول العربية , ليمثّل خارطة طريقٍ لحلٍ مفترض , لكنّ الأمور بلغت حداً لم يعد قابلاً للتحمّل اكثر .!

ثُمّ وبعيدا ممّا يمكن اعتباره نوعاً من السفسطة لما جاء في اعلاه , وعلى الرغم من المعاناة المالية والغذائية لمنتسبي الجيش , ومروراً بحديثٍ مطروح عن محاولاتٍ لدول الخليج او بعضها لحلحلة الأوضاع المتأزمة في لبنان , فنظرة المراقبين الخارجية كانت وما برحت تتمحور عن دَورٍ مفترض لقائد الجيش اللبناني بزيارة عددٍ من دول الخليج ودولٍ عربيةٍ اخرى لعرض مساعدات مالية عاجلة الى لبنان وعرض مداخلات الوضع السياسي فيه ومناقشتها , والأهمّ من ذلك تحريك القضية اللبنانية وتفعيلها أمام الزعماء والقادة العرب , حتى لو لم تحصل ايّ تطورات ايجابية مفترضة .. إنّ ترك القطر اللبناني الشقيق بهذه الحال , إنّما يجافي الحد الأدنى من مفهوم العروبة على الأقل .!