22 ديسمبر، 2024 7:13 م

رغم حالته المادية المتواضعة لكن حجي ضاري إنسان يحب الخير ومساعدة الأخرين. ذات يوم جائه جاره يطلب منه مبلغاً من المال لحاجته الماسة إليه. أشفق وتعاطف حجي ضاري مع جاره وأعطاه ما يريد. تعهد الرجل بإرجاع المبلغ في غضون أربعة اشهر.

إنقضت الأشهر الأربعة ومثلها أخرى حتى بلغ الأمر عاماً كاملاً ولم يوفي الجار بوعده ولم يسدد الدّين إلى حجي ضاري. كان حجي ضاري بجاجة إلى المال فقصد مضطراً بيت جاره وطرق الباب ليطلب منه إرجاع المبلغ. دار حوار بينهم حيث الجار الذي يقول إنه لن يتماطل في التسديد بمجرد تمكنه من ذلك وحجي ضاري يذكّره بمدة الأربعة أشهر التي وعد بها الرجل لإرجاع الدّين.

تعالت الأصوات شيئاً، فخرجت زوجة الرجل المديون إلى الباب تتفحص الأمر. الرجل يقول لحجي ضاري: إسمع يا حجي ضاري، أنا عندي حلال (ماشية) والربيع قادم وسوف أسرح بهم في المراعي لإطعامهم العشب جيداً وسوف يلدون ويتكاثرون. وفي الربيع القادم سأفعل الأمر نفسه وسيتكاثرون أيضاً وكذلك الربيع الذي يعقبه وهكذا. وسأبيع من الماشية ما يسد مبلغ الدّين وسأعيد لك المال. أي أن حجي ضاري سينتظر ما يقارب خمس إلى ست سنوات بعد السنة التي إنتظرها مسبقاً ليسترد ماله.

ضحك حجي ضاري ضحكة إستهزاء على حاله وشر البلية ما يضحك. إندهشت زوجة الرجل المديون من الضحكة وسألت زوجها (اشـو حجي ضاري يضحك؟!).
أجاب الرجل زوجته دون تردد ودون توقف وبسرعة فائقة:
(طبعاً يضحك الفلوس صار بالجيب).

أي أن حجي ضاري يضحك فرحا وقد أمن على ماله وأن لم يقبض منه شيئاً. واصبح الجار المديون صاحب فضل على حجي ضاري.

لم يتمكن حجي ضاري من إسترجاع درهماً من ماله، ولم يقبض أي شيء ورجع فارغ اليدين. وضحكته كانت بمئة معنى ومعنى. ولم يكن لديه شيء يفعله إلاّ أن يضحك على حاله.

أليس الحال من بعضه أيّها الإخوة؟ أليست الحكاية تشبه حكايتنا؟ ألسنا نشبة حجي ضاري في كثير من الأمور؟ السنا في موقف حجي ضاري ونحن ننتظر الاصلاحات؟ واللبيب من الإشارة يفهم.