يوم كنا صغاراً كانت لعبه نلعبها حين نتمنى خيرا ونقولها تباعا ( حجنجلي بجنجلي صعديت فوق الجبلي ولكَيت قبة قبتين صحت ياعمي ياحسين هذا مقام السلطان شيل رجلك ياعمران ) فيقع الاختيار على عمران وتبدأ رحلة التحدي – كانت ايام جميلة على فطرتها الكل ينعم بالنية الصادقة والأثر الطيب الا ماندر فلا جائع ولامتسكع ولامتجاوز ولا مخالف – كانت جموع الناس تعيش المحبة بشكل بريء ليس بينها من يثر نعرة عرقية او طائفية الكل يقرأ ويكتب ومن يتخلف يذهب الى ( راشد ) ليستنجد به فيمحو اميته حتى وصل العراق في زمن ما الى انه بلد خالي من الأمية – كانت تعاملات الناس رائعة بالفطرة وهي على بدائيتها كانت صادقة النوايا فكان شرطيا واحدا في حي كامل يستطيع ان يفرض هيبة الدولة لمجرد مروره في شارع من شوارع الحي ومعه مسدس اثري لايستخدمه طوال خدمته -السعادة لدى الناس في اوجها والمستشفيات خالية من الأمراض الا ما أراد الله من حدوث حادث او مرض مزمن عافاكم الله فالأدوية موثوقة ومن مناشيء يشار لها بالبنان لاتجارية ولامغشوشة حتى وصل العراق الى مصافي الدول قليلة الوفيات في زمن ما !
( عدوية ) كانت نستلة بقيمة غذائية متكاملة ب 5 فلوس وكانت يومياتنا من عطايا آبائنا لاتتجاوز ال 10 فلوس لكن بركتها عظيمة من فرط عرق الجبين الذي تنزفه غيرة الرجال !
اتذكر في المرحلة الأبتدائية نخاف المعلم احتراما واجلالا فنتحاشى ان نخرج الى الشارع ويشاهدنا ولانذهب في اليوم التالي الا مع آباءنا او امهاتنا خوفا من غضب المعلم ! ذلك الغضب الأبوي الذي صنع الرجال حتى ان من اكمل السادس الأبتدائي في ذلك الزمان الجميل يساوي في النقاش والحوار خريج الجامعة في زمن الديمقراطية وان خطه حين يكتب اجمل من خط خريج الجامعة في هذا الزمن -كنت ولازلت وسأبقى اقبل ايادي من علمني وكان منهم المربي الفاضل محمود عطا وكان معاون المدير في مدرسة طارق بن زياد في مدينة الديوانية كان مربيا رائعا مثل العزيز ابو سفيان الذي كان مديرا لمدرستي المتوسطة – طوال عمري لم اعرف ان الاستاذ محمود عطا وهو حي يرزق اطال الله في عمره لم اكن اعرف انه من ابناء العامة لان مجتمعنا العراقي الجنوبي والغربي والشمالي لايعرف للطائفية طريق فالحب يجمع الجميع والمودة صفة ملتصقة بالجميع والتآخي تراث عراقي راسخ مدى الدهر !
اليوم غابت عنا ال ( حجنجلي ) وانقلبت كل الموازين – الأمية حدث ولاحرج والتربية في المدارس اصبحت بلا طعم فيهجر معلم لانه اراد ان يؤنب تلميذ والتلميذ يشكو المعلم – الصحة باتت بعيدة عن مجتمعنا والمشافي استحالت مساكن تعشعش فيها الصراصير والامراض الغريبة والعجيبة حتى بات من يمرض يتخوف من الذهاب اليها كي لايزداد مرضه ويتضاعف اما السعادة الاسرية فقد اصبح العراق في آخر تسلسل الدول التي فيها سعادة لشعوبها وليس بغريب وقوافل الشهداء ليست لها نهاية من فرط الفشل في القيادات – ومع هذا وفي بداية العام 2015 الذي اتمنى ان يكون خيرا كما سمعنا من العزيز الدكتور حيدر العبادي رئيس الحكومة المثقل بالتركات الكارثية اقول ( حجنجلي بجنجلي ياربي احفظ لي هلي ) اللهم احفظ العراق واهله