عند نقل المصاب إلى المستشفى، وكان المصاب يعاني، من وجود جروح خطيرة
ونازفة بشدة جراء ذلك الحادث، فإن أول الإجراءات الطبية، التي من المفترض
أن يجريها الفريق الطبي المسعف، هو العمل على إيقاف نزيف الشخص المصاب،
لأنه لا فائدة من أي إجراء طبي، مع وجود النزف، لذا فلا بد من إيقافه(
النزف)، ثم الإنتقال للمراحل الأخرى، وحسب القاعدة المنطقية(الأهم ثم
المهم)، وإلى فأن حياة المصاب ستكون معرضة لخطر الموت.
كذلك هي العملية السياسية في العراق، تعاني ألان من حالة نزف شديد، تهدد
مصير البلد والعملية السياسية، ورب سائل يسأل، ما هو ذلك النزف السياسي
الخطير؟ إنه الفساد المالي والإداري! تلك الأفة التي إلتهمت مئات
المليارات من الدولارات، من أمول العراق، بل وكانت السبب في قتل وتشريد
الألاف من الأبرياء، من الشعب العراقي، فسيطرة الأحزاب والمافيات على
مؤسسات الدولة العراقية، وتحولت تلك المؤسسات إلى أرض بور، غير صالحة
لنجاح أي برنامج حكومي، ومهما كانت كفاءة ذلك البرنامج، إلا من خلال
إستصلاح مؤسسات الدولة العراقية، من تلك الأفة الخبيثة، عندها ننتقل إلى
المراحل الأخرى، وفق أولويات مدروسة وموضوعة بعناية ودقة.
ثم يأتي السؤال الأخر، كيف يكون الإصلاح؟ العراق وحسب نظامه البرلماني،
إشترط دستوره الفصل بين السلطات الثلاث، من خلال بيان مستوى الصلاحيات،
سواء للسلطة التشريعية أوالتنفيذية وكذلك السلطة القضائية، لا من أجل
إضعاف تلك السلطات، وإنما من باب التوازن وعدم تركيز السلطة ، من ذلك
يتضح لنا، إننا نحتاج لخارطة طريق ممنهجة، تضعها السلطات الثلاث للمرحلة
القادمة، على أن تعتبر الحكومة الحالية من فشل الحكومات السابقة، في
إدارة دفة الدولة نحو بر الأمان، من أجل الحد من الفساد المستشري في كثير
من مفاصل الحكومة العراقية، عليه لا يمكن أن ننجح في تلك المهمة، إلا
بتظافرجهود كل الحكومة العراقية.
وأدوات الإصلاح الحقيقية.. بإعتقادي تتلخص بالنقاط التالية:
1_سن قوانين صارمة تتعلق بتجريم الفاسدين متبوعة بأقصى العقوبات لكل من
تسول له نفسه بإستغلال المال العام أوالمنصب الحكومي.
2_تقليص الوزارات والمؤسسات الحكومية، والحد من البيروقراطية الإدارية في
دوائر الدولة.
3_ إدارة مفاصل وزارات ودوائر الدولة، من موقع أدنى من قبل رئيس مجلس
الوزراء ومنصبه كقائد عام للقوات المسلحة مرورا” بالوزراء والمحافظين، من
أجل الإطلاع على المشكلات الحقيقية التي تتسبب بذلك الفساد ومسببيه، ثم
إحالة ملفات الفساد للسلطة القضائية.
4_ تفعيل قانون من أين لك هذا؟.
5_إلغاء مكاتب المفتش العام، وهيئة النزاهة، بقوانين تصدر من السلطة
التشريعية والأعتماد على تقارير ديوان الرقابة المالية، حيث أثبتت هذه
الهيئة نجاحها، على مدى أكثر من نصف قرن مضى، وسر نجاحها يكمن، إنها لم
تكن تمتلك سلطات تحقيقية قضائية، وإنما رقابية كاشفة فقط.
6_ ملاحقة الأموال العراقية، التي هربت لكثير من دول العالم وإسترجاعها،
حتى ولو تطلب الأمر إستثمارها عند تلك الدول، من أجل تشجيعها للتعاون مع
العراق، وفق إتفاقيات ثنائية.
وهنالك حكمة تقول( الشعوب التي تفشل في تشخيص أمراضها بشجاعة، فإنها
ستموت نتيجة تناول الدواء الخطأ)