18 ديسمبر، 2024 8:21 م

حتّى يُقالَ إلى الإنسانِ “إنسانُ”

حتّى يُقالَ إلى الإنسانِ “إنسانُ”

هذه السنة قصيدتي عن (الإنسان)، والإنسانية)، تزاحم قصيدتي عن (العيد ) المناسبة… (حتّى يُقالَ إلى الإنسانِ “إنسانُ”) قصيدة نظمت بمناسبة مرور خمسين عاما على تأسيس المنظمة العالمية لحقوق الإنسان (12 / 8 / 1998م) ،بطلب منها ، وألقيت في الحفل متصدرة ، وتصدرت الكتاب المطبوع عن المناسبة مع صورة الشاعر للجمعية ذاتها .(البسيط).

الإنسُ إنسٌ ولم ينقصْهُ عنوانُ ** دهداهُ للجور ِطغيانٌ وإذعانُ

حرية ُ المرءِ قبلَ الخبزِمطلبُها * إنْ أدركَ المرءُ أنَّ الخبزَ سجّانُ

كفرتَ باللهِ إنْ لم تستقم خـُـلقاً ***وإن أحاطُكَ انجيــلٌ وقــرآنُ

عجبتُ ممن يفيضُ الوسعَ محتملاً * إذْ حلَّ قلبهُ شيطانٌ ورحمانُ

كأنهُ دونَ بدءِ الخلقِِ مرتبةٌ **لا يرتضي مثلها غولٌ وحيوانُ

أين الإلهُ ؟ بلفظٍ أنـــتَ تذكـرُهُ *** إنَّ الإلهَ مـدى التاريخِ وجدانُ

***************************

الإنسُ إنسٌ ولم ينقصْهُ عنوانُ *** دهداهُ للجورِ أشـباهٌ وطغيانُ

يا ليلُ مالكَ في اطفاءِ جذوتنا **فهلْ ستُــخفى بغسق ِالليلِ نيرانُ؟

من قبل ِسـبعةِ آلافٍ وموطنُنا *** رمزُ الرقيِّ وللإنسان ِ عنــوانُ

يستكثرونَ عليكَ المجدَ هل ذكروا **من بعدِ مجدكَ رومانٌ ويونانُ؟

هنا الحضاراتُ قد شادتْ ركائزها ** فسائل ِالدهرَ إذ كنّا وإذ ْ كانوا

مَـنْ استطالَ مع الدنيا لغرّتها ؟ **وأين حطّتْ بثقل ِالفكر ِ أديانُ؟

ماذا عليكَ إذا أُخمدتَ في زمنٍ *** مَنْ فاتهُ زمنٌ جاءتهُ أزمانُ

حاشاكَ يا مُلتقى الأفذاذِ منعدماً **فللشهامةِ يومَ الضنكِ فرسـانُ

ليسَ الترابُ ولا الأحجارُ موطننا *إنْ القلوبَ ووسعَ الصدر ِأوطانُ

سنزرعُ الأملَ المنشودَ فــي بلدٍ **فدجلة ُ الخير ِعنـدَ القحطِ ملآنُ

إذا خبا الحقُّ يقفو مَـنْ يؤجّجهُ **** فقدْ تعــاقبَ إنسـانُ فإنسانُ

************************

لو كان يدركُ مَنْ ساءتْ سرائرهُ ** إنّ الحضارة َألطـافٌ وإحسانُ

تسريحُ نفسكَ ظلماً رحتَ تضمرهُ ** لا يرتقـي شأوهُ خيرٌ وإيمانُ

هذي الخلائقُ أورادٌ منسـقةٌ * **منْ كلِّ جنس ٍعلى الترباءِ أفنانُ

فالارضُ مزرعة ٌللناس ِتنبتهمْ **فالعربُ روضٌ وأهلُ الصـين ِبستانُ

لو أنَّ كلَّ بقاع ِ الأرض ِ يمـلؤها *** خلقٌ تشـابه هــدَّ الخلقَ خلقانُ

ما كان نيسانُ تهواهُ القلوبُ شذىً ** لو أنَّ كلَّ شهور ِالدهــر ِنيسانُ!

إنَّ التنافرَ عقبــاهُ لجاذبــةٍ ***** والوصلَ لذتـــهُ وجدٌ وهجرانُ

سبحانَ من نوّعَ الإنسانَ لهجـتهُ *** وعرقهُ كـي يقيمَ العدلَ ميزانُ

سبحانَ من لبّسَ الآنامَ زخرفــــةً **تـُـمتـِّعُ العينَ أزيــــاءٌ وغـزلانُ

تسيرُ في جنّةِ النُّعمـــى وتغفلها ** فانْ سُوْحك فـي الاحياءِ سلوانُ

وسائل ِ العزة َ القعساءَ مُذ خُلِقتْ *** أنّى يُعــــزُّ بلا الإنسـان ِ إنسانُ

************************

لا يستقيمُ مدى الأيّام ِ إنسانُ ***** وجهــانُ للنفسِ سفاحٌ ورحمانُ

طوراً يسبّحُ للرحمـان ِ مغفرةً ***** وتارةً فيه تجــديفٌ وبهتـانُ

سل ِ الأُلى من أبـي ذرٍ بربذتــهِ ***** أو مَـــنْ تزّهــدَ عمـارٌ وسلمانُ

ماذا تحقـّــقَ من شرع ٍ بذمتهم؟ **** وأيــن نكرانُهم للذاتِ مُذْ كانوا؟!

غطـّى عليهمْ بريــقٌ لبّـهُ صدأ **** تسمو الرجالُ بأشكال ٍ وتزدانُ

أضحى البريءُ لفي جرم ٍ ولاسببٌ **والجـرمُ يزهو بفخر ٍ وهـو عريانُ

حتّــــى كهلتُ و أيّامي تعلّمني *** فـي كلِّ ألفٍ من الآناس ِ إنسانُ

إنَّ الحــــكيمَ يرى الدنيا كعاقبةٍ *** ياليتَ جمعَ الورى في العقل لقمانُ

لقــــــد بلغتَ إلى الإنسان ِ منزلةً ***لو أنَّ خصمكَ في وجهيكَ إنسانُ

***********************************

يا أيها العقلُ مَنْ أعطاكَ مكرمةً ؟ً *** فالعقلُ نابٌ و فكرُ الناس ِ ذيفانُ !

نخشى الكواكبَ منْ مجهولها خللاً ***** وذرةُ الارض ِ تدمـيرٌ ونيرانُ

هذا الوجـــودُ لفــي طيّاتهِ عـــدمٌ **** وفي الحقائق ِ إثبـاتٌ ونكرانُ

ماذا بقى بعقول ِ الناس ِ يدهشُــها ؟ ***عشـــرونَ مليونَ في كفٍّ وإنسانُ!

******************************

إذا تأملتَ لمحَ العمـــر ِ يخطفـهُ ***رمسٌ وفيهِ من الأضدادِ ألــــوانُ

ضربٌ من العجز قبلَ الموتِ يُرهبنا ***ولفلفتْ بعـــــدهُ الترهيبَ أكفانُ

لِــــمَ التجبرُ والدنيا لنا عِبـــرٌ ؟! ** حصيلة ُ العمر ِ لحـدٌ فيه جثمانُ

وإنْ سموتَ على الجوزاءِ مرتبةً ****سـتقهرُ الرفعة َ العــلياءَ ديدانُ

أجلُّ أعمالكَ الفضلى وصـالحها ** نفحٌ من الطيبِ : غفرانٌ وتحنانُ

ما أبلغَ المرءُ إنساناً بعاطفـةٍ ! *** إذا تهاــــفتَ للإنسان ِ إنسانُ

******************************

حبُّ الطفولةِ إيمــانٌ ووجـدانُ *** نبعُ الوجودِ ، وللأوطـان ِ أركانُ

لا يعبقُ الوردُ إلّا مِنْ تنسّـمــها ***عبـــثٌ و لهـوٌ و للأنفاس ِ ريحانُ

لا تشرقُ الشمسُ من علياءِ دوحتِها **إلّا كوجهِ صبيٍّ وهـــو جذلانُ

عينُ الطفولةِ قرّتْ وهـي حالمةٌ ** لم يبقَ في الأرض ِ تشريدٌ وحرمانُ

وللحياةِ ضــروراتٌ وأعدلــها ** في حزن ِ عَـمر ٍ يسرُّ البيتَ عمرانُ

سبحانَ من أودع الإنسانَ بدعتـهُ **قــَـدْ ولـّـدَ الفـــردَ باللــــذاتِ إنسانُ

*****************************

جمعية ٌ باركَ اللهُ الجهـــودَ بهـــــا ** فكلُّ جُهـــدِ لها فضــلٌ وعرفانُ

أمينـة ٌ في مساعيها موثقــــةٌ **** فالشرُّ متـَّهــــــمٌ والحـقُّ سلطـانُ

جلَّ الدفاعُ عن المظلوم ِ مكرمـةً ** سيفٌ عـلى الجرم ِ بالحدّين يقظـانُ

نبــــلُ الجهودِ بـــــأنْ نسعى لغايتِها ** حتّـى يُقالَ إلـى الإنسان ِ (إنسانُ)

الهامش:
1- هذا الخلق خلقان: أي فسد الخلق وبلى, لأن التشابه دليل على عدم التجديد، في التنوع تجديد للحياة واستمرار لتطورها.
2- الذيفان: السم القاتل
3- اذا نونت كلمة (عمرو) تحذف الواو … عمران: اسم علم وفيه تورية للعمران والبناء واستمرار الحياة.