22 نوفمبر، 2024 8:49 م
Search
Close this search box.

حتّى لا نَعرى…!

منذ بضعة أيام ( الأحد الماضي)، أطلقت أقوى صحيفة في الكويت، ومنطقة الخليج عامةً، تحذيراً شديد اللهجة ِمن أنّ الإمارة الثريّة للغاية يُمكن أن تفلس في أيّ وقت، بل ربما قريباً..!
هل مِنْ أحد، خارج الكويت، كان يتصوّر حدوث مثل هذا للكويت؟
“القبس” قالت هذا بتعبير واضح ومباشر، إذ عنونت افتتاحيتها المنشورة في عدد ذلك اليوم على عرض الصفحة الأولى (ثمانية أعمدة) في أعلاها تماماً: (( حتى لا نفلس)). و”القبس” ليست أي صحيفة.. إنها من الأعرق في الكويت والخليج، تتشارك في ملكيتها أربعة أو خمسة عوائل كويتية عريقة في ثرائها وجاهها الاجتماعي ودورها السياسي، تقود مؤسسات اقتصادية ومالية كبرى، كل واحدة منها تُعدّ من ركائز الاقتصاد الكويتي الوطني، بل لبعضها امتدادات خارجية قوية، وهي عموماً صحيفة تمثّل تياراً وطنياً عاماً ديمقراطياً ليبرالياً نافذاً.. لا تنطق عن الهوى هي إذن.
وما كتبته “القبس” له بُعد عراقي مباشر، ولهذا أتناوله هنا.
الصحيفة رأت أنّ عقارب الساعة “تقترب من الصفر”، فالولايات المتحدة ستصبح “اللاعب الأكبر وشبه الأوحد في سوق النفط بلا منازع”، فإنتاجها سيصعد ليوازي إنتاج السعودية وروسيا معاً في2025، والأميركيون لا يُخفون رغبتهم الدائمة في “نفط بخس منخفض السعر متهاود القيمة”، وعليه وجدت الصحيفة انه “بات واضحاً وضوح الشمس نحن نودّع رويداً رويداً حقبة النفط… لندخل حقبة أسعار رخيصة خطرة على كل المستويات”، وأردفت :” إذا كانت الميزانية (للدولة الكويتية) عاجزة بأسعار اليوم فستكون في هوّة سحيقة الغد”.
معلوم أنّ الكويت تمتلك احتياطات مالية معتبرة، وهي زيادة على هذا أنشأت منذ عشرات السنين “صندوق الأجيال” الذي تُلقي فيه سنوياً، استثمارياً، بمليارات الدولارات لصالح الاجيال القادمة .أما بعد النفط وللاستعانة ببعضها وقت الحاجة الملحّة، وقد كان لهذه الاحتياطات دور عظيم في استعادة الكويت استقلالها وحريّتها بعد احتلال صدام حسين الغاشم لها في 1990.
هذي هي حال الكويت إذن.. فما نقوله عن أنفسنا نحن الذين لا صندوق أجيال لدينا ولا احتياطياً غير احتياطي البنك المركزي البائس الذي يصعد مستواه قليلاً جداً مع صعود أسعار النفط ويتراجع كثيراً كلّما تدنّت الأسعار؟.. بل إننا لا نمتلك حتى موازنات سنوية مُعتبرة ومتوازنة، فهي في عجز دائم ومتفاقم، ولا شيء فيها البتّة للاستثمار، لأن ما يُخصّص لهذا، وهو شحيح، يتلاقفه الفاسدون والمُفسدون حتى قبل أن تنتهي عملية إدراجه في السجلّات.
الكويت يُمكن أن تُفلس ، بحسب “القبس”، أما نحن فالإفلاس في حدّ ذاته سيكون حلماً عزيز المنال، لأننا سنَعرى في الواقع .. سنكون “ربي كما خلقتني” كما في قولنا المأثور.
هذا الاحتمال ليس فقط متصوّراً وراجحاً، بل هو مؤكد، في ظلّ عجز الحكومات المتعاقبة عن مكافحة الفساد الإداري والمالي وتحقيق الاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي ووضع خطط تنمية صحيحة.
الحكومة الحالية، كما سابقاتها، ومجلس النواب الحالي، كما المجالس السابقة، لم تُلحْ منهما حتى الآن أية اشارة، مجرد إشارة، إلى أن ما تعهدا به على صعيد الإصلاح والتنمية ومكافحة الفساد، يمثّل أي أولوية، أو حتى مجرد اهتمام منهما..
لهذا نحن ذاهبون الى العراء مباشرة … على طول الخط.

أحدث المقالات