23 ديسمبر، 2024 4:36 ص

عبارة تجري مجرة الأمثال في مجتمعانا , والمقصود بها أن المسافة ما بين القول والفعل شاسعة جدا , فما يُتفق عليه يكون مجرد كلمات كتبت بحبر الختام والتمام , أما بعدها فلا عمل يأتي ولا إنجاز يُرى.

وفي عصر “الكي بورد” يمكن القول إنها مجرد ” كلمات على الشاشة” , وكأنك تكتب فوق الرمال أو على وجه الماء.

وهذا يعني أن الكلمة فقدت قيمتها ودورها في مجتمعاتنا المعاصرة , التي كانت الكلمة فيها تخبرنا عن فعل , فصارت هي الفعل وحسب.

فالعرب كانت كلمتهم مدوية ومشيرة إلى عمل وفعل وإنجاز , أما اليوم فأنها مجردة من كل شيئ إلا الأحرف التي تُكتب بها , وبعد ذلك فلا تتحدث عن غير ذلك , لأن المطالبة بالفعل أصبحت حالة هرائية وكينونة هذائية تثير السخرية والإزدراء.

يتساءل أحد الزملاء : لماذا إجتهاداتنا تبقى حبرا على ورق” , والجواب لأن إنجازنا أن نضعها على ورق , وبهذا نكتفي وندّعي بأننا قد أنجزنا وحققنا فعلا ما.

إن أخطر ما يواجه الأمم والشعوب أنها تجرّد الكلمة من قيمتها ودورها في صناعة الحياة , وتوهم نفسها بأن القول هو الفعل , أما الفعل الحقيقي فيُحسب من أمهات الخيال والخبال.

ولا يمكن لهذه الأمة أن تلتقي ذاتها وترتقي إلى موضوعها , إن لم تستعيد الكلمة قيمتها ودورها في الحياة , وتكون ذات طاقات إنجازية وعملية محفزة , ومؤكدة على الوصول إلى كينونة إنسانية باهية.

ومن أنكر الحالات السلوكية هم الذين يقولون ما لا يفعلون , ويوهمون الناس بأنهم قد فعلوا وفعلهم قول مجرد من روح العمل.

“وإنهم يقولون ما لا يفعلون”

فهل من قول يسبقه فعل؟!!