23 ديسمبر، 2024 1:49 ص

حان الوقت لتقول المرأة: كفى!

حان الوقت لتقول المرأة: كفى!

لبوة في النهار وراهبة في الليل، تلك هي ابرز السمات الغالبة على نساء مجتمعاتنا الجنوبية الخالدة، فلا نرى اليأس يدخل قلبهنَّ مهما بدت الأشياء مزعجة، وحتى لو ظلت الأبواب موصدة، تراها حاضرة في كل حدث محوري ومفصلي الى جانب الرجل، حتى وإن لم تخرج الى الشارع فهي أقوى من التحديات، وعزيمتها أقوى وإرادتها صلبة ومتغلبة على الخوف، وهي التي تشد من أزر الرجل ليستمر بثورته على الفساد، وإحداث التغيير المطلوب في العملية الإصلاحية.

بدون المرأة لا يوجد مجتمع أصلاً، لأنها تمثل نصفه وتساهم في صناعة النصف الآخر، وبدونها لا تتحقق الإستمرارية والتوازن، لكننا ما زلنا محشورين بتصوراتنا التقليدية عن دور المرأة المقتصرة على العمل في البيت، رغم أنه في الحقيقة يجب أن ندرك أن القوة النسائية في المجتمع قوة هائلة، وهي خير مثال ودليل على القوة الناعمة الهادرة، فالمرأة حاضنة للوجود الإنساني وللمجتمعات الناجحة، التي لم تتغير وتتطور إلا بوجود المرأة الواعية المتعلمة، فبوجودها تكتمل عملية التطور المجتمعي.

المرأة محور الطاقة المحركة لأية قضية مصيرية، كما حدث مع السيدة الحوراء زينب (عليها السلام)،عندما قادت المعركة الإعلامية، فظن الطاغية أن قضية كربلاء قد إنتهت بمقتل الحسين (عليه السلام)، ولم ينتبه الى أن القضية بدأت بإستشهاده، عن طريق المتحدثة الإعلامية الهاشمية، فكانت بحق المرأة القمة، والأسطورة، وجبل الصبر خلال تلك المصائب التي ألمت بها، والرزايا التي عاصرتها وعايشتها في حياتها الشريفة، فلم تضعف، ولم تتراجع، ولم تتردد في أحلك الظروف، لتكون قدوة لكل نساء البشرية.

متى ما أنصفنا المرأة فإننا قد أنصفنا المجتمع، لذا يجب على المرأة قول كلمتها لصنع التغيير، وقد حان الوقت لتسجل حضورها وتنتصر للوطن، وتنمي شعور المواطنة لدى أسرتها، وأن تحسم خياراتها ليشرق مستقبلها، ومستقبل بيتها ومجتمعها، فلا حقوق ما دامت حقوق المرأة منقوصة، ولا أمان ما دامت خائفة، ولا تطور ما دامت متأخرة، ولا أمل ما دامت منكسرة، ولا إنتصار ما دامت تشعر بالخسارة، وعليه فعملية الإنصاف تنتج عدالة إجتماعية، تلقي بظلالها على المجتمع بأكمله.

حالات الجمود التي تصيب المرأة لا يتحملها ديننا، فقد كرمها بكل شيء، لكن الأوساط المجتمعية صاحبة الذهنية المتخلفة حولها، هي التي ترهقها فتبدو مكبلة، محبطة، منطوية، جاهلة، وعاجزة، ومصادرة في حقوقها، وإلا فالنهج الفاطمي والزينبي كفيلان، بأن يشعرا الرجال اليوم بأهمية دور المرأة في التظاهر، والإحتجاج، والمطالبة بالحقوق في مدننا الجنوبية الحسينية، الثائرة على نقص الخدمات، فالقضايا المصيرية تحتاج الى نساء عظيمات، يحولنَ القيود الى رموز للحرية والشموخ، وبالتالي فإننا بحاجة الى إمرأة تقول: كفى…