23 ديسمبر، 2024 1:58 م

نحن امة اعتادت منذ زمن بعيد على استقبال التلقين بخشوع ورضا ، نستلم نفس التلقين في كل مرة وفي كل حين ولم تبدل هذه الأمة تبديلا .

قل كذا ولا تقل كذا…. هذا هو التلقين الذي صنع كل المألوف و المعتاد،ولا يحق لنا التفكير والاعتقاد على نحو مخالف .

اعتقد أنها الأمة التي تحتل الصدارة بين أمم العالم في استقبال التلقين دون مقاومة, احتجاج أو معارضة إلا ما ندر وهذا يفسر وجود عقل جمعي لدى كل أبناء الأمة.

الشعب الذي يملك عقلا جمعيا هو الشعب الذي يفكر بطريقة واحدة إذ لا يحق لأي فرد أن يفكر بطريقته و بنفسه فالعقل الجمعي هو الذي يجيب على كافة الأسئلة.

في الجامع , المدرسة ،الجامعة ،البيت والشارع وفي كل الأماكن تجد الملقّن شاخصا أمامك يملي عليك من ارثه الفكري ما يريد، حتى بعد الموت يقف على جثمان كل منا يقرأ بأعلى صوته ما تيسر له من كلمات التلقين كانت تتردد ألف مرة على مسامعنا حين كنا على قيد الحياة .

لا يحق لنا أبدا التفكير بطرق مختلفة تقودنا إلى إعادة النظر بالمسلّمات وإلا سنكون في مواجهة شتى أنواع المتاعب والمضايقات وربما يزداد التوتر فينا إلى الشعور الدائم بالغرابة من محيطنا.

يعتقد بعض الباحثين أن الحقيقة الجديدة إذا ولدت فإنها تولد من رحم سؤال فما بالك إذا كانت الأمة قد صنفت الأسئلة بمشروعة وأخرى غير مشروعة .

كل الأسئلة مشروعة ،لا يوجد سؤال مشروع وآخر غير مشروع بل يوجد سؤال يدور في إطار الأشياء المعروفة أو العادية وسؤال آخر محظور مسكوت عنه .

كل الأسئلة مباحة للطرح هكذا يفترض وهكذا يجب ،وما الأسئلة المحظورة التي وضعت هذه الأمة تابوهات أي خطوط حمراء أمام طرحها إلا لكونها أسئلة تخالف المعتاد .

اسأل كذا ولا تسأل كذا ، هذه محنتنا و هذا هو حالنا الذي بقى على حاله الأمر الذي يفسر مقاومة الأمة بضراوة لأية محاولات ترمي إلى دمجها بالعالم المتمدن .

التلقين هو احتلال بل هو أسوء أنواع الاحتلالات على الإطلاق فما فائدة أن يتخلص الواحد من نير احتلال أجنبي ليظل قابعا في صندوق محكم لا يرى ابعد من انفه .