أولا: تخيل قد وصل الحال بالعراقيين ان كثيرا منهم يتعاطف بل ويفرح معلقا على تصريحات تركيا (الصحيحة او المفبركة) بضم محافظات عراقية اليها ، قسم منهم من محافظات اخرى يتبرع ويتطوع ويقول (ياريت يحتلنا اردوغان حقيقة)
نقف قليلا امام هذه الحالة الفريدة في العالم ، اريد ان انوه قبل ذلك ان كثيرا من الحالات الغريبة والنقمة او الاحباط او المزح من الوضع السياسي يشاركنا فيه الاخوة العرب لتشابه الواقع المرير الذي اراده لنا -جميعا- العالم المتنفذ وعملاؤه الحكام علينا،
لكن فكرة ان يتمنى شعب باغلبيته او يقبل ان يحتله اجنبي سواء كان مسلما او غير مسلم ، ويدعم الفكرة عبر وسائل التواصل والاعلام، فهذا امر شاذ وغريب جدا لايكاد يصدق ، لاشك ان “تركيا اليوم” القوية لديها مخابرات وترى كل ذلك و تقدم لحكومتها تقييما حوله وهذا يؤثر على وضع البلد سواء كان مزحا ام حقيقة،
ان يحكم الاسلام كل الدول المسلمة ويوحدها تحت “خلافة عادلة” كما كان في الماضي هذا امر آخر وحلم يبدو بعيد المنال و أسسه غير متوفرة ولامقام له الآن .
و لكن اتحداك الان ان تنشر جملة في تركيا تقول فيها ان العراق او حتى امريكا تريد ان تمس سيادة تركيا ولو مزحا وسترى بعينك كيف سياكلك الاتراك اكلا بالكلام والفعل . فخسارة الاستقلال لصالح اي جهة ليس نزهة او مزحة ، انه اكبر كارثة تحل بالبلد ولذلك اعتبر من يسهل الاحتلال خائنا ،
ولدينا تجربة قاسية مع الاحتلال الامريكي الفعلي الذي استمر سبع سنوات وتجربة اقسى مع الاحتلال الايراني المستمر والذي ينخر جسد بلادنا منذ 19 عاما دون رحمة ولم يبق اخضرا ولا يابسا ، بدأ بالسيطرة على محافظات الجنوب والوسط بنفس هذه الفكرة البغيضة (المذهب او الولاء) ثم امتد الى الغربية واليوم كما نرى يحكم العراق بأكمله ، فماذا سينفعنا احتلال اخر ، بل ربما فعلا ومن خلال المزح والاحباط تقرر الدول الكبرى تقسيمنا ،فلا بد من الوطنية والانتباه وترك المزح في هذه الامور الخطيرة .
لكن العتب ليس على الناس وانما على الدولة التي اوصلتهم لهذا الوضع بل و ارادت ان توصلهم لهذا الوضع للحد الذي يتخلي فيه المواطن عن هويته ومبادئه بل وحتى وطنه ، مقابل ان يعيش كما يعيش مواطنو تركيا التي صنعها “حزب واحد” في غضون عشر سنوات او يزيد وجعلها قبلة للعالم ومضربا للامثال بالتطور والعمران، وبلا موارد نفط ولا غاز ، ولكنها الوطنية والاخلاص والسياسة والتدبير.
ثانيا: الذي صرح بهذا من الجانب التركي (اسمه دولة بهشلي) رجل لاقيمة تذكر له عندهم في اروقة السياسة (مهزوز يشبه شخصية السيسي تقريبا) لايعقب احد على تهديداته او كلماته وهو من احزاب المعارضة ينتمي الى الفكر العلماني القومي القديم ،ولكن الصفحات وبعض محللي “البالات” والمهرجون نسبوها لأردوغان ، ومعروف انهم ديمقراطية وبعضهم يتكلمون بما يحلمون او حتى يستفزون الجهة الحاكمة . وتصريحاته قديمة في وقت كان اغلب العراق تحت سيطرة د.ا.عش بعد تسليم المالكي الاراضي العراقية للتنظيم المتطرف بامر من ايران . وقد ردت الحكومة التركية على خزعبلات الرجل وبينت الالتباس و انه يمثل نفسه وليس راي الدولة . ولكن في كلا الحالين وكما اوضحنا في الفقرة (اولا) فمن الصحيح ان نتمنى ان نكون مثل تركيا ولكن من المعيب ان يتمني الانسان لبلده ان يُحتل او تنتهك سيادته، و الله المستعان .
ملحوظة: نسية 80% او يزيد من خلال متابعتي للخبر والصفحات التي نقلته والمعلقين العراقيين كانوا يرحبون بالتصريح التركي “المزعوم” ، والكلام ليس من عندي ولا عن فئة بسيطة.