23 ديسمبر، 2024 3:56 م

حالات الحلاج في كل زمان ومكان قبله وبعده

حالات الحلاج في كل زمان ومكان قبله وبعده

معروف ان شخصية الحلاج ” أبو عبد الله حسين بن منصور الحلاج (858 م – 26 مارس، 922 م ) (244 هـ 309 هـ) من أعلام التصوف … “مختلف عليها من بداية ظهورها الى اليوم وستبقى كذلك وغير محسوم امرها يبقى الجدل عليها وبخصوصها قائماً, والسبب اختلاف المفاهيم وبعد وقرب المنظور لما روجّه الحلّاج وما كان يعتقده ويتداول به ويتبناه . اتباعه يثقون به ومخالفيه يكفّرونه ويخطّئونه فيما يقوله وما يعتقده ويظهره . خلاف شديد بين المفهومين ” العقلي والنقلي ”

حتى بعد ان صلب الحلاج ضلّت فلسفته واحكامه قائمة لكن بصيغ ومسميات عديدة مختلفة . كان مع الشيعي كأنه شيعياً ومع السني كذلك . يحث ويجاهر عن معنى الله سبحانه وماذا هو . شعاره في ذلك ” تجب معرفة الخالق قبل المخلوق ” ويقول وكل خط مستقيم أو منحرف هو متحرك عن النقطة بعينها، وكلّ ما يقع عليه بصر أحد فهو نقطة بين نقطتين. وهذا دليل على تجلّي الحق من كل ما يشاهد وترائيه عن كل ما يعاين ” وبهذا يخاطب ويتعامل مع كل الرسالات السماوية وغيرها , هذا هو مرتكزه الاساس . الحلاج حالة عامة غير مختصرة على حال محدد او زمن معيّن بل شمولية يخاطب بها كل البشر بكل دياناتهم ومفاهيمهم ومعتقداتهم ويؤكد بأستمرار ان الحق ” الله ” موجود في كل مكان أنه ” اقرب من حبل الوريد ” فلا يمكن انكاره لا من المسلم ولا من اليهودي أو المسيحي أو البوذي أو اياً كان , عندما يخاطبوا عقولهم ويمعنوا في محيطهم , آياته سبحانه في كل زاوية من محيطهم بل في كل جزء من هذا المحيط . في مرة سأل احد العلماء أمرأة بدوية امّية تسكن الصحراء كانت في طريق سفره مع صحبه , رآها تصلّي سألها هل تعرفين القراءة والكتابة قالت لا وسألها رأيتُكِ تُصلّين هل تعرفين الله , قالت نعم قال لها كيف تعرفينه ..! قالت هو خالق كل شيء , قال لها وكيف تعرفين ذلك , أجابتهُ انظر لهذا المهد مشيرة بيدها اليه إذا لم تحركه يداً او ريح لن يتحرك لحاله , فكل شيء نراه ونحس به له من يحركه وله خالق , والله سبحانه هومن خلقنا وخلق هذه الاشياء من حولنا . فتعجّبَ العالِم من جوابها .

فحوى موضوعنا ان الجميع يدركون هذه الحقيقة لكن الحال يبقى صراع ما بين الخير والشر بين الحق والباطل وبين العادل والظالم , وغالباً ما تكون الانانية والجهل والتخلف والضلال هي الحواضن للكفر والشرك والإلحاد والجريمة . هناك ديانات معروفة وثابتة مثل الرسالات السماوية اليهودية والنصرانية والإسلام , جوهرها الحقيقي الأنسانية العامة وفلسفتها إشاعة العدل والحق والخير والعمل بها . لكن هناك من حرّف ويحرّف مسارها وجوهرها مستغليها استغلالاً ذاتياً , فهو من يجعلها مقتصرة على نفسه واتباعه ويحرمّها على الآخرين ومنهم من يغالي بها ومنهم من يعتدل ومنهم من لا يعمل بها اصلاً, لكنه مرغماً على العمل بمضامينها .

في حالنا الحاضر نعيش تطوراً هائلاً في كل الاشياء والعلوم والمجالات الحياتية إلا نضرتنا للمفاهيم الواردة في الرسالات وجوهرها متذبذبة وغير مستقرة وتغيير النضرة لها والتعامل بها من زمن لآخر ومن مجتمع لمجتمع بل تتغيير وتختلف في المجتمع الواحد نفسه, ماذا لو عمت مفاهيم وجوهر هذه الرسالات بل حتى غيرها من المفاهيم والمعتقدات وما تجمع عليه مثل العدالة والحق والإنسانية ورفضها للظلم والباطل والأذى والإجرام والشر والعمل به وعليه . لعم السلام العالم وازدهرت البشرية ووضفت ما يهدر من مال وبشر ومصادر ايجابية مختلفة وتسخيرها لخدمة الناس بغض النظر عن اختلافهم في المعتقدات والاجناس .

مرالعالَم جميع العالَم بهذا التناقض والصراعات ولا زالوا ولم يعتبروا . لم تسلم من هذا التناقض والصراع في داخلها ومع الآخرين لا اليهودية ولا النصرانية ولا الإسلامية ولا البوذية أو الشيوعية . على العالَم ان يعمل بجد لزرع وتعميم المفاهيم العادلة والانسانية والعمل عليها والالتزام بها ونبذ الاستغلال والذاتية والانانية والعدوان . بالتأكيد سيكون بذلك أفضل وأنجح وأرحم والغالبية تريد وتسعى لذلك , لكن المتنفذين والقادة بكل اشكالهم يخالفونهم في الرؤيا والسلوك ,, إنها الحقيقة ,,