دمث الخلق، متواضع، يستند إلى تاريخ أسرة علوية، من جنوب العراق، عاشت لأجل الناس، وقدمت لهم الكثير،انحدر من قرية أبو هاون في الشطرة، نسبة إلى أحد أجداده، ليزحف نحوه المجد والعلمية والقيادة.
عادل عبد المهدي تلك الشخصية، التي تبتعد عن الأضواء، لكنها تسعى خلفها، طالب الدكتوراه الذي أكمل كل متطلبات أطروحته، في الاقتصاد السياسي إلا المناقشة، بسبب ظروف معارضة النظام الديكتاتوري آنذاك، ولطالما اعترض على إطلاق لقب الدكتور عليه، وربما هو الوحيد في الطبقة السياسية العراقية، الذي يرفض هذا اللقب الذي يدعيه كثيرون.
تميز بقربه من الجميع مكونات وساسة، ومحط ثقة الجميع، هذه الثقة امتدت لدول الإقليم، لتصل إلى العالم، لهذا وغيره، أصر رئيس الجمهورية السابق، والسياسي والمجاهد الكبير جلال الطالباني، على رفض استقالته أكثر من مرة، عندما قرر السيد عادل الاستقالة من منصب نائب رئيس الجمهورية، تلبية لإعتراض المرجعية على المناصب الزائدة، في سابقة لم تسجل قبله ولا بعده في العراق.
بعدها انزوى السيد عادل بين بغداد وقرية أبو هاون، ولم يمارس إلا نشاطه الحزبي، وكتابة أفكاره لأصحاب القرار لتصحيح المسارات الخاطئة، في إدارة الدولة، هذه الطريقة التي استخدمها السيد عادل، أراد بواسطتها أن يبعد الإحراج عن المعنيين بإدارة الحكومة من جهة، وخوفا أن يفسر ذلك بالسعي للكسب، والدعاية الشخصية من جهة أخرى، فلم يطرح وجهة نظرة من خلال وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، ، وإتاحة الفرصة أمام المعنيين، للعمل بموجب تلك النصائح، دون أن تنسب لشخص السيد عادل، لذا اكتفى بنشر سلسلة مقالات من خلال بعض الصحف والمواقع الالكترونية، كحال أي كاتب يطرح رأي.
هذا هو عادل عبد المهدي الخبير الاقتصادي والسياسي الكبير، ترفع عن كل شي من أمور الدنيا، لكن ظل يتابع ويراقب ويقدم الخدمة، حتى للحاكم الذي اقترف ذنب بحق العراق، وبحق شخص السيد عادل، كمحاولة إلصاق التهم الباطلة لشخصه، وحرمان العراق من أفكاره، التي لو قيض لها أن تأخذها طريقها في التطبيق، مؤكد أن حالنا اليوم أفضل بكثير.
رغم كل هذا الذي يؤلم كل غيور ووطني، وحريص كان للسيد عادل مواقف لإسناد الحكومة، في عز الأزمات، منها زهده بمنصب رئيس الوزراء لمرتين، رغم انه استحقاق لكيانه السياسي ولشخصه، لا بل لجوءه لطرح المالكي كبديل عن الجعفري، في أزمة رفض الثاني من قبل الفضاء الوطني، الموقف الذي أثار تقدير وإعجاب حتى المرجعية الدينية.
هذه الحكمة والترفع عن كل ما يثير الآخرين، لم تمنع السيد عادل في مؤتمر القمة العربية، من الرد الذي أذهل الحضور، عندما تحدث المعتوه معمر ألقذافي يمدح الطاغية المقبور.
هذا يؤكد أن عادل عبد المهدي شخصية وطنية نادرة، فمن يملك ما لدى عادل عبد المهدي، من تاريخ وعلمية وحكمة وحنكة وثقافة وتدين، يحق له المطالبة بالمناصب والمواقع العليا في الدولة، لكن عادل عبد المهدي، يقيم الموقع بمقدار ما يقدمه من الخدمة للناس، لذا لا فرق لديه إن كان وزير أو نائب رئيس جمهورية، وكذا في حياته اليومية لا فرق أن يعيش في قرية أبو هاون، كأحد أبنائها، أو في قصر في بغداد، المهم إسعاد الإنسان العراقي والقرب منه…