17 نوفمبر، 2024 2:31 م
Search
Close this search box.

حافظ على نفسك!

لا أدري ان كنت سأتمكن من تسجيل الكلمات والافكار التي تتزاحم في نفسي وانا مريض لأكثر من ثلاثة أسابيع بعد اصابتي بفيروس كورونا، وحتى لو سجلت ما يدور فيها من الافكار والامنيات والتوقعات التي سرعان ما تتهاوى كلها مع صعوبة التنفس واستنشاق الهواء وفقدان حواس الشم والطعم وآلام لا حدود ولا وصف لها في كل انحاء الجسم المُنهك، فلا يعرف شدة وقساوة اي مرض او وضع صعب الاّ المريض، لكن آلام كورونا يشاركك فيها الكثيرون، ربما لانهم اصيبوا بها او الخوف والخشية من الاخبار التي تنقل الينا كل يوم رحيل وفقدان الكثير من الناس الذين نعرفهم او لا نعرفهم والذين يتحولون الى ارقام في قائمة الضحايا.

يا ترى هل يمد الله في عمري كي أنشر هذه الاسطر في مقال او منشور على وسائل التواصل؟، وماذا ستكون ردود افعال او صدى هذه الكلمات على الناس الذين يعرفوني او لا يعرفوني؟، على الذين أحببتهم واحبوني وهو يمطروني كل يوم بل كل ساعة بالرسائل والاتصالات والاستفسار عن صحتي واحوالي.

كثيرة هي الامنيات والافكار التي مرت كالبرق وبعضها استقر في اعماق النفس حالي كحال الملايين الذين اصيبوا، وكانت حالاتهم مختلفة للاستجابة للعلاج او تعرضهم للمضاعفات حسب مناعاتهم وظروفهم، وقبل كل شئ لطف الله ورحمته بهم.

حافظ على نفسك اقولها لكل من يقرأ هذه الكلمات لان الله انعم علينا بأعظم النعم واجلها، الصحة والعافية التي لا يمكن شراؤها او تعويضها بكل القوة والجاه والنفوذ والمنصب وهما لا يُقدران بثمن، فكل المواضيع والخطط التي وضعتها في حياتك لا فائدة منها وانت مريض، فالشئ الوحيد الذي يمكن ان يغير او يقلل من معاناتك ومخاوفك وزهدك بكل ما تمتلكه او ما كنت تأمل امتلاكه او الوصول اليه لا قيمة له وانت مريض، ولا تحتاج الّا الى (العفو والعافية) لهذا كان وسيبقى هذا الدعاء الاكثر صدقا وتداولا بين المرضى والاصحاء الى يوم الدين، لانه مع غياب العافية لا تحتاج الّا العفو من الله ومن الناس بل وجميع المخلوقات الذين ربما ظلمتهم اواثرت عليهم بتصرف او كلمة اواشارة.

حافظ على نفسك من اجل اهلك واحبائك ومن حولك من الناس، وقبلهم نفسك من اجل تعود الى الحياة بنفس جديدة تلوثت بالكثير من المظاهر والاوهام والسخافات التي نسميها ضرورات الحياة، فعندما تكون مريضاً لم يعد مهما اي شئ..لا المواعيد ولا المناقشات ولامتابعة الاخبار ولا كل الاشياء التي نُشغل بها انفسنا ونعتقد انها مهمة وهي تضغط على اعصابنا وتلعب بحياتنا كما تريد ونحن في كامل صحتنا.

ان أكثر ما اوجعني وآلمني حتى اكثر من اوجاع كورونا نظرة العوز والعجز لبعض المرضى مع ذويهم وبعضهم لا يقدر على اجراء الفحص المختبري والاشعة والمفراس وغيرها من الطلبات التي يكثر بعض الاطباء في تسجيلها قبل تحديد الدواء الذي ترتفع اسعاره في الصيدليات.

غداَ ماذا يقول المسؤولون في بلادنا لربهم وهم عاجزون عن توفير الفحوصات والعلاجات للكثير من الناس الذين لا يملك الكثير منهم قوت يومه لانه اما عاجز او عاطل او يتيم او ارملة او مطلقة مع استمرار ايام الحظر والتجوال، وهو ما يدعونا الى الطلب من الجهات الحكومية والمنظمات الخيرية الى ضرورة مساعدة الطبقات الفقيرة والتي لا تمتلك اي راتب او وسيلة للعيش بتأمين نفقات معيشتهم من الطعام والايجار والمستلزمات اليومية وصرف مبالغ محددة لهم قبل ان يقعوا فريسة هذا الوباء وبعده.

هذا الوباء عابر للحدود ولا يعرف صغيرا او كبيرا او غنيا او فقيرا او رياضيا او عليلا فهو كالموت ربما يزور الجميع من غير موعد لكن يبقى الحفاظ على نفسك والالتزام بالتعليمات والتباعد والتوكل على الله الذي سلمت أمري له للذي لا يغفل ولا ينام والدُعَاء الذي نحتاجه جميعا لمن تعرف او تُحب فهو خيرٌ من ألفِ عنآق.

أحدث المقالات