22 نوفمبر، 2024 5:33 م
Search
Close this search box.

جولة محمد بن سلمان وسياسة المحاور

جولة محمد بن سلمان وسياسة المحاور

ايران دائما تؤكد في مواقفها السياسية انها العدو التاريخي للعرب ليس فقط لاسباب تتعلق بالسلوك الطائفي وانما الحقد المتجذر على العرب بسبب انهاء امبراطورية فارس واخضاع الفرس للحكم العربي لسنين طويلة وعندما وجدت ايران بعد ثورة الخميني الرخاوة في ارض العرب بدأت بالزحف على دول الجوار وفق مبدأ تصدير الثورة لاعادة رسم خريطة المنطقة خصوصاً بعد الاحتلال الامريكي للعراق وتهيئة السبل لايران للهيمنة على المنطقة بشكل بات ينافس تركيا واسرائيل، في الوقت ان اسرائيل اليوم وصلت الى مرحلة ليست بحاجة الى توسيع رقعتها الجغرافية على حساب الدول المجاورة بقدر ما هي بحاجة الى تطبيع واستقرار وامان وسلام دائم مع الدول العربية التي تطمح من خلالها الى المشاركة في قيادة المنطقة اقتصادياً ثم سياسياً، وهي باتت تعمل بهذا الاتجاه لانه لم يعد وجود عداء عقائدي تاريخي مع العرب مثلما هو الحال مع ايران وانما العداء قائم على اساس سياسي نتيجة احتلال الصهاينة ارض فلسطين قبل خمسة وسبعين عام واليوم بات العداء يذوب نتيجة الاتفاقات التي ابرمت مع الفلسطينيين وبالمساومات والتطبيع مع العرب .. اما تركيا التي عاشت في حالة مهادنة دائمة مع ايران منذ اندلاع الثورة الايرانية وكل طرف كان يعمل من سكات حسب اجندته ومصالحه للتغلغل في المنطقة من دون تنافس او صدام لذلك أتكلت تركيا على الاخوان المسلمين في مشروعها السياسي وأتكلت ايران على الميليشيات الشيعية المسلحة في تغلغلها في المنطقة .. وفي النهاية شعرت تركيا انها راهنت على حصان خاسر حيث لم ينفعها الاخوان لا في مصر ولا في سوريا ولا في العراق ولا في ليبيا فلابد من اعادة الحسابات مستغلة الوضع الحالي الذي تمر به ايران التي انهكتها العقوبات الامريكية من جهة وفقدان حاضنتها الشعبية في العراق وسوريا ولبنان من جهة اخرى ولم يبقى لها الا الميليشيات المسلحة التي تهيمن بها على الدول التي طالما تتبجح باحتلالها .. وفي وسط هذا المشهد الاقليمي جاءت زيارة الامير محمد بن سلمان الى مصر والاردن وتركيا لتأسيس محور سياسي جديد يضطلع به العرب لاعادة دورهم في المنطقة وسيكون بمباركة امريكية بعد زيارة بايدين للسعودية واللقاء بالزعماء العرب المشاركين في هذا المحور مما يعني ان الجديد والمهم في المنطقة هو قناعة امريكا او أقتناعها استحالة التخلي عن المنطقة او بالاصح جعل الخليج العربي خط احمر في الاستراتيجية الامريكية الجديدة بعد الحرب الاوكرانية التي باتت امريكا في امس الحاجة للنفط والغاز العربي الخليجي الذي لا يمكن الاستغناء عنهما في مواجهة الضغط الروسي، والامر الثاني جر تركيا من محور المهادنة والحياد مع ايران بعدما فازت ايران على تركيا في السباق على مناطق النفوذ فلا بد من اعادة ترتيب الاوراق بعدما انحسر دور تركيا في ليبيا وفي سوريا وفي شمال العراق الذي باتت تخشى من الاستنزاف العسكري خصوصاً بعد الدعم الايراني لمجاميع البكاكا سواء في المناطق السورية المحاددة لتركيا او  في شمال العراق وتجييش ذيولها المهيمنين على السلطة في بغداد ضد تركيا وكذلك التغلغل الاستخباري الايراني الذي أقلق المنظومة الامنية في تركيا نتيجة الاغتيالات وخطف المعارضين الايرانيين من داخل الاراضي التركية ومحاولات اغتيال السواح الاسرائيليين، تلك الممارسات ادت الى انتباه تركيا الى مدى تراجع سياستها الاستراتيجية في المنطقة ومدى التغلغل الايراني في الداخل التركي لهذا لم تأتي زيارة محمد بن سلمان بشكل مفاجئ وانما طبخة اعدت مسبقاً بعد سلسلة من الاتصالات التي تمت بين مصر وتركيا ثم توجت بهذة الزيارة لتشكيل طوق امني لمواجهة تمادي ايران في المنطقة فضلاً عن التغيير في الموقف الامريكي اتجاه ايران نتيجة عدم التوصل الى اتفاق في مباحثات فيينا بعد كل التنازلات التي قدمتها لايران .. مما يعني ان هذا التحول الامريكي جاء نتيجة بروز اهمية دول الخليج في اضعاف المحور الروسي من خلال محاصرة ايران وابعادها عن روسيا وادخال تركيا على الخط لتكون عامل قوة مضاف للمحور العربي الجديد خصوصاً وانها دولة اسلامية مهمة في حلف الناتو .. مما يعني ان ايران نجحت في البداية من استخدام التجييش الطائفي ضد العرب المشتتين سياسياً .. وفشلت على المدى البعيد بجعل ركائز الصراع في المنطقة قائم وفق الاسس الطائفية الذي كان مرفوض من قبل العرب، واليوم ينقلب السحر على الساحر ليصبح التجييش الطائفي عبئ على ايران بعد تشكيل المحور الجديد بنفس عناصر الصراع أي جر العرب ودوّل اقليمية سنية الى التمحور في مواجهة المشروع الطائفي الايراني واكيد دخول تركيا في هذا المحور سيجعل الكفة ليس لصالح ايران، وماذا لو دخلت باكستان وافغانستان على الخط أي ليس ببعيد جرهما مستقبلاً الى هذا المحور .. اما الموقف الاردني فأن له اهمية خاصة بعدما اصبح مستهدفاً من قبل الميليشيات الايرانية المتمركزة في سوريا والعراق من اجل ان تصبح عمّان العاصمة الخامسة في قبضة ولي الفقيه الايراني، لذلك لابد وان يكون الاردن الحجارة التي تقطع طريق الحرير الايراني، وبهذا التحرك اصبحت السعودية ومصر والاردن القطب العربي الجديد لتشكل نواة لمفهوم الامن الاقليمي المشترك يتبعها منظومة تكامل اقتصادي وربط كهربائي وسككي، ويفترض ان يتطور بشكل طموح من قطب عربي الى اتحاد شرق اوسطي اقليمي تشارك فيه تركيا من غير تنافس او تصارع لان الظرف الدولي اصبح مهيئ لهذا التشكيل نظراً لبروز أهمية دول الخليج بعد الحرب الروسية الاوكرانية.

أحدث المقالات