23 ديسمبر، 2024 1:02 ص

جهلوقراط أَمْ تكنوقراط؟!

جهلوقراط أَمْ تكنوقراط؟!

التكنوقراط مصطلح مؤلف من “تكنو” وهي كلمة إغريقية تعني فني أو تقني , أو المعرفة والعلم والدراية والوعي والفهم والإدراك المعاصر , إذا أخذناها إلى معاني أرحب.
و”قراط” تعني الحكم.

والتكنوقراط هم النخب الأكثر علما وتخصصا في مجالات نشاطهم والتعبير عن معارفهم , وغالبا ما يكونون غير منتمين إلى أحزاب تشوش تفكيرهم وتمنع تعبيرهم الصحيح عن علومهم وخبراتهم الفنية, وتعني أيضا حكم الطبقة العلمية المتخصصة المثقفة.

والحكومة التكنوقراطية , هي الحكومة المتخصصة غير الحزبية التي تتجنب إلتزام موقف أي حزب أو فئة أو فرد وتصلح مثل هذه الحكومة في حالة الخلافات السياسية.

والجهلو قراط , مصطلح يتألف من كلمة عربية ” الجهل” وهي عكس العلم , وجهل الأمر أي خفي عنه , وفهمه بدون إحاطة كاملة , وفهم الأمر على خلاف ما هو عليه أو اللاعلم بالمسألة التي يجادل فيها, وهو الإعتقاد الفاسد علميا ومنطقيا وبديهيا , وهو عكس الحكمة والعقل ويعني تحكيم القوة.
والجهلاء يقولون ” ألا لا يجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلين”.

والحكومة الجهلوقراطية هي الحكومة الحزبية الفئوية الطائفية التي تجهل كل شيئ , ولا تعرف إلا تثمير الخلافات والصراعات وإشاعة الخراب والفساد , وسحق الوجود الوطني والإنساني في المجتمع.

فالحكومة التكنوقراطية حكومة بناء وإعمار وتقدم ورقاء وسلام , والحكومة الجهلوقراطية حكومة دمار وإحتراب وتأخر وتخلف وإندحار في جحور الظلام.

والمجتمعات البشرية ترجّح حكومة تكنوقراطية لكي تجد مخرجا من أزماتها السياسية وخلافاتها الحزبية , التي لا تصل إلى نتيجة مُرضية ونافعة للمجتمع , خصوصا عندما تتمذهب الأحزاب بالكراسي وتدين بعقيدتها , وتنسى الوطن والواجبات الوطنية والمسؤولية التاريخية والإلتزامات الإنسانية تجاه أبناء المجتمع.

وفي واقعنا العاجز عن تشكيل حكومة رشيدة بعد الإنتخابات العجيبة , لا بد من النظر في الأمر وتقرير إتجاه الحياة وفقا للخيار المطلوب.

ويبدو أن لا خيار أفضل من حكومة تكنوقراطية بعيدة عن جميع الأحزاب والفئات , تتسلم أمر البلاد وتشرع بالبناء والإعمار والإصلاح , إلى أن يستعيد (السياسيون) رشدهم ووعيهم ويستفيقون من حالة غيبوبة الشعور الوطني , وحتى يسترجعون ذلك الوعي والإدراك الوطني , يكون من الأنسب أن نطالب بحكومة تكنوقراطية.

فقد جرّب العراقيون الحكومات الجهلوقراطية على مدى الأعوام , وما ساهمت إلا بتوفير أسباب ودواعي ومسوغات التدحرج إلى مستنقعات الأسوأ والأسوأ جدا.

لقد تعبنا من حكومات الجهلوقراط وعانينا من أوجاعها وأخطائها وقراراتها القاتلة , فانقلبنا وثرنا ورفعنا شعارات ونادينا بأهداف وتطلعات لم ننجز إلا ضدّها وحولناها إلى أمّ المستحيلات , وما أبدعنا سوى المشاكل والمعوقات , وهذا السلوك ونتائجه يؤكد الدور المدمر للجهلوقراط في مسيرة وطن أحرقه الجهلة فوق نيران الأطماع الشخصية والحزبية والفئوية , وأسروه بالكراسي التي حوّلوها إلى وجودٍ لا فوقه ولا تحته موجود.
ويبدو أن الحل الموضوعي والمعقول والمعاصر الذي يحفظ الوطن ويتفاعل مع قدراته بآليات حضارية ذات تأثيرات إيجابية نافعة للمجتمع , أن ندعو إلى تشكيل حكومة تكنوقراطية تأخذ على عاتقها مسؤولية بناء الوطن وترفع إسمه فوق كل المسميات والمواصفات , وتجعل الحيارى يعلمون بوضوح أن كل فردٍ وحزبٍ وفئةٍ بلا قيمة ومعنى إذا عبّرت عن إرادة قتل الوطن.

فلننادي بقوة نريد تكنوقراط لا جهلوقراط وبهذا ندرك الرجاء والرقاء والأمل!!

فلماذا أنتم مدمنون على خمور الجهلوقراط , وجئتم بحكومة تلو حكومة ترفع رايات فساد قراط؟!!