23 ديسمبر، 2024 4:19 م

جهد الرؤيا في انتخابات الدولة العباسية والألمانية

جهد الرؤيا في انتخابات الدولة العباسية والألمانية

المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل تعرف هارون الرشيد الذي أهدى شارلمان ملك الإفرنج الساعة التي تضبط الوقت في زمن كانت فيه أوربا تضبط وقتها على ساعة الزوال الشمسي ، لأنها تعلم أن الدولة الرومانية القديمة التي من بعض ممالكها مدينة ( آخن ) الألمانية الواقعة على الحدود البلجيكية ــ الهولندية ظلت تحتفظ بالتوأمة مع مدينة بغداد في العلاقات الحضارية والاقتصادية والبلدية منذ ذلك الوقت وحتى 2003.

آخن منذ أن بدأت تنفض عنها ركام الحرب الكونية الثانية تعيش وضعا حضاريا راقيا في تنظيم حياتها المدنية والاجتماعية والسياسية ومنها انتخابات البلدية والبرلمان ( البوندس آمت ) ، وهذا الوضع منح الحياة في المجتمع الألماني الراحة والهدوء والانسيابية في الحياة ، وتحولت ألمانيا من الهزيمة العسكرية الى الانتصار الاقتصادي ولتبقي لوجودها حضارة جديدة في البناء والعمران وتنظيم الحياة ، ولتبدأ رؤيا الاندماج مع جميع ساكنيها من المهاجرين واغلبهم من الأتراك ( 6 ) مليون تركي وغيرهم من شتى الأقوام والجنسيات .

ألمانيا في اتخاباتها لاتملك صمتا وتسقيطا سياسيا واجتماعيا  وطوارئ والخوف من نذالة المفخخات وفتاوى داعش والقاعدة بأن الديمقراطية حرام وان الجهاد هو حرب المذاهب مما يجعل الأمر يبدو معركة وليس صناديق اقتراع ، لهذا تسكنني الأمنية دوما أن نتعلم من انتخابات توأمتنا مدينة آخن الألمانية ولا نذهب الى الانفعال والتسقيط والحشد الإعلامي والبرنامج التي تأتي بسموم الحقد والتشهير وأن نعي من يحبنا ويعمل لأجلنا ونفرقه عن الدعي والسارق والظلامي والطائفي والذي يترك أبناء جلدته ويعوم في مسابح العطر بفنادق عمان وبيروت ودبي والشانزلزيه.

هي رؤيا تمتد منذ زمن الطغاة في التسلط الأموي والعباسي حيث لا انتخابات ولا برلمان ، لان الدولة كانت الخليفة والوزير الأول وقائد العسس ،وبالرغم من هذا راح خليفتها الرشيد وحمل ساعته وجبروته وغماماته وذهب الى أوربا ليعلمها صنعة الوقت.

هذا الخليفة عاش ومات وهو لايعرف للديمقراطية معنى ، ولكن الألمان اخذوا ساعته بدقاتها الى قلوبهم وتجاوزوا محنة حروبهم وتخلفهم ليصبحوا أعظم امة معاصرة في صناعة الحديد والأدوية ولهم تراث فلسفي هائل في حداثته منذ أيام نيتشه وغوته وماركس والى اليوم.

الآن بين زمن هارون ، وزمن صناديق الاقتراع حلم أكثر من 20 مليون ناخب يتأملون في القادمون ببدلاتهم ومانشيتاتهم وأموالهم الانتخابية أن يجعلوا الحال مستقرا وان تدار أكثر عجلة البناء وأن يكنسوا تلك الظلال التي جلست على صدورنا بكآبة وجوهها وامتيازاتها التي لم تقدم لنا شيئا وإنما في اغلبها يحاول دوما أن يحمل الكارت الأحمر في وجه أي جهد وطني وحكومي لبناء العراق. وأظن أنهم اخطئوا تماما في عدم إمرار الكثير من المشاريع المهمة ومنها قانون البنية التحتية والموازنة وحتى قانون التقاعد لم يزل أسير التجاذب والمحاكم.

أتمنى على بغداد أن تنظر الى تجربة مدينة آخن الألمانية وتستفيد منها وان تكتفي بالقليل من هذا الهوس الملون من اليافطات والإعلانات ، التي لاداع لها لان الناس باتت تعرف تماما من هو المالكي ومن هو النجيفي ومن هو الحكيم والجعفري والمطلك.

وعلينا أن نترك الوهم والخداع والضحك على الذقون ، فأما أن نعمل من اجل المواطن أو الوطن أو لا نعمل ولا نكذب على الله والناس كالذي يكتب على يافطته الانتخابية اقسم لكم : إن رسول الله ص هو من كلفني لأرشح نفسي.

هذا وغيره لا يصلحون أبدا للمرحلة القادمة هو يصلح فقط لانتخابات الخلافة العباسية ، فنحن نريد ديمقراطية وبناء تشبه في آلياتها وهدفها الإنساني ما عاشته مدينة (آخن ) الألمانية مع الحفاظ على خصوصيتنا الوطنية والقومية والدينية والعراقية.!