19 ديسمبر، 2024 12:38 ص

هذه من النكت التي يتندر بها أهلنا في مناطقنا الغافية على حافات  اهوار سوق الشيوخ ,عندما  شاعت في الأشهر الأولى لاستخدام مايسمى بجهاز كشف المتفجرات, وأبان السنوات الأولى للعنفوان الإرهابي الذي عصف بالعراق ,حيث كانت تقف طوابير طويلة من المركبات تنتظر دورها  ليخلع عنها مايسترها  ويغطي عوراتها امام  هذا الشيطان اللعوب  بحركته البهلوانية المتناغمة مع رقصات سيقان حامله ,وخطاه الرتيبة الموزونه على إيقاع ثابت ورصين, وبمحاذاة السيطرة تقف سيارة الكيا ,التي تقل رهطا من الرجال والنساء  من ذوي البشرة السمراء, المتوجهون   لزيارة سيدنا الحسين, وعلى نفس السياق المبرمج, يتحرك الإنسان الآلي من مقدمة المركبة بحركته الدراماتيكية  المعهودة,  ترمقه عيون الركاب الشاخصة والواجفه بانتظار وترقب مشفوع بالخوف والشغف عما يسفر من  قرار يتخذه هذا الجماد الاخرس  ,وعلى حين غره يميل الاريل صوب الكيا فترتسم علامات الدهشه والانبهار على وجوه الركاب .لتختلط مع اللغط وصيحات ياسبحان الله !!ا
الا ان الامرالحازم والصارم  من حامله يفرض السكينة والوجوم, والترجل  الفوري من العربه لغرض التفتيش, فتنقض المفرزه الامنيه المنوط بها نقطة السيطره بكامل وجودها ,لتنهش كل مابطن وخفي من دواخل العربه, وتقلب الكراسي وتبعثر الامتعه,وتبحث في كل شق وزاوية وزاغور ,لعلها تهتدي لما اوحى لها ذلك السلك الساحر اللعين, وعندما يعجز العسكري عن وجود ماكان يبحث عنه ,يبدأ باستنطاق الركاب بسؤاله  المكرر والممل والمحفوظ عن ظهر قلب ,من منكم بحوزته مقتنيات حملها بجيبه او عٌلقت بجسده, كالعطور ومسحوق الغسيل والحبوب والبلاتين او أي حشوة اسنان, ولما يقابل بالنفي من جميع الركاب ,يستدير للنساء باستفسار ينم عن الضجر والتافف والصلافه .
من منكن حاملة للولب اصطناعي  ؟؟؟
  فتنبس أحداهن بحياء وخجل لزوجها ان يخبره بجريرتها التي سببت كل هذا التعطيل والإرباك لمصالح الناس وإشغالهم.
ربما ثمة قرينة جمعت بين لولب النساء ومفخخة الإرهابي.!!!
ورغم مرور أكثر من سبع سنوات على استخدام جهاز( أي دي آي 651 )وهو الاسم التقني الذي عرف به,  ورغم الفشل الذريع الذي مني به, حيث اجتمعت به ,كل مواصفات وعناصر الفساد, والجهل وتجهيل الناس والضحك على ذقونهم , والاستخفاف بعقولهم, والاستهانة بدماء العراقيين وأرواحهم ,حين عرّضوها للغش والخداع, تحت رحمة لعبة أطفال, اعترفت ألدوله المصدرة له بأنه لايصلح حتى لكشف مايروج له من العطور والحبوب والحشوات ومسحوق الغسيل  أو  أي شيء  أخر فكيف بالمتفجرات.؟؟
 فالجهاز كما يرى مصنعوه, جماد لاحركه ولا فعل فيه, فهو (عبارة عن أريل يتحرك بفعل نفسي, استجابة لحركه لاشعوريه في معصم من يحمله) وإذا ماتحرك الاريل صوب الجهة المراد تفتيشها ولم يعثروا على شيء, تبدي التبريرات الجاهزة التي وضعوها مصنعوه مسبقا ,عن البلاتين واللولب والعطور والمناديل الورقيه  وغيرها,و لكون اغلب الناس لايخلو احدهم من حملها ,وهو بالتالي مبني على الإيحاء النفسي, كالشعوذة والتميمة والتي تضفي على النفس الهدوء والطمأنينة من خطر محتمل, وإذا ما تبين للمواطن ان الجهاز قادر على كشف هذه الأشياء التافه, معنى ذلك انه قادر على كشف المتفجرات والمفخخات ,فيعطي للناس انطباعا حسنا معززا بالثقه والرضا عن حكومتهم ومدى حرصها على سلامتهم والاهتمام بحياتهم وممتلكاتهم من ان يطالها الإرهاب.
علما ان الجهاز الواحد كلف شرائه للحكومه العراقيه مبلغ 50 إلف دولار .وان  كلفة الجهاز لاتتجاوز الأربع دولارات ,لكونه يتكون من أريل وقالب بلاستك وسلك والبطاقة الالكترونية التي بداخله, حسب مابين حقيقته(  الخبراء والمهندسون البريطانيون اللذين ظهروا في البرنامج التلفزيوني على  قناة  بي بي سي في 22 كانون الثاني 2010) وعلى اثر ذلك اعتقلت الحكومة البريطانية المصنع للجهاز (جيم مكورمك) وحظرت تصديره للعراق وأبلغت السلطات العراقية ولعدة مرات بعدم جدوى الاستفادة منه, وانه سيعرض مواطنيكم للخطر,  كما إن لجنة الأمن والدفاع البرلمانية في حينه أثبتت عدم الاستفادة من الجهاز وشكلت لجنة تحقيقيه بهذا الصدد, وحملّت المسؤولية على الأشخاص المتعاقدين عليه واعتقل قسم منهم .
وفي 2010 شكلت الحكومة العراقية لجنة تحقيقيه بمدى جاهزية الجهاز وصدقتيه في الكشف, ولحد ألان لم تظهر نتائج اللجنة.
 وان اغلب المسئولين الآمنين العراقيين اقروا بان الجهاز لايعمل وفقا لما كانوا يتوخونه من استيراده , وبنسب متفاوتة.
 إلا ان  البعض منهم لازال متيقنا ومصرا على ان الجهاز ذو فاعلية عاليه ويعمل 100%  لكنه يحتاج إلى من يحسن استخدامه من الخبراء والمتعلمين ومن ذوي الكفاءه 150% !!!
وألان وبعد ان صدر الحكم بالتاجر المحتال الذي افجع الآلاف من العراقيين بجهازه المشئوم ,حيث أصدرت عليه اعرق المحاكم البريطانية حكمها بسجنه ثمان سنوات لغشه وتسببه بإزهاق أرواح العراقيين .
فلماذا تلوذ حكومتنا بالصمت ولم تتخذ أي إجراء حيال من ارتكبوا هذا الخطأ الشنيع بحق العراقيين وخزينة ألدوله؟؟
ولماذا لم تٌفعّل كل المجالس ألتحقيقيه التي تشكلت للوقوف على حقيقة الجهاز وفاعليته؟؟
ولماذا هذا التعمد والإصرار على استخدام الجهاز والى  ألان في السيطرات والشوارع العراقية , مما يسبب إزعاجا وإرباكا مروريا .
فضلا  عن فقده ثقة المواطن العراقي الذي اضحى في نظره موضعا للسخريه والتصنيف والاتهام والقذف والسب على كل من كان ضالعا في استيراده ,ناهيك على تشجيعه  الارهابين والقتلة من التمادي والتحدي للمروق حتى من خلال السيطرات لتفجير مفخخاتهم المحمومة حقدا وضغينة بأرواح العراقيين وممتلكاتهم.
فمتى يتوقف العمل به  راحة للمواطن وصونا لهيبة الحكومه وسمعتها ؟؟؟؟؟؟