19 ديسمبر، 2024 12:00 ص

لم يبقَ في العراق من احد يستطيع إشهار المعارضة أو رفع لوائها  فينبه النائمين ، وكانت الحرب العراقية الإيرانية ما تزال تحصد الأرواح وتلقي بالأموال الطائلة في تنور  واسع وقد غدا كُلّ شيء أداة من أدوات النظام الدكتاتوري  في إدارته للمعركة، وقد  أيقن الكثيرون بما كانت ماكنة الإعلام  الكبرى قد روجته من أفكار بشأن دعاوي  الحرب ومبرراتها  فغدا الكلّ ماعدا ذلك ظالماً  لنفسه وخارجاً عن القانون  فلم تعد أفكار المعارضين  أو أحاديثهم مقبولة  وصار الناس ينظرون إليهم  بعين الشكوك التي تعاظمت  فتحول كل ذي موقف  معادٍ لصدام مُعاد للشعب  وللعراق، لقد احكم صدام المجرم  السيطرة على الداخل  فلم تكن ثمّة منطقة  تصنع كقاعدة للمقاومة والنضال ضد الطاغية.
إنّ الفجر آتٍ لا مُحال  ومهما طال الليل وتباعدت أطرافه  كان الدافع الأصيل وراء إصراره  على التمسك بالنضال طريقاً  إلى إسقاط الطغيان، وعلى الرغم من حالة اليأس التي أطبقت على الآخرين فقد كان الأمل يشع من عيونه (رض) وكانت المخابرات وراء التفاف  المناضلين حول رايته  التي سيدفعها باسم المجلس الأعلى للثورة الإسلاميّة  في العراق،  ويوماً بعد آخر والهمم تتصاعد والعزائم تشتعل بروح الإصرار، وكلما زاد النظام تصميماً على قهر معارضيه أزداد سماحته قوة وصبراً على طول  المواجهة وعدم تكافؤ  الكفتين.
وحتّى ساعة الإعلان عن تشكيل المجلس الأعلى  فقد كانت ثمّة جهود كبيرة قد بذلت وكانت  هناك مغامرات خطيرة  قد أقدم عليها المناضلون  وهم يمهدون لإنشاء  هذه الجبهة العريضة الواسعة التي ستنضوي تحت لوائها  كل المجاهدين المخلصين.
وفي الأهوار التي اتخذ منها بعض  المجاهدين أوكاراً لهم، كانت الثورة قد بدأت من هناك  حيث وقعت المصادمات  الأولى مع أجهزة النظام الصدامي  وقام بعض المجاهدين باختراقها وتنفيذ عمليات عسكريّة ضد مقرات  الحزب الحاكم، وكان ذلك بتنامي الروح النضالية لدى الكثيرين  وحتّى من قبل أفراد الجيش الذين  التحقوا بالثورة معبرين عن إيمانهم بها  وبقضية التصدي لاعتى دكتاتورية  شهدها العصر الحديث.
وقد كان لقيادة سماحة السيّد آيّة الله  محمّد باقر الحكيم (قدس) لهذه الثورة ما اعتبره الجميع  مظهراً أساسيّاً من مظاهر شرعيتها، وهو الأمر التي زادها قوة وضراوة  وأدى بالمجاهدين  إلى التمسك بها والقيام  بكل ما كانوا  يكلفون به  من واجبات في معاقل الحكم  وقواعده القوية ونتيجة لذلك فقد أصبح الناس في الداخل يتطلعون إلى الثورة ويستمعون إلى أخبارها  ويتناقلون كل ما يرد عليها من معلومات. وعلى الرغم مما كان فقد حدث  بعد انتهاء الحرب عام 1988،  من زيادة قوى الاصطفاف الدّولي  حول صدام وتراجع بعض المعارضين بل انسحابهم إلى مواقع خلفية حيث غادر بعضهم إلى دول أوربية  رافعين راية الاستسلام  فقد ظل آيّة الله الحكيم (قدس) ومعه سماحة المرحوم عزيز العراق (قدس) وبقية آل الحكيم الذين صبروا  للمحنة  مستقوين بالخالق تبارك وتعالى وقضائه وحكمه  في ما كان من تراجع الإيمان في صدور  البعض وسقوط البعض  الآخر في شباك المكر  والخدع الصدامية.
وقد بقوا هم حيث  لم يتأخروا ولم  يضعفوا مصممين  على أن يوصلوا الطريق إلى نهايته. وفي عام 1991عندما أوقد المجاهدون نار التصدي  للحكم البعثي الجائر فقد  كان للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية  توقفه الصريح من الثورة  التي سرت نارها في كل  جزء من أرض العراق  داعياً وراعياً ومشاركاً  فيها مشاركة كبيرة  كانت ستكون قاصمة لظهر الدكتاتورية  في العراق، لولا ما كان  من أمور وظروف معروفة للعراقيين  في ذلك الوقت ومع إن  نظام صدام الذي  وجه جيشه لمقاتلة  الثوار مستخدماً كل الأسلحة التي  عنده وتمكنه  من بسط نفوذه ثانية على البلاد بالحديد والنار، فأن ذلك لم يفت في عضد سماحة السيّد محمّد باقر الحكيم (رض)، أو يضعف من همم الثائرين في المجلس الأعلى  الإسلامي فقد واصلوا الجهاد   وقاموا العديد من الفعاليات  القتالية  التي استهدفت عناصر الحزب الحاكم وقواته  في بغداد وسائر المحافظات  وكان لهذا التواصل مع الثورة والنضال  أهميته للأمل العراقي  الكبير في تحقيق النصر  الناجز  على طغمة الظلم والطغيان  كما كان لهذا التواصل أثره أيضاً  في تعاظم الضغط الدولي على  نظام صدام واستصدار  القرارات الدولية التي  حددت من مساحة  تحركه وأثرت تأثيراً واضحاً  ومباشراً على ما كان  قد قرر بشان الأوضاع في العراق من تحرك  دولي واسع النطاق انتهى  بالنتائج التي نعرفها جميعاً،  وبعد سقوط الطاغية الذي كان ثمرة من ثمار  نضال المجلس الأعلى الإسلامي  في العراق وتواصله  مع هموم ومتاعب العراقيين  في الداخل والخارج وتصديه  لكل المهام التي عبرت  عن رعاية العراقيين  في التخلص من حكم  البعث الجائر فقد كان  للمجلس الأعلى دوره  في قيادة العراق وتمكينه من توجيه الأمور نحو  الغايات النبيلة.