يبقى الحديث عن نجاح مؤتمر جنيف 2 الذي من المقرر عقده في الايام القليلة القادمة سابق لأوانه خصوصا وان المعارضة السورية لم تتفق بعد على وفد يمثل أطرافها التي أظهر مسؤولوها تصريحات متباينة تؤشر عمق الخلافات فيما بينهم ، في حين رفض أكثر من 20 فصيلا مسلحا معارضا حضور المؤتمر ، فيما لم تتحدد بعد الجهات الدولية التي ستحضر وهذا خلاف آخر لم يتم حسمه الى الآن ، فروسيا تطالب بمشاركة كافة اللاعبين الأساسيين بما فيهم ايران وقطر والسعودية ، يشاركها هذا الرأي بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة والأخضر الإبراهيمي الممثل الأممي ، بينما تتحفظ أمريكا والدول الغربية على مشاركة طهران ، لكن الإتفاق الذي حصل على الملف النووي الإيراني في مؤتمر 5 + 1 قد يغير من وجهة نظر أمريكا والغرب تجاه مشاركة ايران ، وهذا ما ذكره وزير الخارجية الروسي لافروف حين صرح من طهران بأنه لمس من خلال اتصالاته بالشركاء الغربيين وفي بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تناميا في إدراك أهمية أن يحضر مؤتمر جنيف كافة اللاعبين الأساسيين بما في ذلك إيران .
إلا انه بات من شبه المؤكد حصول توافق دولي على ضرورة حضور دول الجوار السوري وهي العراق والأردن ولبنان وتركيا ، لإضفاء الجانب الإنساني على المؤتمر بحكم تواجد مئات الآلاف من المشردين السوريين على أراضيها .
لكن ومع كل هذا لا توجد أية اشارات مؤكدة حتى الآن من نجاح مساعي الممثل الأممي الابراهيمي ولا الضغوط الأمريكية والدول الداعمة للمعارضة السورية لتوحيد وفد المعارضة للمؤتمر ، وبالتأكيد فان عدم التمكن من تسمية وفد المعارضة سيقوض عقد المؤتمر ويلغيه ، لكن لنتحدث بافتراض ان هذه الجهود ستنجح في اقناع المعارضة السورية لحضور المؤتمر ، فهل سينجح المؤتمر .؟
كل الدلائل تشير الى فشله إن عقد لسببين رئيسيين هما ، الأول هو ان أطراف النزاع ترفض تقديم أية تنازلات ، فالحكومة السورية تقول إنها لن نذهب لجنيف لتسليم السلطة للمعارضة ، وان الرئيس الأسد باق في المرحلة الإنتقالية التي ستنتهي باجراء انتخابات وسيرشح فيها الأسد أيضا ، وهذا ما ترفضه المعارضة .
والسبب الثاني هو ان المعارضة السورية والنظام لا يزالان يران بأن استمرار القتال يحقق لكل منهما الأفضلية على الأرض وكمفاوضين في آن واحد ، الأمر الذي يجعل أحدهما أكثر قوة وقدرة على فرض شروطه على الآخر ، وهذا ما يطيل من أمد الحرب ويحصد أرواح العديد من الأبرياء الذين أصبحوا ضحايا إرادات دولية وإقليمية لا يمكن لها أن توقف دعمها لكل طرف ، لأهمية دمشق السياسية والجغرافية لآيديولوجية هذه الإرادات المتصارعة على أراضيها .
من هنا على الجميع أن يدركوا أهمية إنجاح المؤتمر وخطورة فشله ، والمطلوب الآن ان تتظافر كل الجهود الدولية لفرض شروط على المفاوضين بما فيهم المعارضة والنظام لتقديم تنازلات تقرب وجهات النظر المتباينة قبل فوات الأوان ، ومع كل هذا فلنمني النفس ولو بأمل ضعيف من أن الضمير الدولي قد يصحو لردء مخاطر استمرار القتال ، ويحفظ ما تبقى من الأرواح والممتلكات ويمنع تقسيم سوريا وما يتبعه ذلك من تداعيات خطيرة قد تدخل بلدان المنطقة بفوضى عارمة وأتون حروب لا تنتهي ، بل ستطال الجميع بمن فيهم الذين يعتبرون أنفسهم حاليا بمنأى عن الصراع ، وهذا ما لا يرغبه أحد بالتأكيد .