“أحْرَبوها فأقادَتْ فِتنةً…وإذا الناسُ أضاعَتْ حِكْمَةً”
المجانين يكتبون التأريخ ويقررون مصير الآخرين , والعقلاء مطاياهم المذعنون!!
فالحروب سلوك جنوني بوصلته الأوهام , وسفك الدماء , والقدرة على الإمساك بعنق الحياة , والإنتصار على إرادة الزمن وقهر فعل الدوران , الذي يصيب قادة الدنيا بالإعياء والغثيان.
فالقادة يشعرون بضغط الدوران وعليهم أن يتحذّروا , ويأخذوا كل شيئ بالحسبان , فتصاب رؤوسهم بالطيشان.
الحروب كالنيران إذا أجّت في غابات البشر الحيران , فأن إخمادها يخرج عن قدرات الإنسان , لأنها ستؤجج العواطف وتفلت الطباع الشرسة المطمورة , المأسورة بالخوف والإمتهان.
إن إنفجار العواطف البشرية الجمعية , أقوى من أي إنفجار تشهده الأرض , وقد تكررت هذه الإنفجارات العدوانية في حقب متعاقبة عبر العصور , فأفنت الأبرياء وإرتكبت المجازر المروعة والفظائع الكبرى , وما هدأت طويلا , وإنما تعاد الكرة بين فينة وأخرى , وكلما طالت فترة الهدوء , كان الوجيع شديدا ووقعها خطيرا.
ولهذا فأن البشرية بعد أن تمتعت بهدوء نسبي على مدى سبعة عقود أو يزيد , ربما تأهبت للقفز إلى أتون صراعات عنيفة مروعة يفقد الإنسان فيها قيمته , ويتحول إلى رقم جاهز للإمحاء.
وما يجري في واقع الزمن المعاصر , يمتلك مؤهلات إندلاع حروب ما قبلها ولا بعدها حروب , أي أن الدنيا إن لم تتأبط حلمها , وتفعِّل عقولها , فستدخل في متاهات سقر , التي لن تعرف الخروج منها إلا بعد أن تتحول إلى عصف مأكول , ورماد تذروه رياح العصور على مدى قرون وقرون.
وبعدها سيُعاد ذات السلوك , وتفرض الأرض إرادتها على مخلوقات لا تعرفها , وتنتقم منها , وتؤذيها بما تبتكره عقولها المنطلقة في دروب الشر الشديد.
فهل سترعوي كراسي الوعيد؟!!