23 ديسمبر، 2024 3:57 ص

نايف عبوش ونهر الزاب ودجلة ثلاثة أنهر في مصب واحد

نايف عبوش ونهر الزاب ودجلة ثلاثة أنهر في مصب واحد

تقول المعلومات أنه من مواليد جنوب الموصل ولد في منتصف اربعينيات القرن الماضي .ترعرع في قرية السفينة الواقعة على ضفاف دجلة والملاصقة لحقل كبريت المشراق فتنفس من الاثنين غاز الكبريت وهواء دجلة النقي .والده الملا عبوش مدرسة عصره فربى ابنه على تعليم القرآن وحفظ آياته وتفسيره . درس في مدرسة قريته السفينة وأنهى دراسته الابتدائية فيها وكانت المدارس في المنطقة قليلة جداً واكمل الدراسة المتوسطة في ناحية حمام العليل وتوجه لدراسة الاعداديه في مدينة الموصل وهنالك اختلط مع اغلب الكتاب والأدباء الكبار من جيله وبما أنه كان يحمل الطابع الريفي في صفاته .كان يحمل معها فراسة العرب باللغة والشعر وفصاحة اللسان ينطق لغة الضاد ..تعلم من أساتذته في الإعدادية الغربية آنذاك كل العلوم التي كانت تدرس ضمن مناهج وزارة التربية والتعليم في وقتها كونه طالب متفوق ودرس في الفرع العلمي..وكان من ضمن المتفوقين وحصل على مقعد في كلية العلوم في حينها ولكن بسبب الظروف القاهره لأبناء القرى في حينها اضطر لترك الدراسة فيها ليعود من جديد ويتوجه للدراسة في كلية الإدارة والاقتصاد في جامعة الموصل في سبعينات القرن الماضي وتخرج وكانت نتيجته الاول على قسم الاقتصاد ولك اخي القارئ الكريم أن تتصور طالب من قرية فلاحيه يأتي إلى المدينة في ذلك الوقت فيدخل الجامعة ويتفوق على طلابها .أنه انجاز مابعده انجاز .
عمل في الشركة العامة لكبريت المشراق وكان من المؤسسين والداعمين لهذه الصناعة وكونه من حملة الشهادات الجامعية مارس عمله كمدير للقسم التجاري واستطاع تطوير هذه الشركة إلى الأفضل..ومازالت خططه التجاريه يتم تطبيقها بعده ويستفاد منها من عمل خلفه ..وقد حصل على ماجستيرعلوم اقتصاديه عام1981 وكانت هذه الشهادة من القلة القلائل في المنطقة كون اغلب أبناء المنطقة كانو يتوجهون الى مسلك الجيش والشرطة ..
رشح للعديد من المناصب والمواقع المهمة ومنها الامين العام للاتحاد العربي لمنتجي الاسمدة في مصر. وحصل على المركز الاول في معهد الخدمة الخارجية ورشح للبرنامج الانمائي للامم المتحدة في جنوب افريقيا ورشح للسفارة العراقية ..كان الكفاءة الوحيدة في جنوب الموصل وكان من الذين يشجعون الناس على حث أبناءهم على الدراسة .فتجده بيته مقر لكل الكفاءات العلمية في جنوب الموصل…
طلب العلم والوظيفة لم يثني هذه الكفاءة عن دورها الثقافي في المجتمع .فجمع كل أنواع الثقافة من ماضي بدوي كالشعر والقصيدة البدوية الى واقع ريفي كالعتابة والنايل والزهيري الى حداثة العصرنة من خواطر وقصص وابداعات ثقافية عامة …
فهو عالم بشؤون الانساب إضافة الى أنه محلل سياسي وثقافي عام لما يدور حوله من شؤون البلد …
اليوم يعتبر نايف العبوش ابوبشير مدرسة متكاملة في جنوب الموصل .فهو عاصر الجيل السابق والجيل الحالي واليوم يعيش في وسط جيل المستقبل من الشباب وهو يحثهم على التمسك بتراثهم الذي هو جزء من عادات وتقاليد المجتمع الذي يعيشون به …
ذاكرته مملوءة بالمعلومات التاريخية القيمة ومصطلحات لايعرفها الجيل الجديد .فمن منهم اجيال اليوم يعرف الكولكة والمذرا واللوذ والجرجر ..مصطلحات كنا نعيشها في طفولتنا كوننا أبناء قرى فلاحية ..
كتب نايف عبوش في مقالاته عن التراث مفردات اللهجة العامية المعروفة في جنوب الموصل وحكايات الجدات الختيارية عن السعلوة والحنفيش .وكتب مفردات عن الدوبة والملاية والراوية والحصاد بالمنجل والبيدر….
يوميا يصور لنا واقع قريته وهي تحاكي نهر دجلة وأختلاطه بنهر الزاب الكبير فيتكون منظر ربيعي دائم من مناظر الطبيعة الخلابة.
نعم أنه ابوبشير عامود ثقافي من أعمدة مدينة الموصل خاصة والعراق عامة وكل مثقفي الوطن العربي التي تربطه معهم روابط ثقافية بنيت على أساس نشر ثقافة الشعوب فيما بينها ..
ابو بشير الطيب القلب الذي لم يزعج أحد من أصدقائه ومعارفه ولم يرد طالباً جاء ليستفاد من علمه حتى وإن كان من جيل أحفاده…يعيش اليوم بين اجيال العتابة والنايل وجيل العصرنة الانترنيتية .يقصده الكتاب والمثقفين من كل نواحي جنوب الموصل ليحضون بتعليلة عامة تتحول إلى جلسة أدبية وحوار ثقافي رائع.. إضافة إلى أنه المستشار لكل الأساتذة الجامعيين عند حاجتهم لمصدر معلومة تراثية أو تاريخية عن محافظة نينوى فيعتبرونه كنز المعلومات لهم عند الحاجة…