19 ديسمبر، 2024 12:45 ص

نشطت على ساحة الجماهير العربية الفلسطينية داخل الخط الاخضر العديد من الجمعيات الاهلية والمؤسسات الثقافية التطوعية، التي اخذت على عاتقها تعميق وتجذير الوعي الفلسطيني والمساهمة في العمل الوطني والنضالي والنهضة الثقافية والفكرية والعلمية الفلسطينية . ومن هذه الجمعيات، جمعية “الصوت”، التي تشكلت وتأسست في اواخر السبعينات بالناصرة، مدينة الحب والسلام والعاصمة الثقافية لشعبنا. وكان من ابرز أعضائها الناشطين والفاعلين المناضل منصور كردوش، والشاعر جمال قعوار، والشاعر احمد حسين، والأديب نواف عبد حسن، والشاعر عمر حموده الزعبي وغيرهم .
وضعت “الصوت” أمام ناظريها مشروعًا وبرنامجًا ثقافيًا ينهض بثقافتنا الفلسطينية الانسانية التقدمية الملتزمة، ويقدم فكرًا فلسطينينًا شجاعًا خالصًا من الافتعال والتأرجح بين الالتزامات والمواقف الغامضة على ساحة قضية واضحة وضوح الالم، والعمل على اصدار الانتاج الادبي الابداعي الملتزم لأدبائنا المغيبين والمحاصرين، سواء منهم المستجدين او النابهين او المبعدين عن النباهة – على حد تعبير اللجنة الادبية.
وكانت “الصوت” افتتحت برنامج النشر بإصدار “الكلمة الحرة” وهو كتاب يضم مقالات كتبها اعضاء الجمعية للتعريف بمبادئ الصوت واهدافها. ثم توالت الاصدارات المتنوعة في حقول الشعر والادب والفكر السياسي، فصدر عنها كتاب “كامب ديفيد – تسوية ام تصفية” للدكتور حاتم صديق ابو غزالة من نابلس، وهو اسهام وجهد فلسطيني يفضح مؤامرة كامب ديفيد ويكشف ابعادها واهدافها، ومجموعة “الريح والجدار” للشاعر جمال قعوار، وقصائدها مرآة تعكس الواقع المأساوي في شعر ثوري صادق، وكتاب “من اجل المستقبل” وهو عبارة عن استطلاع رأي حول فكرة انشاء جامعة عربية في البلاد، ومجموعة “الوجه والعجيزة” للقاص احمد حسين، وتتسم بالفنية المذهلة ووعيها النافذ ورؤيتها الواضحة لأبعاد المأزق الجحيمي لأبناء شعبنا الفلسطيني. اضافة الى كتاب “نحن والمستقبل” للدكتور قسطنطين زريق، وهو بحث حول الاوضاع الراهنة لقضايا الامة العربية واستشراف لمستقبلها، وديوان “منزرعون” للشاعر منيب مخول، الذي يتمحور حول قضية الارض والتشبث بالجذور والهوية، وتتحدث قصائده عن الألم والنقمة والرفض ازاء ما يحدث من عمليات نهب ومصادرة .
وكذلك ديوان “صعلوك من القدس القديمة” للشاعر المقدسي فوزي البكري، وهو شعر وطني صادق يعبر عن احاسيس كل فلسطيني يشعر بالقضية في مختلف نواحيها السياسية والطبقية والوطنية، وقدم له الكاتب الفلسطيني المخضرم عادل سمارة بدراسة عميقة وافية، وغير ذلك من منشورات ومطبوعات.
وبحكم الظروف الاقتصادية القاهرة، ولأسباب ذاتية وموضوعية، اغلقت جمعية “الصوت ” أبوابها وتوقفت عن اداء مهمتها ورسالتها الوطنية، ولم تستكمل مشروعها الثقافي التعبوي الريادي والطليعي، الذي يصب في خدمة النضال الوطني التحرري والمشروع الثقافي الفلسطيني .
والحق ان “الصوت” كان لها اسهام رائد واثر فعال في تنمية الذوق الادبي والثقافي، وتأصيل الوعي الملتزم ونشر الفكر الفلسطيني المقاوم، وقد عملت بجد واخلاص وتفاني من اجل ايصال الصوت الفلسطيني الى الآذان الواعية في المنطقة والعالم، لأجل الحق والعدل والخير والسلام .