19 ديسمبر، 2024 1:04 ص

جمعة حقوق وتفرق الجموع

جمعة حقوق وتفرق الجموع

لانتوقع ان تتعلم الاحزاب السياسية المهيمنة منذ ما بعد 2003 الى اليوم على مقاليد الامور في العراق من دروس الاحتجاجات الشعبية وقبلها عزوف المواطنين عن المشاركة في الانتخابات ..ما يعني ان جذوة الاحتجاجات ستبقى حتى وان خبت لهذا السبب او ذاك وستتكرر التظاهرات بين فترة واخرى الى ان يتم تصحيح الاوضاع بشكل سليم. وقد تواصلت التظاهرات الشعبية السلمية في بغداد والبصرة وذي قار وعدد من محافظات العراق ، غير ان المشاركة كانت محدودة قياسا بالايام الاولى لانطلاقتها خاصة في ساحة التحرير التي لم يتجاوز عدد المشاركين برأينا الثلاثمائة متظاهر اذا حسبنا معهم عدد الجالسين في حديقة الامة ولهذا اسبابه وابرزها هو عدم وجود تنسيقية موحدة قادرة على تنظم انطلاقة التظاهرات و توحيد صفوف المجاميع المتعددة المتظاهرة تحت نصب الحرية .. وبحسب الاخبار فان تظاهرات محافظات الجنوب ما زالت هي الاقوى قياسا الى بغداد التي لايتناسب عدد المشاركين في تظاهرتها مع نداء تنسيقيات الجنوب التي دعت المواطن في بغداد الى الخروج في جمعة الحقوق باعداد تليق بمكانة العاصمة وتاريخها النضالي ودورها الطليعي في كل مراحل التاريخ .. وما يؤسف له اكثر هذا التشتت في تظاهرات بغداد بحيث لايصعب ان تلمس تفرق الجموع برغم ان هنالك هدف كبير واحد يجمعها هو انقاذ الوطن من السياسيين الفاسدين الطائفيين ..وبقدر ما يشعر المرء بالفخر وهو يسمع ويلمس مدى التطور في شعارات المتظاهرين ، فانه يصاب بالاسى واليأس وهو يرى ان هذه الجموع العفوية مشتتة فكل عشرين او ثلاثين مواطن يتظاهرون بشكل منفصل عن الاخر وربما اكبر تجمع لايتجاوز عددهم الستين وهي حالة سلبية تضيع الجهد والحقوق ولايمكنها ان تحقق الاهداف المشروعة.
كان من المؤمل ان يرافق الوعي في تطور الشعارات والمطالب وانتقالها من المطالب الخدمية الى اخرى تهدف الى اصلاح خلل كبير في هيكلية العملية السياسية ورفض الاحزاب الفاشلة التي كانت وراء كل ازمات العراق ووأد احلام شعبه ..نقول كان من المؤمل ان يسهم هذا في توحيد صفوف المتظاهرين خاصة وانهم جميعا يرفعون نفس الشعارات وابرزها اعادة النظر بعقود التراخيص النفطية والغاء رواتب وامتيازات اعضاء مجلس النواب السابقة والحالية والغاء مجالس المحافظات والمجالس البلدية كونها حلقات زائدة تكلف ميزانية الدولة الاموال الطائلة من دون ان تقدم اية خدمات اضافة الى الغاء رواتب رفحاء والاهم هو محاسبة الفاسدين واسترجاع اموال الشعب المنهوبة منهم ، غير ان ذلك لم يحصل وبقيت نفس المشكلة التي طالما عانت منها تظاهرات بغداد والمتمثلة بعدم وجود تنسيقية موحدة .. ويبدو لي ومع خالص تقديري للجميع خاصة الشباب المكتوين بالبطالة وشظف العيش وشهادات معلقة لاتوفر لهم عمل يليق بهم ، ان عقدة البروز ان لم نقل الزعامة عند البعض تقف حائلا دون توحيد صفوف المتظاهرين وهو ما ينبغي الانتباه اليه .. ولاينبغي ان ننسى ان مشاركة النخب الثقافية والفنية ضعيف نسبيا اذا ما قورن بالتظاهرات في اعوام 2011 و2015 و2016 كما ان غالبية اعضاء ( الكروبات ) في مواقع التواصل الاجتماعي ممن يدعون للاحتجاج كانوا غير حاضرين !!
ومن الطبيعي ان يكون لكل تظاهرة موجهين قادرين على قيادة الجموع نحو هدف معين هو تخليص العراق من طبقة سياسية عاثت بالعراق دمارا وفساداً .. وحيا الله شعب العراق واهلنا في الجنوب وهم يتحدون قمع الظالمين.