لا نتجاوز الحقيقة إذا اعتبرنا أنه بعد انقضاء اكثر من خمسين عاماً على رحيل الزعيم العربي جمال عبد الناصر، فأن كل ما يتعلق به:- سياساته ، علاقاته المصرية والعربية والعالمية ، مواقفه وقراراته ، حتى شخصيته ، لا يزال يثير الجدال ، وفي كثير من الأحيان ما يكون جدالاً حاداً . ذلك أن أنصار عبد الناصر يؤيدونه بكل قواهم ومشاعرهم . وخصومه ينتقدونه بالدرجة نفسها من الحدة . ومن هم وسط بين هذا وذاك حالات قليلة إن لم نقل نادرة.
والكتاب الذي نحن بصدد مراجعته لمؤلف عربي يكتب باللغة الإنكليزية ، من شأنه أن يثير جدالاً من هذا القبيل ، على الرغم من أنه أو ربما لأنه يحتوي على هذين العنصرين في آن معاً . فالمؤلف لا يخفي حبه العميق لعبد الناصر ، وهو مع ذلك يذهب في نقده له ولسياساته وقراراته والتطورات التي طرأت على شخصيته بفعل الإحداث والمعارك إلى أماد بعيدة . لهذا فإن الكتاب يقدم ربما للمرة الأولى بالنسبة إلى سير الحياة الكثيرة التي كتبت عن عبد الناصر مزيجاً فريداً لكنه إنساني في عمقه مخلص في محاولته تقديم تحليل وتقييم لهذا الزعيم داخل إطار مجتمعه وأمته والعالم الذي عاش فيه وصارعه.
يعتبر عبد الناصر- يؤكد المؤلف – القائد العربي الأبرز في القرن العشرين حين تسنم سدة السلطة عام 1952 ، كان هذا الضابط في الجيش المصري مؤيداً للغرب وكانت وكالة الاستخبارات الأمريكية على علم بتحركه ، إلاّ أن عبد الناصر صار في ما بعد تجسيداً للمواجهة التاريخية بين العرب والغرب.
إن إعادة النظر إلى عبد الناصر مع أخذ ما جرى في الماضي في الاعتبار، تحدد لماذا لم تسفر جهود هذا الزعيم الملهم عن تحرير الجماهير العربية عندما كان على قيد الحياة ، وكيف تحول أعداؤه الإسلاميون إلى ورثته عند هذه الجماهير . لم يترك عبد الناصر إرثاً سياسياً خلفه . لقد كان يتمتع بدعم جماهيري واسع لم يشاركه أحد من قادة العرب فيه في الأزمنة الحديثة ، وكان هذا الدعم الجماهيري موصولاً حتى في الساعات الحالكة . ومع أن الجماهير أبدت أحياناً ضغوطاً على حكامها لإجبارهم على السير مع عبد الناصر إلاّ أن هذا القائد لم يقولب هذه الجماهير للعمل ضمن أُطر حزبية أو حركية فاعلة ، وبهذا يتبخر حلمه بعد غيابه . ربما يكون ما حدث على هذا النحو هو الذي حمل الشعوب العربية على إيقاف محاولاتها . أو لعل هذا القائد الشعبي المفصح عن تمنيات ورغبات الشعوب العربية والمالك لكل المقومات لجعلهم مستقلين فعلاً ، واجه توليفة يستحيل بلوغها.
إن الفجوة التي كانت قائمة بين عبد الناصر وسائر القادة العرب مازالت قائمة حتى يومنا هذا – يشير المؤلف – كان القادة الآخرون يعتمدون على الدعم الغربي ويتجاهلون شعوبهم. غير أن أصوات الشعب سكنت في شخص عبد الناصر . إلاّ أن ما تكشف هو عدم قدرة عبد الناصر على مصالحة مسؤوليته نحو شعبه مع ميوله الطبيعية المؤيدة للغرب ، ما أدى إلى انهياره.
كان عبد الناصر مؤيداً للأمريكيين ومعادياً للشيوعية ضد الملكية والباشوية الفاسدة ، ومعارضاً لحركات الإسلام السياسي . لكن إعجابه بأمريكا لم يحد ولم يضعف من سلطته . وخلافاً لبقية الزعماء العرب الذين عاصروه لم يعتمد في بقاء سلطته على الأمريكيين . فقد كانت الغريزة الطبيعية التي تسيطر عليه بالاستجابة لطموحات شعبه تتجاوز كل ما سواها وذلك ما جعل منه رمزاً شعبياً . وحتى نهاية العام 1955 ، كان رفضه الدعوة الأمريكية إلى الانضمام إلى تحالف إقليمي مضاد للشيوعية لا يعود بأي شكل من الإشكال بالمصلحة على المصريين بل على بقية العرب أيضاً . وقد جعل ذلك عملية المصالحة بين ميوله الأمريكية وسلوكه الأممي أمراً سهلا نسبياً . وقد غدت لاحقا مسألة حسم إذا ما كان الانقياد إلى ما يريده شعبه أو إلى أمريكاً أحدى معضلات سياسته الخارجية، واكتسبت هذه المشكلة مزيداً من الأهمية عندما تغير مضمون مصطلح (شعبي) أو (شعوبنا) من أن يكون المقصود به المصريين فقط إلى شموله الأمة العربية بكاملها . وعندما تعرض للضغط لاختيار أحد الخيارين استمر عبد الناصر في الانحياز إلى جانب إرادة شعبه حتى عندما كانت تلك الإرادة سطحية وتفتقر إلى المبررات ، الأمر الذي جعله يبدو وكأنه لغز.
ومن اللافت للانتباه ، أن الموضوع الرئيس الوحيد والمهم الذي لم يتبن تجاهه عبد الناصر سياسة شعبية ، كان هو العلاقة مع إسرائيل . فقد اعتقد بأن السلام وشيك في الوقت الذي كانت فيه موجة الرفض العاطفية ضد إسرائيل تتصاعد لدى الشارع المصري . ولكن كان من الواضح من حقيقة الأمر أن عبد الناصر كان متناقضاً في تظاهره بالاعتدال تجاه إسرائيل عند إصداره لكتاب (فلسفة الثورة) في العام 1954. فقد وضع ذلك الكتاب الذي كان فحواه تهدف إلى إعطاء قائد حركة الضباط الأحرار أيديولوجيا . والذي تبنى فكرة القومية العربية بل قدمها أيضاً حتى على الوطنية المصرية من أجل تصعيد سلوكيات المجابهة تجاه اسرائيل . وقد تكشف مؤخراً أن ذلك الكتاب كان من تأليف الصحفي المصري محمد حسنين هيكل ، وهو قومي عربي متحمس ، وقد أرسى فيه عبد الناصر مفهوم الهوية المصرية العربية بحسب اعتقاده الشخصي والالتزامات التي تترتب على ذلك.
وما يتعلق بقضية فلسطين ، فإن عبد الناصر لم ينجح أبداً بإبعاد نفسه عنها والتركيز على المشاكل الداخلية في مصر المتعلقة بالإصلاح الذي أراد تنفيذه . وبإمكان المرء القول أن المشكلة الفلسطينية فرضت نفسها عليه . وكان التعامل مع هذه القضية جزءاً من مهامه بحكم موقعه كقائد للعرب . وبدءاً من صفقة الأسلحة التشيكية وتأميم قناة السويس والعدوان الثلاثي على مصر عام 1956 ، وعواقبه .. فقد أصبح جمال عبد الناصر الزعيم بلا منازع للعرب . لكن قبل ظهوره على الساحة العربية ظل القادة العرب منذ العشرينات يركزون على القضية الفلسطينية . وفي أواخر الخمسينيات وبداية الستينيات قبل حتى أعداء عبد الناصر زعامته واعتبروه مسؤولاً عن المواجهة مع إسرائيل . وعلى الرغم من أن كل الحكومات العربية قد تنافست على روح القضية الفلسطينية ، فإن القبول به قائداً للجميع كان اعترافاً غير مباشر بموقفه مع الشعب العربي وبقيادة مصر للعالم العربي.
يبقى أخطر ما تناوله الكتاب وما أورده من خفايا تكشف لأول مرة ، مسألة مواقف عبد الناصر من أحداث العراق ولاسيما بعد ثورة 14/تموز/1958 . فقد أصبح العراق عند عبد الناصر البلد الأكثر إلحاحاً في عقله . وكان يوجد فيه مجموعة من الأحزاب السياسية من ضمنها حزب البعث والحزب الوطني الديمقراطي، وكلاهما ملتزم بالقومية العربية ويتبنى وحدة العرب جميعاً في بلد كبير. وفي العراق أيضاً حزب شيوعي بحجم معقول ويعمل تحت الأرض ، وطبقة من الضباط لها تاريخ في التدخل بالأمور السياسية. وكانت العائلة المالكة غير شعبية ولم يكن الشعب العراقي في الحقيقة مؤيداً لنوري السعيد في كل سياساته … كان هناك اتصالات بعبد الناصر من قبل عراقيين طالبوا بالدعم في محاولاتهم تغير حكومة بلادهم جاء من ضباط الجيش . فقد أرادت مجموعة من ضباط الجيش تدعى الضباط الأحرار انتهجت طريقة حركة عبد الناصر أن يدعمها في اللحظة التي تعلن تمردها – التسمية للمؤلف – المعادي للملكية والمعادي للغرب . وكان الضباط الأحرار تحت قيادة الزعيم قاسم ، وهو ضابط عراقي ذو سجل نظيف ، وذهبوا إلى حد طلب تغطية حيوية عند حدوث الانقلاب . وأُعيد عرض الطلب على عبد الناصر إلاّ أنه خيب أمل الضباط ولم يستجب لهم.
وربما كان قراره ضد مساعدتهم ، لأن ذلك لو تم سيكون تحدياً لمبدأ ايزنهاور وسيؤدي إلى مواجهة أراد هو أن يتجنبها ، لأنه – من الممكن – أنه لم يكن يعرف بما فيه الكفاية عن الضباط ولم يكن يريد أن يزج بنفسه في فشل . وهناك أيضاً ما يمكن اعتباره أكثر احتمالاً بأنه لم يكن حقاً موافقاً على تدخل الجيش في السياسة على رغم خلفيته الشخصية . ومهما يكن السبب فمن الجلي أن عبد الناصر لم يكن ثورياً عربياً يناضل من أجل الوحدة العربية بصرف النظر عن النتائج ، ومهما كان هدفه فإنه ألزم نفسه بمبادئ محددة من ضمنها التردد في تأييد الانقلابات.
لقد كانت للانقلاب – التسمية للمؤلف – ضد الملكية العراقية دلالات عديدة، كان الانقلاب الوحيد في الشرق الأوسط الذي كان مفاجأة كاملة لكل فرد ، حيث لم يكن هناك أي ارتباط بين قادة الانقلاب والقوى الخارجية . ولم يكن قائد الانقلاب غير الزعيم عبد الكريم قاسم ، وهو الضابط نفسه الذي اتصل بالحكومة المصرية طالباً المساعدة قبل عامين من الانقلاب.
كان أول عمل قام به عبد الناصر إثر سماعه بأخبار الانقلاب ، كان إصدار أوامره بوضع قوات الجمهورية العربية المتحدة في حالة إنذار قصوى ، وأمر أيضاً بتوجيه وحدات عسكرية خاصة وقوة جوية إلى الحدود السورية – العراقية . وأتبع ذلك بتقديم الاعتراف بالحكومة الجديدة في بغداد والتصريح بـ (إن أي هجوم على العراق هو هجوم على الجمهورية العربية المتحدة وفقاً لميثاق الدفاع العربي المشترك الصادر عن جامعة الدول العربية) . وأثناء ذلك قام عبد الناصر بزيارة إلى موسكو لعقد اجتماعات طارئة مع خروتشوف . وقد طلب عبد الناصر بوصفه رئيس الجمهورية العربية المتحدة نصاً صريحاً من الاتحاد السوفياتي يحدد الموقف حول العراق . وقد أبلغ بأن الاتحاد السوفياتي لن يقحم في أية مواجهة مع الغرب حول العراق . وقد عبر عبد الناصر عن عدم سعادته بذلك . وفي 18/تموز فاجأ عبد الناصر العالم وطار إلى دمشق من موسكو في طريقه إلى القاهرة . وقد توقع كل فرد بذهابه إلى الاتحاد السوفياتي أن يهبط في بغداد . ولكن في واحد من أكثر التطورات المهمة في نهاية الخمسينيات والتي ساعدت في تشكيل الشرق الأوسط وسوف تستمر في تشكيل مستقبله ، فأن قاسم رفض أن يمنح عبد الناصر موافقة للهبوط في بغداد . ووصف طلب عبد الناصر لزيارة العاصمة العراقية بأنه جاء في وقت غير مناسب لها . وقد تم التحقق من هذه المعلومة من قبل المؤلف من وصفي التل الذي كان ملحقاً أردنياً في إيران وكان قد حصل على هذه المعلومة السرية من ضابط مخابرات إيراني في بيروت عام 1959 .
كان سلوك قاسم خلال الأيام الأولى من حكومته محيراً وبقي قدر كبير منه غير معروف وخارج عن المألوف … إن نجاحه في الإطاحة بالملكية قد تبعه تأييد ضخم له في أرجاء العراق ، ولكن ذلك وطموحه الواضح لأن يصبح القائد الأعلى للعراق لم يكن يشرح الضغينة التي يحملها لعبد الناصر ، ربما لأنه لم يغفر لعبد الناصر رفضه مقابلته أو حتى تشجيعه وتشجيع رفاقه قبل عامين من الانقلاب ، وأن مايدهش – الكلام للمؤلف – أن مصادر مخابراتية غربية أبلغت قاسم بمعلومات عن علاقة عبد الناصر بوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية.
ويتناول المؤلف انقلاب 8/شباط/1963 بشيء من التركيز واصفاً إياه بالانقلاب الدموي الناجح ، ولأن هوية الناس الذين قاموا به هي موضوع سؤال – يقول المؤلف – فقد بدا كما لو أن وحدات من الجيش العراقي ثارت ضد الرجل القوي في العراق باسم القومية العربية . وقد أخذ ذلك أكثر من أربع وعشرين ساعة من معارك شوارع دموية لإنجاز التفوق عليه وعلى مؤيدي قاسم.
إن الاتهام ضد قاسم كان التآمر على القومية العربية والوحدة وإعدام كثير من ضباط الجيش الذين دعموه واعتبروا عبد الناصر قائداً لهم . وبدا كما لو أن عبد الناصر حقق انتقامه عن الموصل ، وفوق ذلك كله كان لديه سبب لمعاقبة الناس الذين دعموا قاسم ضد الوحدة العربية ، الشيوعيون ورفاق دربهم ، وكان الشيوعيون هم الذين جعلوا قاسم يربح الموصل بإعطائه دعماً شعبياً كافياً لإيقاف زحف القومية العربية التي مثلها عبد الناصر .
ثم يكشف المؤلف أمراً لا ندري مدى صحته ، لأنه يعتمد على (أقاويل) أكثر من اعتماده على مصادر وثائقية رصينة ، ربما دفعتها – أي الأقاويل – عقدها النفسية وانتماءاتها المذهبية إلى إطلاقها … وللأسف نقلها المؤلف هنا دون تمحيص حيث يقول :- إن حقائق انقلاب 8/شباط/1963 تختلف في مظهرها. فلم يكن انقلاباً ناصرياً ولا انقلاباً قومياً عربياً بل كان واحدة من أكثر عمليات وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية إحكاماً في تاريخ الشرق الأوسط . وكانت عملية أدت إلى أوضاع سيئة حتى أن نتائجها استمرت في التأثير في العراق حتى يومنا هذا.
لقد جرى تنظيم وتنفيذ العملية بواسطة أحد المرتبطين بـ “ويليام ليكلاند” في السفارة الأمريكية في بغداد . وهو عميل سابق في القاهرة ومتخصص في العمليات السرية . وقد أحكم الجمع ما بين مجموعة من الضباط العسكريين المعادين لقاسم وعناصر من حزب البعث في العراق . ورفاق بعثيين في سوريا وخليط من الناس الذين كان خوفهم حقيقياً من استيلاء الشيوعيين على العراق . إن اختلافهم لم يحد من تصميمهم على التخلص من التهديد الشيوعي للعراق.
لقد جهزت سلفاً قائمة بأسماء المؤيدين لقاسم لإعدامهم وحتى بعض الذين استقالوا من الحزب الشيوعي ، فقد جرى أدراجهم . وأعطيت القوائم إلى بعثيين من الحرس القومي مع أمر بسيط بالقضاء عليهم. تسلم القادة الذين نفذوا حملة المذابح القوائم من ويليام ليكلاند ووكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية . ونفذت الأوامر بقتل المؤيدين لقاسم . وكانت القائمة التي وضعت جميعها من قبل عميل وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ويليام ماكهيل قد طبقت بصورة منظمة . لم يقم عبد الناصر بأي حركة لإيقاف المجزرة مدعياً بأنه ليست له سيطرة على ما كان يحدث.
في الحقيقة – يقول المؤلف – إن عبد الناصر قد قام بمقايضة مكشوفة تماماً . فلأنه كان قد تآمر لسنوات دون نجاح ضد قاسم فقد توصل إلى اتفاقية مع وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية تعهدت الوكالة بموجبها بتخليص العراق من قاسم وفي المقابل وعد عبد الناصر بأن يتنازل عن التحكم بالعراق لصالح وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية.
الكتاب حافل بمعلومات كثيرة واستنتاجات أكثر بعضها جديد لم يسبق أن عالجته السير السابقة العربية أو الأجنبية عن حياة عبد الناصر ، قد لا تتفق مع ما يراه أنصاره ومريدوه أو قد تتصادم مع قناعات خصومه وناقديه . وتبقى مسؤوليتها على عاتق المؤلف . مع ذلك فالأمر المؤكد الذي تدعمه قراءة موضوعية متأنية للكتاب:- إن المؤلف بذل جهداً كبيراً في المجالين اللذين صنعا مادة الكتاب من بدايته إلى خاتمته ، جمع المعلومات من مصادرها وتحليلها وتقديم ما تنطق به من استنتاجات.
إن هذا الكتاب عن عبد الناصر ، هو في الوقت نفسه كتاب عن الحقبة منذ ظهوره على مسرح الحياة القومية ، عن الوطن العربي من سنوات ما قبل عبد الناصر وحتى الآن.
لقد وضع عبد الناصر في السياق الوطني والقومي والإقليمي والدولي .. ربما كما لم يفعل أي كتاب آخر عنه . ليس فقط لأنه يمتلئ بتفصيلات كثيرة ومعلومات غزيرة .. إنما لأنه كتب بعواطف حارة قوية وتدفق يمتزج فيه العقل والوجدان ويؤثر في كلا الاتجاهين . يتحيز لعبد الناصر وبصدق أيضاً وهو يلقي عليه اللوم غير مكتف كغيره بتوجيه الاتهام . وربما – لهذا – تفوقه على سير عبد الناصر الأخرى العديدة . وربما لأن المؤلف انتظر لنحو 32 عاماً ليكتب هذه السيرة فاستوعب ما جرى طوال سنوات غياب عبد الناصر وتأثيرات هذا الغياب، كما استوعب ما كتب عنه وما لا يزال يرويه بعض صحبه الذين بقوا على قيد الحياة ، وما يشهد به أولئك الذين صادقوه فعرفوه عن قرب ، وهو – المؤلف – مع ذلك لم يأخذ أي قول أو شهادة أو سيرة مأخذ التسليم ، مع أو ضد.
الكتاب :-
سعيد أبو الريش – جمال عبد الناصر .. آخر العرب ، ط1 ، مركز دراسات الوحدة العربية ، بيروت ، نيسان /2005 ، 435 صفحة.
[email protected]