18 ديسمبر، 2024 5:54 م

جمالية اللغة الشعرية في قصيدة – للطريقِ ظلٌّ متكسر- للشاعرة : رحمة عناب – للطريقِ ظلٌّ متكسر

جمالية اللغة الشعرية في قصيدة – للطريقِ ظلٌّ متكسر- للشاعرة : رحمة عناب – للطريقِ ظلٌّ متكسر

قصيدة “للطريقِ ظلٌّ متكسر” للشاعرة رحمة عناب تتميز بجماليات لغوية وشعرية تعكس عمق معاناة وتوق شعري نحو الحقيقة والعدالة. وإليكم بعض الجوانب الجمالية في هذه القصيدة:

 

التعبير عن الألم والمعاناة: القصيدة تعبر عن الألم والخيبة التي يشعر بها الشاعر أو الشاعرة تجاه الواقع المؤلم. استخدام تعبيرات مثل “جحيمٍ نازفٍ” و”ظلّ متكسّر” يبرز معاناة الشعور بالخيانة والتشويه الذي تعاني منه الأرض والشعوب.

 

الصور الشعرية والاستعارات: تحتوي القصيدة على صور شعرية قوية، مثل “طريقٍ ظلّ متكسّر” و”أرض المُنى هزائم”. هذه الصور تجعل القارئ يشعر بالواقع المرير الذي تعكسه القصيدة، حيث يتم تجسيد الشعور بالضياع والخذلان.

 

التباين بين الأمل والخيبة: القصيدة تبرز التباين بين الأمل والخيانة، حيث تستخدم “القدس” كمثال للقداسة التي تتعرض للتشويه. يظهر هذا التباين في العبارات مثل “تغسلونَ حماقات الذنوب” مقابل “تتعلّقُ الشعارات على جدران الدسائس”، مما يبرز التناقض بين الأمل في الطهارة والواقع المرير.

 

التوظيف الديني والتاريخي:الشاعرة تتناول القضايا الدينية والتاريخية بشكل عميق، مثل الحديث عن “القدس” و”المآذن” و”الأنبياء”. هذه الرموز الدينية والتاريخية تعطي القصيدة عمقاً وتساعد في توصيل رسالة الشاعرة حول تدهور القيم والخيبة.

 

استخدام اللغة الرمزية: الشاعرة تستخدم اللغة الرمزية بشكل مكثف، مثل “سرَّ الغيم” و”بيتاً مسافراً”. هذه الرموز تضيف بعداً ميتافيزيقياً للقصيدة، مما يسمح للقارئ بتفسير النص بطرق متعددة ويعزز من تأثيره العاطفي.

 

التكرار والتراكيب اللغوية: التكرار في القصيدة مثل “يا مَنْ” يعزز من الإيقاع الشعري ويعكس التوتر الداخلي للشاعرة. كما أن تراكيب الجمل تتسم بالعمق والتعقيد، مما يضفي على النص طابعاً درامياً.

 

النهاية المفتوحة: القصيدة تنتهي بنبرة متفائلة قليلاً على الرغم من الألم المستمر، مع الإشارة إلى “حدود وطنٍ أثير”. هذا يخلق توازناً بين الإحساس بالخذلان والأمل المتجدد في النهاية.

 

بشكل عام، القصيدة تتميز بأسلوبها الغني بالصور الشعرية والتعبيرات القوية، مما يجعلها قطعة أدبية مؤثرة تعكس الصراع والألم والتوق إلى التحرر والعدالة.

والان , لنتناول قصيدة “للطريقِ ظلٌّ متكسر” للشاعرة رحمة عناب بطريقة أعمق، ونستكشف دلالاتها وأبعادها المتعددة:

 

الجزء الأول: التعبير عن المعاناة والخيبة

“يا مَنْ في القدسِ وهبتم الروح لأتون اللهب وكَنستم ذُلاّ أغرقَ الأرضَ بالشياطين”

 

هنا، الشاعرة تستحضر مشاهد من الصراع في القدس، حيث يُنظر إلى التضحيات بالموت في سبيل قضايا مقدسة، بينما يتبع ذلك نوع من الاندحار والتشويه، كما يتضح من وصف “كنستم ذُلا”. الشاعرة تُظهِر كيف أن الضحايا قد دفعت أرواحهم ثمناً لحالة من الانحدار والذل، وهذا يعكس خيبة أمل عميقة.

 

الجزء الثاني: التشويه والتآمر

“تتعلّقُ الشعارات على جدران الدسائس تحرقُ ملامحَ القضيّة تشيّعُ قدسيتها لمثوى أخير”

 

الشاعرة تتحدث عن التآمر والتشويه الذي يتعرض له الصراع الفلسطيني، حيث تُعلق الشعارات على “جدران الدسائس” وتُحرق “ملامح القضية”. هنا، هناك إشارة إلى كيفية تحويل القضايا المقدسة إلى مجرد شعارات فارغة عبر الدسائس والمؤامرات، مما يؤدي إلى فقدان قدسيتها.

 

الجزء الثالث: العنف والدمار

“كلّما بلّلت مآذنها ريق عطش الأمنيات امتلأت كؤوسنا بجحيمٍ نازفٍ ينهالُ أشلاءً على أرصفةِ الصباح”

 

هنا، تبرز الشاعرة صورة مرعبة للعنف الذي يحاصر القدس. “مآذن” و”أرصفة الصباح” تصبحان رموزاً للأماكن التي لا تزال تجري فيها فصول المعاناة والعنف. هناك تشبيه بين “كؤوسنا” و”جحيم نازف” يُظهر كيف أن الأحلام والأمنيات تتعرض للتحطيم والدمار.

 

الجزء الرابع: الوحدة والانقطاع

“أنتَ يا سرَّ الغيم و الضيم يا دفق الغيب و العلم”

 

الشاعرة تتوجه إلى شخص أو كيان يمثل الغموض والضيق، وتصفه بأنه يحمل أسراراً وعزلة. هذه الأوصاف تُظهر عمق الحزن والضياع، وتُعبر عن الانفصال بين الواقع والأمل، وتخلق إحساساً بالوحدة وعدم القدرة على التواصل مع الحقيقة.

 

الجزء الخامس: النقد والخيبة

“ما زلت للحبرِ بوحَ أبكم للنفسِ جرحٌ دامعٌ للروحِ سفرٌ مبعثر المسير”

 

هنا، الشاعرة تنتقد حالة الصمت والتجمد الفكري (“بوح أبكم”)، وتُعبر عن الألم العميق الذي يعيشه الأفراد بجرحٍ دامعٍ وسفرٍ مبعثر. هذه الصور تُظهر كيف أن الكيان الثقافي والفكري يعاني من عدم القدرة على التعبير والتحرك.

 

الجزء السادس: التناقض بين الأمل والواقع

“للصباح طيفٌ متكسّر بلا ذنبٍ ولا جريرةٍ”

 

هنا، تبرز الشاعرة صورة الصباح كرمز للأمل الذي يُكسر بلا سبب، مما يعكس الفجوة بين الأمل والواقع المؤلم. يُشير هذا إلى عدم وجود مبرر حقيقي للمعاناة التي يتعرض لها الناس.

 

الجزء السابع: التلاعب والتزييف

“تربصوا الأنبياءَ فيكَ وقد زرعوا تقاويمكَ ألغام الردّة”

 

الشاعرة تتحدث عن كيف تم التلاعب بالقيم المقدسة عبر زراعة “ألغام الردة”، أي الألغام التي تُدمر الإيمان والتفاؤل. هذه العبارة تشير إلى كيف يتم استخدام الدين والسياسة كأدوات للتلاعب والتحكم.

 

الجزء الثامن: الأمل المتجدد

“تعبّئونَ العزَّ في أناشيدَ ملونةٍ علّها تغمرُ أوجاعنا الشاعثة تتكدّسُ في قصائدي المبثوثة مروجاً يانعةً على حدود وطنٍ أثير”

 

في النهاية، تظهر الشاعرة بعض الأمل المتجدد عبر “أناشيد ملونة”، مما يشير إلى محاولة للتغلب على الألم عبر الفن والشعر. “حدود وطنٍ أثير” يُبرز محاولة الحفاظ على الأمل والجمال في وجه الصعوبات، مع الإشارة إلى أن هذا الأمل ما زال حياً، رغم الألم والمعاناة.

 

الخلاصة

قصيدة “للطريقِ ظلٌّ متكسر” تجسد بعمق الصراع والألم المرتبط بالقضايا الوطنية والدينية. باستخدام صور شعرية قوية، وتوظيف رموز دينية وتاريخية، والتعبير عن معاناة إنسانية عميقة، تقدم الشاعرة رؤى متعددة حول الخيبة والأمل والبحث عن الحقيقة في عالم مليء بالتشويه والصراع.

القصيدة :

للطريقِ ظلٌّ متكسر

يا مَنْ في القدسِ وهبتم الروح

لأتون اللهب

وكَنستم  ذُلاّ أغرقَ الأرضَ

 بالشياطين

 تغسلونَ حماقات الذنوب

بطهرٍ مسكوب

 بينما

تتعلّقُ الشعارات

 على جدران الدسائس

 تحرقُ

 ملامحَ القضيّة

 تشيّعُ قدسيتها

لمثوى أخير

ويكَهم .! .

 كلّما بلّلت مآذنها

 ريق عطش الأمنيات

امتلأت كؤوسنا

 بجحيمٍ نازفٍ

 ينهالُ

 أشلاءً على أرصفةِ الصباح

يتسلّقُ

 عذريةَ رايات الصحوة

 ينتهكُ

 حرمة الرقاب الآمنة

 أنتَ  يا سرَّ الغيم

و الضيم

 يا دفق الغيب

 و العلم

 يا مَنْ تعيشُ اليُتمَ بلا مواساةٍ

 يا بيتاً مسافراً

 على متنِ المأساة

 ما زلت للحبرِ بوحَ أبكم

 للنفسِ جرحٌ دامعٌ

 للروحِ

 سفرٌ مبعثر المسير

 للطريقِ ظلّ متكسّر

 بلا ذنبٍ

 ولا

جريرةٍ

 تربصوا الانبياءَ فيكَ

 وقد زرعوا

تقاويمكَ

 ألغام الردّة

 طرّزتَ أرض المُنى

هزائمَ

 استوطنت قمّة تشتت أشم

 فكمْ ركلتنا أوهاماً

 تسكعت

عند جداول  آمالنا الكاذبة . !!!! .

أنتم

يا مَنْ تحرسون بوابة السماء

 ما زلتم

ترمّمونَ

 خريطةَ التاريخ المشوهة

 تعبّئونَ العزَّ

 في أناشيدَ ملونةٍ

 علّها

تغمرُ أوجاعنا الشاعثة

 تتكدّسُ

 في قصائدي المبثوثة

مروجاً

  يانعةً

 على

حدود

وطنٍ أثير ..