لشخصية القاريء ومن يقوم بمهمة الخطابة والتوجيه وجمالية صوته وعذوبة شجنه اللحني ، وتكامل شخصيته دورا كبيرا في التأثير في شخصيات الآخرين ، وفي القدرة على لفت الانظار وكسب القلوب ، وفي غرس القيم والمفاهيم المعرفية، في أي ميدان كان، وبخاصة في المنابر ذات الطبيعة الدينية ، وفي شهر رمضان على وجه التحديد، بل أن الامر ينطبق على أي نشاط من هذا النوع وفي أي وقت كان!!
وقد قيل ان الله تعالى جلت قدرته جميل يحب الجمال، وجمالية الصوت وعذوبته لها تأثيرات كبيرة في انقياد الجماعة او الرأي العام نحو تلك الشخصية، في ان ما وهبها الله من تلك الخصال الطيبة تكون زاده في كسب القلوب والسيطرة على أفئدة الآخرين وفي القدرة على غرس القيم الايجابية وسهولة وصول الافكار وتقبلها ورسوخها في القلب والضمير، لكي يقودهم بالاتجاه الذي يزيد من فاعلية الانقياد نحو الايمان بالله ورسله ومباديء القران وكل القيم الخيرة التي يسعى المصلحون لغرسها في الناشئة والكبار حتى بضمنهم من يمتلكون مواهب القيادة في مجالات مختلفة، في ان تجد لتلك الشخصيات القادرة على جذب الأسماع والانقياد لها حضورا كبيرا في أوساط الراي العام، شرط ان تكون توجهاتها إيجابية سمحة لاتغوص في مجالات خارج اختصاصها، ويكفيها البساطة والالمام بمهام عملها لكي تبقى هي المؤثرة والمتحكمة في مسارات قيادة الراي العام ضمن قطاعها!!
ما أردت أن اقوله عن سحر التأثير الفاعل في الآخرين هو طبيعة جمالية الصوت الرخيم للخطيب أو القاريء او من يريد توجيه رسالته الى الرأي العام ، وتلك الخصال الجميلة هي من تتحكم في أهواء البشر، وتكون لديها القدرة على لفت الانظار وغرس القيم الجمالية في نفوس الكثيرين الذين يرون في الأصوات الرائعة ما يهز وجدانهم وشجنهم ، ويرتفع بهم مقامات الى العلى، وكأنه يطير بهم ، في رحلة طيران جمالية تسحر القلوب وتريح الأفئدة وتشعرهم بالانقياد لهذا الصوت الجمالي الرخيم ، وقد وهب الله تلك الشخصيات الموهوبة قدرات كبيرة في ان تجد الكثيرين وقد استمتعوا بجمالية الصوت وعذوبة اللحن ، وما يبثه الخطيب او المرسل للرسالة من ( ثيمات) فكرية ومنهجية وإسلوب سلوك وتوجيه، وهذه مهمة من وهبه الله تلك القدرات الخارقة في سحر القلوب، ويكاد يشبه الى حد ما مع فارق التشبيه (مطرب) أجاد أروع انواع الغناء وأطرب الآخرين بسحر صوته وجمالية إسلوبه العذب ، بحيث تنقاد القلوب بلا تكلف او تصنع لتلك الجمالية العذبة، طبعا مع فرق التشبيه، ولكن لوجود علامات تقارب في التوجهات والرؤى بين الإثنين، ما يعني ان شخصية الخطيب او القاريء للقران ورخامة صوته وقدرته على شحن الكلمة بالمشاعر والاحاسيس والانفعالات ، وهو يجيد تلك المهنة بإتقان وموهبة فريدة ، هي من تجعل الاخرين ينساقون لها دون دراية!!
أما القاريء او الخطيب العادي الذي لايجيد مثل تلك القدرات (الخارقة) فتكون قدرة تأثيره أضعف وأقل لدى الآخرين، حتى لو امتلك شهادات عليا في مجالات الاختصاص، وبإمكان شخص بسيط، لديه مؤهلات بسيطة لكن لديه ملكة الحفظ والاطلاع ، وموهبة الصوت الجميل، فأنه أي الأخير هو من يكون له السبق في لفت الانظار لما يقول وفي إحداث التاثير في الآخرين وفي قدرته على تطويع كلماته وصوته العذب، ليجعل من الآخرين مستمعين جيدين ، ان لم يكن منساقين معه وإياه انسياقا تاما، يشعرهم بخفقان القلوب وسحرها يوم تذوب فيها أفئدتهم ، وتحيلها جمالية صوته العذب ورخامته الرقيقة السمحة لكي تنزع عنها كل المشاعر السلبية بالاتجاه الذي يزيد من غرس القيم السماوية الايجابية، ويجعها أكثر استقرارا في النفوس وفي الوجدان!!