23 ديسمبر، 2024 4:06 م

جلسة في مضيف عراقي

جلسة في مضيف عراقي

الإصلاح السياسي والإجتماعي، ليس هروباً من مطالب المضحين، ولا تلوّن برداء الشياطين وضحكاً على الباكين، وإنسجاماً مع المتباكين، ولا إنسحاب من المجابهة بلغة المنبطحين.
أقل ما يقدم من وفاء لدماء الشهداء والتضحيات الجسيمة، أن يعود الساسة وكبار القوم بالمجتمع؛ الى العقل والمرونة والحكمة.
إحتراماً لمباديء الإنسانية، والى قاعدة نضع جذورنا فيها ونسميها وطن، ونصبح كأشجار بستان جمالها بتعددها وتلونها، و تتمايل أغصانها مع نسيم وطن في يوم ربيعي، وتنفتح أزهار الرخاء والمحبة والألفة.
تحيط النار بالوطن في هذه الأيام، وتحني أشجاره رياح مظلمة تحتمي بسماء ملبدة وهواء مسموم، لتخلط أوراق الأغصان، وتجعلها في عراك، يصدم بعضها بأخيه، ومن به شيء من النار، يلتف على من بجنبه ولا يلتف به، فيُحترق العودان وماء دجلة والفرات بهما؛ يتحول الى بخار يطير الى عواصم بلدان الثلوج، وينجمد على أرضها ويسقي أشجار تزدهر ؛ [أحلى ماء خلق في الكون، لكن أشجاره ماتت واقفة محترقة، وضاع وطن لا أحد يطلب بثأره؟!
نظريات إنسجمت مع خط عالمي إستراتيجي الى تجزئة الأجزاء، وتقطيع الأعضاء، وتسميم الأمعاء، وإيجاد داء ليس له دواء، وترمي في طريق مجهول كثير الأعباء والإعياء، وتُسجل خسارتنا فيه من نقطة الإبتداء.
معظمنا يحلو له أن يكتب إرتباط لقبه بعشيرته، لما يرى من أن لها حذور تمتد من حيث كان الوطن فتات للغزاة، فجمعه صوت العقل الذي أنطلق من الدواوين وعلى روائح القهوة والكرم، والإيثار لدفع الضيم، والثأر لصوت أمرأة تستنجد بغيرة أهلها، وعقال عشيرتها.
نعم وقع العقال، حين إنتشرت الوحوش وهي تنهش في جسد الوطن، ويمرغ شرف البلاد أقذار الزمن ، ولابد من البحث طويلاً؛ لإيجاد رؤية واضحة وشاملة لمرحلة ما بعد داعش، وما تخلفه من ثارات ونزعات وثقافات، ومسؤول من يحترم نسبه وعشيرة، أن يكون طرف في وأد المشاكل للعودة الى وطن آمن مأهول.
السلاح وحده لا ينهي الإرهاب، وبدون علاقات إجتماعية وسياسية وبناء إقتصادي، لا تستطيع الأطراف الإلتقاء في نقطة منتصف دائرة؛ تدور كالدوامة بمشكلاتها، فأذا وقفنا ولم نشارك في صنع القرار؛ حتما سننتظر الأقدار ولا ننجو من نار تحطم كل جدار للأخوة.
أرخت دواوين ( المضيف العراق)، تاريخ ماضي؛ يسبق حداثة الحاضر، وكان محطة لكسر الخلافات والإجتماع لوحدة الوطن.
العشيرة من حيث ننتسب وتحتضننا، يجب أن تكون ركيزة بناء مجتمع، وتعتبر الدم العراقي دم كريم يعطي من يحتاج المساعدة الإنسانية، وتنمع أجسامه المضادة،كل عدوان وصراعات وتشخضي مخطط له، وأن عشيرتنا أرض الوطن، وبها تمتد جذورنا، وبدون دجلة والفرات لا تزدهر أغصاننا، لكن مشكلتنا أن بعض ساستنا لا يعرفون أن الطريق الوحيد الباقي للنجاة، هو مراجعة أفعالهم وإنتهاج الإصلاح السياسي والإجتماعي، وليجتمعوا بجلسة في مضيف عراقي بمعانيه الأصيلة.