والغجر في العراق يطلق عليهم الكاوليّه، وهذا الكلب الذي ضرب به المثل فقالوا: ( مثل جلب الكاوليه)، لا يعرف له مالك أو صاحب، فهو يذهب مع أي احد يمر به، أو يحاول يطعمه أو يقربه، ومن المعروف أن ضيوف الغجر كثيرون، ولهذا لا ترى كلباً في مضارب الغجر يثبت في مكانه ، لأنه سرعان ما يغادر البيت مع احد المارة او الضيوف، دارت في الآونة الأخيرة إشاعة وربما تكون حقيقة من أن ملايين الفنانة الغجرية المعروفة صاحبة القوام الممشوق والحركات الرائعة، خصوصا وهي تحمل خنجرين وترقص بهما، أشيع أنها تريد أن ترشح للانتخابات أو ترشحت بالفعل مع إحدى القوائم المعروفة، والبعض يعتبر أن هذا الأمر هو فضيحة للقائمة، ولا يعرف بأنه فضيحة لملايين، وأنا اعتب على الجميلة التي أسعدت الشعب العراقي بفنها الغجري العريق، والومها كيف تسمح لنفسها أن تدنس تاريخها مع مجلس سرق العراق ووضعه في الحضيض خلال دوراته المشؤومة، المجلس الذي خلف المستشفيات تفتقر الى ابسط المقومات الإنسانية، ساعات تمر على المريض وهو ملقى كقطعة فائضة من الأثاث العتيق لا احد يقترب منه، وحتى ان اقترب فلا يدفع ضيما ولا ينفس عن مكروب، المجلس الذي جعل من الفوضى نظاماً لديمقراطيته الجديدة، فقضى على كل المساحات الخضراء وصادر الأرصفة وممرات تلاميذ المدارس الصغار، المجلس الذي أثرى على حساب الشعب، والنائبة التي تضع رأسها على المنضدة وتنام مدة الجلسة لتستيقظ لترى أباها ينتظرها بسيارته في المرآب ويقلها الى البيت، وتتسلم 47.5 مليون دينار شهرياً فقط، فقد وفرت مرتبات الحمايات الذين لم تعينهم.
الجواهري الكبير مدح الغجر في قصيدة رائعة لقب على أثرها من قبل طه حسين بشاعر العرب الأكبر، فقد مدح الراقصة عبدة الغجرية في مدينة العمارة، وأشار البعض ان المديح كان للمطربة او المطرب مسعود عمارتلي، وهذا خطأ كبير، فقد كانت مسيعيدة دميمة وغير جميلة ولا يمكن ان يخالف الجواهري ذائقته المرهفة فيكيل صفات الجمال لمسعود العمارتلي، ومن ضمن ابيات القصيدة:
أعبدة يا ابنة الطربِ………ويا معسولة الشنبِ
ويا معزولة النصفين………… مبتعدٍ ومقتربِ
ويا مهزوزة الخطوات.. لم تخطىء ولم تصبِ
هذا الجواهري الكبير يمتدح رقص عبدة ويكيل لها الصفات الرائعة، وانا على ثقة لو ان الجواهري رأى ملايين وهي ترقص لقال بها قصيدة تهز العراق من شماله الى جنوبه، ولكان لقب على أثرها بشاعر العراق والعالم، لما يمتلك العالم من نظرة تعاطف مع الغجر فقد تاه من قبل لوركا في مضاربهم، والغجر او الكاوليه امة ظلمت في العراق، لأنهم حرموا من التعليم والتعيين ومنعوهم من امتلاك الجنسية العراقية، سمحوا لهم بالرقص ومزاولة بعض الأعمال اليدوية البسيطة فأبدعوا، وابدعت نساؤهم في الرقص والغناء، أتمنى من كل قلبي ان تكون ملايين قد رشحت للانتخابات وانا بأوج مقاطعتي لهذه الممارسة العظيمة والتي أصبحت ممارسة غبية في العراق، سأنزل من علياء عزلتي لانتخب ملايين مع يقيني انها ستلوث نفسها بهذا المجلس بعد ان كانت فنانة موهوبة وراقصة لا يشق لها غبار، وهي غجرية وتعرف ان كلب الغجر لا يمكن ان ينتظر ليلة كاملة او يوما كاملاً امام خيمة او بيت ، ولا يمكن له الا ان يغادر مكانه مع احد المارة ، ولذا قالوا مثل جلب الكاوليه، وهؤلاء سوف يغادرون بزفة عاجلاً أم آجلاً..